فيصل كرامي: لبنان لن يقوى على مواجهة الزلازل اذا لم يتحصن بالوحدة الوطنية

رأى وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي "ان كل السجالات الراهنة وكل المواضيع الخلافية وكل المستجدات غير المألوفة من رفض للحوار ومقاطعة للحكومة وللعمل البرلماني وكل الشحن الطائفي والمذهبي، انما هي مقدمة للمعركة الانتخابية التي ستجري عام 2013".

ولفت الى ان "الانتخابات المقبلة ليست على قاعدة من ننتخب، 8 أو 14، بل من ننتخب: الانقاذ أو الانهيار"، داعيا اللبنانيين الى "اختيار الانقاذ من سياسات اقتصادية واجتماعية الخاطئة والظالمة جرى اتباعها منذ نحو 20 سنة، وأدت الى افقار لبنان وجعلتنا رهينة دين عام مرعب وحولت طرابلس الى مدينة ملحقة وهامشية ومخطوفة القرار السياسي".

وأكد أن "لبنان لن يقوى على مواجهة الزلازل اذا لم يتحصن بالوحدة الوطنية واذا لم يسارع الى معالجة مشاكله الاجتماعية المتفاقمة بعيدا عن العناوين الاقليمية والدولية المفتعلة التي لا يؤخر ولا يقدم فيها شيئا"، وشدد على "ضرورة انتخاب لبنان وهذا يعني أن ننتخب القيم التي تؤسس لبناء مجتمع الحداثة والرقي ووطن الرسالات".

كلام الوزير كرامي جاء خلال رعايته حفل العشاء السنوي للنادي الكرملي لكرة السلة التابع لمعهد الآباء الكرمليين ـ الطليان في طرابلس، وذلك في مطعم الفيصل القلمون بحضور رئيس نادي المتحد أحمد الصفدي ممثلا الوزير محمد الصفدي، رئيس بلدية البداوي حسن غمراوي، رئيس قطاع الشباب في جمعية العزم والسعادة ماهر ضناوي، رئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة جورج بركات، رئيس اللجنة الأولمبية اللبنانية لكرة السلة جان همام، رئيس النادي الكرملي الفخري الأب كارمالو فنيانوس، الرئيس الاقليمي للرهبانية الكرملية في لبنان الأب مخول فرحا، رئيس مدرسة مار الياس الطليان الأب انطوان زيادة ومدير المدرسة جوزف يرق، ورؤساء الأندية الرياضية وشخصيات اعلامية وتربوية.

بعد النشيد الوطني والنشيد الكرملي، رحب عريف الاحتفال المربي موريس الفرزلي بالوزير كرامي والحضور، وقال: "في هذا اللقاء العائلي أتمنى أن ننجح في ايصال صوتنا ورسالتنا للمسؤولين حتى تعود الحياة الرياضية الى سابق عهدها والى الأفضل ونحن على ثقة بأنها بين أيد امينة أيدي ابن العائلة العريقة في تاريخ طرابلس، انه معالي الوزير الخريج الكرملي فيصل عمر كرامي، وما وجودك بيننا معالي الوزير اليوم شابا طموحا راعيا هذا اللقاء الا برهان على أنك خير من يحمل شعلة الرياضة في وطننا".

ثم القى نائب رئيس النادي الكرملي هادي غمراوي كلمة، شارحا مسيرة النادي الكرملي و"انجازاته الرياضية بعيدا عن الربح والخسارة والانحياز للأخلاق الرياضية لبناء وطن معافى"، شاكرا للرئيس نجيب ميقاتي وللوزير فيصل كرامي دعمهما لمسيرة النادي الكرملي.

تلاه الأب مخول فرحا، شاكرا للوزير كرامي رعايته وحضوره، ومشيدا بدعمه وعطاءاته للشباب والرياضة، وقال: "انها لمناسبة فريدة كي أتوجه الى راعي الحفل معالي وزير الشباب والرياضة الوزير فيصل كرامي بالشكر، فرحنا بحضوركم فرحتين. لقد أيقن الآباء الكرمليون منذ البدء أهمية الرياضة في التربية، وكيف يمكن للرياضة أن تلعب دورا مهما في صقل شخصية أبنائهم الكرمليين. ومن هنا تأتي اهمية النادي الكرملي الذي كان يحظى بمكانة مهمة على صعيد لبنان عامة والشمال خاصة، لقد فاز النادي ببطولة كرة السلة في لبنان في عهد فخامة الرئيس الراحل سليمان فرنجية، كما كان النادي بطل الشمال لجميع الفئات العمرية لأكثر من عقد من الزمن، كما كان بطلا لكرة الطاولة لسنين كثيرة، وخرج رياضيين مشهورين يتبوأون اليوم مناصب رياضية مهمة. ولا بد هنا من أن نثمن ونقدر الجهد الرائع الذي قدمه لسنوات طوال رئيس النادي الفخري الأب كرمالو فنيانوس هذا النجاح لنادينا لم يأت من فراغ، بل من جهود مدروسة تستحق الشكر والتقدير، فمن العدل والانصاف عدم تجاهل تلك الجهود الجبارة التي بذلها أبونا كرمالو، فهو لم يكل من العمل الدؤوب المتواصل، ومن الجولات الميدانية، ومن الدعم المعنوي والمالي المستمر الذي أوصل فريق كرة السلة الكرملي الى مراتب متقدمة".

أضاف: "في هذا العشاء العائلي للنادي الكرملي، لا بد لنا من أن نتوجه بكلمة شكر لراعي الحفل معالي وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي، ففرحتنا بحضوركم فرحتين، فرحة اللقاء بكم وزيرا شابا للشباب والرياضة وفرحة اللقاء بتلميذ من قدامى مدرستنا، جلس على مقاعدها وركض في ملعبها، وتخرج من على مسرحها، فأهلا بكم في بيتكم وضمن عائلتكم الكرملية، يا معالي الوزير، ونحن من الشاكرين لكم على حضوركم، وللدعم المعنوي والمالي الذي تدعمون به الأندية الرياضية في لبنان عامة، وفي طرابلس خاصة. أدامكم الله ومدكم بالصحة والشباب كي تدعمون دائما الرياضة والشباب في لبنان، فشكرا لحضوركم".

وختم: "كما أتوجه بالشكر، باسم الرهبانية الكرملية في لبنان، الى دولة الرئيس نجيب ميقاتي الذي أخذ على عاقته، منذ سنوات عدة، دعم الشباب والرياضة والأندية في مدينة طرابلس الفيحاء، ودعم النادي الكرملي ماليا ومعنويا، فلولا محبته ومساهمته ودعمه للنادي الكرملي لما استمر وتطور ووصل الى ما هو عليه، فشكرا لكم يا دولة الرئيس".

كرامي

وكانت كلمة الختام لراعي الحفل الوزير كرامي الذي قال: "أيها الآباء الأجلاء، أيها الكرمليون، أنا ابن هذه المدرسة العريقة، والمدرسة عائلة ثانية، واني أشعر في هذه اللحظات انني في بيتي الكرملي متهيبا شأني شأن التلامذة الوقوف أمام رمز من رموز الرسالة الكرملية هو الأب كرمالو فنيانوس الذي خاطب طلابه ذات سنة قائلا لهم: "كونوا حيثما حللتم، كما عهدتكم، فراخ نسور تحقق أحلامها في القمم الشماء"، والحق أن "Pere Carmello" كون على مدى 60 عاما عائلة شاسعة من الطلاب الطرابلسيين والشماليين لا يزال الآلاف منهم على اتصال وتواصل معه، وبينهم وزراء ونواب وأطباء ومهندسون ورجال أعمال وأدباء وصحافيون، أضاؤوا للمدرسة الأم التي أسهمت في صناعة الرجال شعلة لا تنطفئ.
واني بكل اعتزاز أقر بأن كل مبادئي وثوابتي الوطنية والأخلاقية استقيتها من بيتي الكرامي ومن بيتي الكرملي، فكان لي مجدان".

أضاف: "ان التجربة الكرملية في طرابلس تجسد في ماضيها المتجذر في التاريخ وفي حاضرها المشرق، المضمون الانساني الراقي لمفهوم العيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين في لبنان. وإني أشعر حقا بالفخر أن هذه التجربة احتضنتها طرابلس بدءا من أواخر القرن الثاني عشر حين افتتح الكرمليون مدرستهم الأولى في منطقة باب الرمل، ثم انتقلت الى الميناء، ثم الى جوار قلعة طرابلس في أبي سمراء، لتستقر المدرسة في مركزها الحالي في الزاهرية منذ حوالي 150 سنة. لا شك أن هذه التجربة خاضت صعوبات وتحديات سواء قبل استقلال لبنان أو لاحقا أثناء الحرب الأهلية التي تشكل محنة وطنية كبرى في تاريخ لبنان، لكن الكرمليين صمدوا وقاوموا وتمسكوا بتاريخهم الطرابلسي العريق، وحسبي أن أذكر أن الأب كرمالو تعرض للخطف عدة مرات وهو حين يستذكر هذه المحطات القاسية يقول: "كنت كل مرة أرجع الى مدينتي ومدرستي معززا مكرما". وهكذا استمرت "الطليان" صرحا شامخا في قلب طرابلس يستقبل أبناء معظم الشرائح الاجتماعية في المدينة، ولم يتوقف فيها نهج العلم والمعرفة وبناء الأجيال وترسيخ القيم الوطنية. وهي الى ذلك تميزت بالريادة في الكثير من المجالات، ففيها تأسس أول مسرح مدرسي وتأسست أول فرقة موسيقية وأول فوج كشاف وأول نادي كرة سلة وأول مجلة مدرسية. وفيها ومعها انقلب المثل الشائع ليصبح "الحق مع الطليان". ولكن أيها الأصدقاء ان تفخروا بمدرستكم التي تحمل رسالة الشرق شأنها شأن الرسالة الكرملية التي انطلقت من جبل الكرمل في الأرض المقدسة في فلسطين ومنه انتقلت الى الغرب وسائر أنحاء العالم".

وتابع كرامي: "اسمحوا لي أن أختصر لكم ما يجري في السياسة المحلية اليوم بجملة واحدة: لقد بدأت الانتخابات. وبكل أسف ومرارة أصارحكم بأن كل السجالات الراهنة وكل المواضيع الخلافية وكل المستجدات غير المألوفة من رفض للحوار ومقاطعة للحكومة وللعمل البرلماني وكل الشحن الطائفي والمذهبي، انما هي مقدمة للمعركة الانتخابية التي ستجري عام 2013، علما أن لبنان مهدد في وجوده ومصيره على كل المستويات قبل أن نصل الى عام 2013. وهنا، لن أقلل ابدا من شأن الاخطار الكبرى التي تهدد لبنان في ظل صراع دولي واقليمي جعل من الشرق الأوسط منطقة مشتعلة ومفتوحة على كل الاحتمالات. ولكن، وبكل واقعية، أقول ان بلدا مثل بلدنا لن يقوى على مواجهة الزلازل اذا لم يتحصن بالوحدة الوطنية بين مكوناته السياسية والطائفية، واذا لم يسارع الى معالجة مشاكله الاجتماعية المتفاقمة بالشكل الذي يحفظ الحد الأدنى من البنية الاجتماعية السوية القادرة على مواجهة الأزمات. وفي هذا المجال أسأل الناخبين قبل المرشحين، وفي طرابلس تحديدا: هل أنتم موافقون على العناوين المفروضة عليكم والتي على أساسها سيتم خوض انتخابات 2013؟ يعني، هل حقا انتخابات طرابلس تقوم على المشروع النووي الايراني وسلاح المقاومة والأزمة الدامية في سوريا اضافة الى استعادة مسلسل التخوين والاتهامات السياسية وصولا الى الخناقة المعيبة الدائرة بشكل علني على المقاعد النيابية وأي طائفة تستطيع أن تخطف من الطائفة الأخرى عددا أكبر من المقاعد وما هو القانون الأنسب الذي يرعى عمليات الخطف والتشبيح ضد بعضنا البعض؟ جوابي الحاسم والجازم ان الطرابلسيين ليسوا فخورين بهذه العناوين التي تطغى على الخطاب السياسي والانتخابي. بل وبكل صراحة فأن الطرابلسيين يدركون أنهم لا يملكون تغيير شيء في هذه المعادلات الاقليمية والدولية.
والأهم ان العناوين الحقيقية غائبة عن المشهد واستعرض بعضها مما جاء في دراسة حديثة للاسكوا وبالأرقام:
ـ 51 بالمئة من سكان طرابلس مدخولهم لا يتجاوز 4 دولارات في اليوم.
ـ نسبة الأمية في المدينة تبلغ 11 بالمئة.
ـ 73 بالمئة من العائلات الطرابلسية ليس لديها تأمين صحي.
ـ 70 بالمئة من سكان المدينة يشربون من "الحنفية" وما أدراكم ما الحنفية.
ـ 20 بالمئة من السكان لا يملكون وسائل تدفئة في منازلهم.
ـ 25 بالمئة من العائلات يقل مدخولها عن 500 دولار شهريا.
ان هذه الأرقام يجوز تعميمها على معظم مناطق لبنان وان بنسب أقل احيانا، ولكنها في نهاية المطاف تعبر عن مجتمع مأزوم يتآكل وينهار، وعن دولة عاجزة عن القيام بدورها، وعن وطن يفقد يوما بعد آخر قدرته على البقاء والصمود".

وأردف: "لعلني لا أجافي الحقيقة، ولو كانت مرة، اذا قلت ان الانتخابات المقبلة ليست على قاعدة من ننتخب، 8 أو 14، بل من ننتخب: الانقاذ أو الانهيار. وأنا أدعوكم الى انتخاب الانقاذ. وليكن الانقاذ انطلاقا من الأرقام التي جاءت في دراسة "الاسكوا"، والتي تشكل في المحصلة نتيجة مؤسفة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة والظالمة التي يجري اتباعها منذ نحو 20 سنة. انها سياسات افقرت لبنان وجعلتنا رهينة دين عام مرعب ندفع كلفة فوائده السنوية ما يتجاوز ثلث الدخل القومي، فضلا عن ملحقات هذه السياسات التي أدت الى تراجع وانكماش في الانتاج وانعدام فرص العمل وغياب الاستثمارات، وقد نال طرابلس النصيب الأكبر من هذه الأثمان بسبب المبالغة في تهميشها والغاء دورها واختطاف القرار السياسي فيها على مدى كل تلك السنوات. ودعوني أصارحكم بأن الحكومة الحالية حققت انجازات نوعية عبر تفعيل العمل الاداري والدبلوماسي ومؤخرا عبر تعيين هيئة ادارة قطاع البترول وهو القطاع الذي يشكل الأمل الجدي لهذا البلد للخروج من التفليسة الكبرى التي يدور في حلقاتها المفرغة سنة تلو سنة. ولكن، مع ذلك، فان الحكومة لا تستطيع وحدها أن تجترح المعجزات (ولن يصلح العطار ما أفسده الدهر)، والتغيير الحقيقي والفاعل يكون عبر الانتخابات النيابية التي تعيد تكوين الحياة السياسية والمؤسسات الدستورية على أسس جديدة تتلاءم مع حجم الأخطار الداخلية والخارجية التي نواجهها.
ان المطلوب من الانتخابات ومن أي قانون انتخابات تسهيل تحرير لبنان من السياسات الفاشلة التي نتخبط بها، وقد آن الأوان لمدينة بحجم وأهمية طرابلس أن تستعيد عبر الوسائل الديمقراطية قرارها السياسي المخطوف، وان تحظى بكتلة برلمانية تعتبر هموم ومشاكل المدينة أولوية وتطلق مسيرة عمل ونضال لاستعادة الحقوق وتفعيل المسار الانقاذي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي".

وختم كرامي: "انتخبوا لبنان، وانتخاب لبنان لا يحتاج هذه المرة الى انتخاب رجال ونساء استثنائيين حصرا، بل هو يحتاج بالضرورة الى شعب استثنائي يستحق هذا الوطن الاستثنائي. نعم، ان انتخاب لبنان يعني ان ننتخب القيم التي تؤسس لبناء مجتمع الحداثة والرقي ووطن الرسالات. واني اذ اشكر حفاوتكم ومحبتكم، أختم بما تعلمته في بيتي ومدرستي، وهو أن الحياة التزام ووفاء ونضال لا ينتهي من أجل القضايا التي نؤمن بها".

وفي الختام، قدم الأب فنيانوس والأب فرحا وادارة المدرسة دروعا تقديرية للرئيس ميقاتي وللوزير كرامي ولاحمد الصفدي ولرئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة جورج بركات وأخذت صورا تذكارية بالمناسبة.   

السابق
اجتماع ل”أمل” و”حزب الله” في الجنوب: عاشوراء مناسبة للوحدة والحوار قدر اللبنانيين
التالي
زمن العمى: اليافطة تقتل والفساد يُحيي