سـلامـة الانتقـال المـدرسي مسـؤوليـة الجميـع

سبعمئة وخمسون طفلاً توفوا في لبنان العام الماضي، نتيجة تعرضهم لحوادث مختلفة، وفق إحصاء أجرته «منظمة الصحة العالمية». بينهم نحو خمسة وعشرين في المئة من الأطفال، توفوا في حوادث السير.
وأعلن رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية عماد الأشقر أن مليون تلميذ وطالب، ينتقلون يومياً من منازلهم إلى مدارسهم في حافلات وسيارات لا تستوفي معايير السلامة المطلوبة.
مع ذلك، لم يطبق القانون 551 المتعلق بوسائل نقل التلامذة، ويلزمه جرعات جديدة، تولتها كل من جمعيات «اليازا» و«لاسا» و«أوتو اكسبرت»، فأطلقت حملة توعية لسلامة الانتقال المدرسي للعام الثالث على التوالي، بالتعاون مع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، تضمنت إصدار دليل لسلامة الانتقال، للمرة الأولى في لبنان، وتمنت على المدارس ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، المساهمة معها للحد من المخاطر التي يتعرض لها التلامذة، في ظل اجتياح فوضى السير.
رفع في الحملة شعار «الحمد لله.. في سلامة»، بدلا من مقولة «الحمد لله على السلامة»، ووضعت خمس تعليمات رئيسية للتلامذة هي: «طلاع بباص آمن!»، «ما تنسى حزام الأمان!»، «يا شوفير ما تدعس بنزين!»، «احترم شارات السير!»، «انتبه لما تقطع الشارع!» و«انتبه من القطعة!».
وأوضح الأشقر أن ما يمنع تطبيق القانون وجود تداخل في الصلاحيات بين كل من وزارات التربية والصحة والداخلية في موضوع سلامة التلامذة، وذكر بأن القانون ينص على ضرورة وجود مرافقين لسائقي الحافلات المدرسية، لكن ذلك القرار تعرض للانتقاد تحت عنوان أن توظيف مرافق للسائق سيزيد من قيمة الأقساط المدرسية. وهناك مشكلة في النقل الخارجي، أي الحافلات والسيارات غير المعتـــمدة لدى إدارات المدارس، إذ ترفض بعض المدارس دخول الحافلات والســـيارات إلى باحاتها. وقال إن ابنته تعرضت لحادث عندما وضعها ســائق الحافلة في الطريق، ولم يكن أحد موجوداً ليقلها إلى المنزل.
وقال قائد درك السير في بيروت العقيد محمد الأيوبي إن القانون 551 صدر في العام 1996، وتأخر صدور المراسيم التطبيقية الخاصة به حتى العام 2010، أي بعد أربعة عشر عاماً على صدوره. وهناك توصيات جديدة لتعديل القانون والمراسيم التطبيقية من دون تطبيق القديمة.
ولدى سؤاله عن الإجراءات التي تتخذ بحق الأهالي الذين ينقلون أولادهم على متن الدراجات النارية، أعلن أن أقصى العقوبات المتخذة هي سحب الدراجة من السائق، من دون محاسبته شخصيا.
ومن عناصر فقدان الأمان في حافلات المدارس، عدم وجود أحزمة أمان ومساند الرأس، وقدم الحافلات بفعل الاستهلاك. وأكد المدير العام لـ«أوتو اكسبورت» وليد كرباج أن المسؤولية تقع على الجميع من أهل، ولا سيما لجان الأهل التي أصبحت فخرية، ومدرسة وسائقين وعناصر قوى الأمن.
ولأن الأهل هم المعنيون أولا بسلامة أبنائهم، أعلن رئيس «اللجنة اللبنانية للوقاية من الحوادث المدرسية» جو دكاش أن بعض الأهالي يضعون أولادهم في أحضانهم، وهم يقودون السيارات، بدلاً من وضعهم في المقاعد الخلفية، ومن يضع ابنه في حضنه، فهو حتماً غير مهتم بوجود حزام أمان في الحافلة التي تقله إلى المدرسة. وتلعب البلديات دوراً مهما في تأمين الشرطة البلدية لمساعدة الأطفال في قطع الطرق، وفي تأمين أرصفة يستطيعون السير عليها. ورأى أن تلك مسائل كبرى، تعبر عن مدى رقي البلد أو تخـــلفه، موضحاً أنه في كندا تطور الاهتمام بسلامة الأطفال إلى درجة منع فيهـــا الرجال من قيادة حافلات المدارس، لأن النساء أكثر عاطفة تجاه الأطفال.
وأعلن مسؤول «اليازا» زياد عقل أن آخر طفل أصيب في حادثة حافلة كان في بلدة جدرا منذ يومين. وقال إن حملة سلامة الانتقال المدرسي تنطلق بعد حملة مواكبة قانون السير الجديد. وقال إنه في لبنان يتم الخلط بين المشاة والسيارات، وذلك خطر جداً، وفي المدارس يتم خلط المشاة مع الحافلات مع التلامذة.
أضاف أن عدداً من الدول الأوروبية وكندا أصبحت تعتمد إجازة قيادة استثنائية، تعطى لخيرة السائقين من أجل توظيفهم في حافلات الانتقال المدرسي، ويتم اختيار هؤلاء من بين السائقين الحاصلين على إجازات القيادة المحلية والدولية. ويترتب على كل سائق يرى أمامه «منطقة مدرسية»، خفض سرعته فورا إلى ثلاثين كيلومترا في الساعة.
وفي بلادنا، لم يحصل أن اعترف حـــتى الأهــل بارتكاب أخطاء تجاه أولادهم. وحده المواطن بســـام خريش، خرج وأعلن أنه أخطأ، وأن طفله توفي بسبب عدم وضعه في كــرسي الأمان.
وستسعى الجمعيات من أجل تعميم التوعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. بينما أدرجت «الجامعة اليسوعية» ضمن منهاجها المدرسي، اختصاص السلامة المرورية، نظرا لأهميته في عصرنا الراهن، وخصوصا في لبنان، ويتم الاثنين المقبل تخريج أول دفعة لسائقي الحافلات المدرسية، وعددهم ثلاثة وسبعون سائقاً.
  

السابق
أميركا والشرق الأوسط: السنوات الأربع المقبلة
التالي
خليل: الأدوية المشبوهة ضبطت في المرفأ والصيدليات والمستودعات