المستقبل: هيئة التنسيق” تتهم ميقاتي بنقض وعوده.. وسلامة يحذر

انطلقت هيئة التنسيق النقابية من نجاح الإضراب الذي نُفِّذ أمس، لتعلن الذهاب إلى سياق تصعيدي في مواجهة حكومة "حزب الله" التي يرأسها نجيب ميقاتي، وصولاً إلى الإضراب المفتوح إذا ما ظلّ موضوع سلسلة الرتب والرواتب على حاله من التمييع والمماطلة والتسويف.. علماً أنّ ميقاتي اختبأ وراء شعار "الاستقرار النقدي" لتبرير تراجعه عن وعوده في هذا الشأن، وهي الوعود التي وضعت في المحصلة البلاد أمام مأزق مالي واقتصادي واجتماعي كبير وخطير.

لكن في موازاة ذلك، كانت القراءة السياسية لإنجاز التعيينات في بعض المواقع والمراكز وآخرها ما يتّصل بهيئة إدارة القطاع النفطي، تذهب إلى وضع ذلك في اطار استعجال أهل الحكومة في ترتيب شؤون المحاصصة بينهم قبل استقالتها.

وقال عضو كتلة "المستقبل" النائب غازي يوسف "إنّ الحكومة ترى أنّ رحيلها بات قريباً جداً، ولذلك تمرّر التعيينات بالمحاصصة والمحسوبية". ووصف ما يحصل بـ"المعيب" وقال لـ"المستقبل" إنّ "ما تحدّث عنه رئيس مجلس النواب نبيه برّي في شأن الترويكا يعود اليوم ليحطّ على طاولة مجلس الوزراء، وهذا أمر مخجل، رغم انّ بعض الوزراء اعترض على طريقة التعيين لأنّها لم تكن مرفقة بسيَر ذاتية ولا بالأسماء المطروحة، ولم يعرف أحد كيف تمّت المقابلات والتقويمات للوصول إلى هذه الأسماء".

الإضراب.. وما بعده
على أي حال، فإنّ الإضراب الذي دعت إليه هيئة التنسيق النقابية، كان شبه شامل لمعظم الإدارات والهيئات والمؤسسات التربوية، وهو بحسب ما أعلنت الهيئة "ليس سوى مقدّمة للخطوات التصعيدية اللاحقة التي ستنفّذ في مواجهة المماطلة والتراجع عن الاتفاقات والتعهدات، داعية هيئاتها إلى مناقشة التوصية بتنفيذ "أشكال التصعيد المتاحة والمشروعة بدءاً من إضراب ليومين وصولاً إلى الإضراب المفتوح وشلّ كامل للقطاع العام والإدارات العامة والمدارس والثانويات الرسمية والخاصة والمدارس والمعاهد وذلك حتى إحالة سلسلة الرتب والرواتب بصفة المعجّل على المجلس النيابي من دون تقسيط".

وكان ميقاتي رأى أنّ موضوع السلسلة "لا يحلّ بالسلبية أو بالتصعيد إنّما بالمناقشة الهادئة" (…) وقال: "نحن نتفهّم صرخة هيئة التنسيق ومطالب الموظفين والعمال لكننا في نهاية الأمر مسؤولون عن الحفاظ على الاستقرار النقدي العام ولا يمكننا المجازفة بأي قرارات مرتجلة أو متسرّعة".

وهذا الموقف جاء مغايراً للوعود التي أغدقها ميقاتي على وفد هيئة التنسيق خلال الاجتماع الذي عُقد بينهما الأسبوع الماضي، بحسب ما أكد لـ"المستقبل" نقيب المعلمين نعمة محفوض، والذي أشار إلى أنّ "الذي يهدّد الاقتصاد ليس السلسلة بل السرقات والمحاصصة الحاصلة في المرفأ والدوائر الاقتصادية والأملاك البحرية والأداء الحكومي السيئ". وقال: "من غير المقبول بعد 14 شهراً من المناقشات طلب المزيد من الوقت (…) والتصعيد هو الحل لمواجهة حفلة الكذب والدجل التي تمارسها الحكومة".

والحاصل هو أنّ الحكومة تحصد ما زرعته من أداء سيئ، وهو ما دفع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى وضع النقاط على الحروف في جلسة مجلس الوزراء أوّل من أمس حيث حذّر من "تداعيات كبيرة" سيحدثها إقرار السلسلة حتى وفق صيغة التقسيط على مدى خمس سنوات.

وفي الواقع، شكلت الورقة التي قدمها الحاكم جردة حساب لأعمال الحكومة، التي جاءت بكليتها سلبية وعلى كل المستويات المالية والاقتصادية ومن دون أن تتضمن ولو بنداً واحداً ايجابياً، ما يؤكد بشكل قاطع المسار الانحداري الذي سلكته هذه الحكومة وأوصل البلاد الى شفير الهاوية.

كما ان النتائج المستخلصة من الورقة تظهر بشكل واضح مخاطرها الكبيرة على الاقتصاد، وأبرزها: ارتفاع نسبة التضخم بين 2 في المئة و3 في المئة في 2012، وتراجع فرص العمل بنسبة 4 في المئة، وتراجع النمو بين 1,5 في المئة و2 في المئة، ما يفتح المجال لإمكانية نمو سلبي في 2012. ولم يفت الحاكم أن يذكّر بأن صندوق النقد ومؤسسات التصنيف تعارض وتعاقب هذه السياسات"، مذكراً في الوقت نفسه بضرورة "الحفاظ على الثقة لتجديد الدين المستحق والبالغ نحو 16 مليار دولار في العام 2013". كما أكد أنه "لا يمكن لمصرف لبنان الاستمرار في تغطية النقص في الاكتتابات في غياب أو تراجع الثقة، لما يشكل ذلك من مخاطر تضخمية".

وفي هذا السياق، اعتبر رئيس "اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان" محمد شقير أن قرار الحكومة بتأجيل البت في مشروع سلسلة الرتب والرواتب هو "انتصار لرأي الهيئات الاقتصادية التي حذرت منذ أشهر، أي منذ الحديث عنها, من مخاطرها الكبيرة على الاقتصاد الوطني برمته"، منوهاً في هذا الإطار "بالدور الكبير الذي لعبه حاكم مصرف لبنان للوصول الى هذه النتيجة، خصوصاً خلال مشاركته في جلسة مجلس الوزراء وشرح رؤيته حول انعكاسات إقرار السلسلة على الوضعين المالي والاقتصادي".

ونشرت "وكالة الأنباء المركزية" الدراسة التي وزعها وزير الاقتصاد نقولا نحاس على الوزراء أول من أمس متضمنة رؤيته لانعكاس السلسلة على الوضعين المالي والاقتصادي. وجاء في أبرز عناوينها "ان قمة تداعيات السلسلة على الخزينة تتراوح بين 1,2 و1,7 مليار دولار اضافة الى تأثيرها على الوضع الاقتصادي في شكل حثيث، ودفع التضخم نحو منحى تصاعدي وما يتبعه من عجز الميزان التجاري، اضافة الى التأثير السلبي على سعر الصرف الحقيقي واحتياطي العملات(…).

وفي حال غياب إجراءات قوية وقابلة للتحقيق لدعم الايرادات سيرتفع حجم العجز في الموازنة العامة وينعكس مباشرة على حجم الدين العام، زد على ذلك ظهور منحى تصاعدي في أجور القطاع الخاص ما يؤثر على البطالة والتشغيل". وأشارت الدراسة الى "ان مصادر التمويل تتمحور حول كيفية تمويل الزيادة على الرواتب، اما من خلال حزمة من الزيادات الضريبية أو من خلال تفاقم حجم الدين العام وأحلى الخيارين مرّ".

التغيير
في الشأن السياسي نقل زوّار رئيس الجمهورية ميشال سليمان عنه "اقتناعه بجدوى تغيير الحكومة، لكنه حريص في الوقت نفسه على ايجاد جوّ من التوافق حول هذا الموضوع، ولذلك هو مستمر في مشاوراته مع الأطراف اللبنانية".
ولفتت المصادر الى أن رئيس الجمهورية "لا يرى تغييراً حكومياً في المدى المنظور، بسبب الاختلاف في وجهات النظر بين قوى 14 و8 آذار".

أما بالنسبة الى طاولة الحوار، فإن رئيس الجمهورية يعتبر "أن الوقت لا يزال متاحاً لإقناع الأطراف بالمشاركة فيها"، مشيراً الى ان "متغيرات عدة قد تحصل حتى موعد الجلسة المقبلة، لكن في حال بقيت الظروف السياسية على حالها، حينها لا مفرّ من التأجيل".
  

السابق
السفير: جنبلاط: ثمن سلاح المقاومة أقلّه طائف جديد وحزب الله في بكركي
التالي
الأنوار: التهديدات بشلّ البلد تلاحق الحكومة وفضيحة الأدوية تهزّها