أهالي العرقوب يشكون من كساد موسم الزيتون

شجر الزيتون بساتينه منتشرة على ضفاف نهر الحاصباني وقلب حاصبيا، امتداداً على مجرى نبع الجوز الذي يشطر بلدة الهبارية، حيث تمتد زراعته إلى كل بلدات وقرى العرقوب وصولاً إلى مجرى نهر الوزاني وخلال تجوالنا وانتقالنا من بلدة إلى بلدة لنتحدث إلى أصحاب تلك البساتين كانوا ينزعجون من لفظ كلمة موسم قطاف الزيتون لأن هذا التعريف يفرض جود بيع وتصريف لهذا الإنتاج ويساعدهم على الاستقرار في بلداتهم وقراهم ويساهم في تأمين جزء من أقساط مدارس أبنائهم.
وهذا ما يفتقدونه. لقد بدأ موسم القطاف والركود وصل إلى ذروته في التصريف إلى وضع عاد فيه أصحاب تلك البساتين غير قادرين على تحمله. أصبح مصير مئات العائلات معلقاً وهذا يشمل الهبارية وراشيا الفخار والفرديس وكفرحمام والماري وحلتا وعرب وادي خنسا وعرب الوزاني وريحانه بري معلقاً لأجل غير مسمى. بأي محاولة جادة تضع فيها الدولة حلول عاجلة لشراء إنتاجهم من الزيت الذي يتكدس من سنة إلى سنة أمام أعينهم وكان لقاؤنا الأول مع الشيخ أبو مهدي من بلدة الماري الذي أشار إلى ارتفاع أكلاف القطاف. في بدء موسم القطاف وقال، أن بدل إيجار "الفرَّاط" خمسون ألف ليرة وبدل إيجار المرأة في القطاف 35 ألف ليرة. هذا ناهيك عن التشحيل والسماد والحراثة والرش، في ظل سوق متردي بل ميت وكلفة "المطرة" 4 كيلو تزيد عن المئة دولار أميركي فكيف يمكن للمزارع أن يوازي بين طلب السوق والفائض المكدس في بيوت المزارعين حيث تباع التنكة 14 كيلو 100 دولار في المناطق الأخرى. وهذا يشير إلى وجود تهريب من الجوار اللبناني سوريا والأردن.
أما رئيس بلدية راشيا الفخار السيد سليم يوسف أجاب إن الغزارة في الإنتاج وكلفة اليد العاملة المرتفعة جعلت المزارعين بأن يرفعوا العشرة معلنين الاستسلام لهذا الواقع المرّ أمام إنتاجهم المكدس في بيوتهم وناشد الدولة المساهمة في شراء الزيت لوزارة الدفاع. وأضاف يوسف أننا نأمل استدراك الأمور وأنا أتحدث بلسان حال المزارعين في بلدة راشيا الفخار لأن معاناة أصحاب بساتين الزيتون تتجدد كل عام.

شكوى كبيرة
أما رئيس بلدية كفرحمام السيد علي فارس الذي تحدث إلينا عن انطلاقة موسم القطاف فأشار إلى وجود كميات كبيرة متوافرة في بيوت المزارعين من العام الماضي وأضاف فارس، يفترض من الدولة إيقاف استيراد هذه المادة لأن بعض الدول المجاورة تنافسنا نظراً للفارق الكبير في الكلفة. وعلى الدولة المساعدة في تأمين الأسواق لهذه المادة وتحديداً إلى دول الخليج العربي التي اعتادت على شراء الإنتاج اللبناني من الليمون والحمضيات والتفاح. وبالانتقال إلى المزارع حسن شبلي في مزرعة حلتا أشار إلى ما يشكو منه كل مزارعي الزيتون وقال لا يختلف عن ذلك من شكاوى مزارعي الصبار والتين والعنب وحتى الحمضيات والليمون مع أن الزيت في مناطقنا يكتسب شهرة ذائعة الصيت ويتميز بنكهته الحادة. ولكن نشعر بالمرارة كل ما علم في التصريف فالكل يشكو من ذلك. أما أكرم عقل من بلدة الهبارية أجاب: إن المزارعين يعملون في بساتينهم على مدار العام لتأتي النهاية تجارة غير مربحة ولا نساعد المزارع على معاملة أرضه لقد أصبحت الزراعة في هذه المنطقة "منَّا شغلة مربحة" بل تعب بتعب من دون نتيجة.

تعب بدون نتيجة
أما الشيخ أبو صافي البدوي من حاصبيا فقال إن هذه المنطقة تختزن أعلى نسبة إنتاج من الزيت والزيتون. ولكن للأسف 80 بالمئة من هذا الإنتاج يباع بالمفرق وإن الدولة لم تقدم على عمل سريع الكل يخسر، ألا يكفي خسارة المزارعين في مواسم الفاكهة. وأضاف إن كلفة مطرة الزيت تتخطى المئة دولار.
أما المزارع الياس القلعاتي من بلدة كوكبا. الذي بدأ حديثه معنا قائلاً إلى متى ستبقى الدولة تغط في نوم عميق متجاهلة معاناة المزارعين في هذه المنطقة وهم منشغلون في الثرثرة السياسية وشتائم بعضهم وأضاف في هذه المرحلة شد انتباههم منع التدخين في المناطق السياحية. أما معاناة الناس التي تصرخ من كل حدب وصوب لا يسمعونها وأضاف: هذه الدولة لا تطال إلا الفقراء. واستكمل حديثه قائلاً شجرة الزيتون في منطقتنا تكلف المزارع عدا عن نفقات القطاف "تشحيل" سماد – ومبيدات – وسقاية لشجرة الصغيرة وخدمة وتعشيب ورش كل هذا التعب بدون نتيجة مضافاً كساد الزيت والزيتون وتساءل القلعاتي الزيت المكدس من العام الماضي لمن نسلمه. هل نسلمه إلى محلات بيع الخضار. أما رئيس بلدية كفرشوبا الدكتور قاسم القادري الذي التقيناه وردنا إلى حيث انتهينا، إلى متى ستبقى الدولة تتعامل بالمحسوبية. فإذا الدولة لم تساعد المزارعين وتعمل على تأمين أسواق للمنتوجات الزراعية فيمكن القول أن هذه المنطقة عرضة للهجرة أكثر من غيرها. لذلك يجب على المسؤولين تسريع اتخاذ القرارات في شراء المنتوجات من الزيت والزيتون. وأضاف القادري هذا العام نظراً لعدم هطول أمطار فإن المتساقط من الزيتون على الأرض هو أكثر مما تحمله الشجرة. وأضاف إلى متى سيبقى الإهمال في كل شيء وكل المسؤولين شركاء في الإهمال مياهنا ملوثة وتذهب هدراً ونحن عطاشى. وأضاف القادري أن هذه المنطقة تعتبر أهم خزان في إنتاج الزيت والزيتون وهي أيضاً المخزن الأساس في شجرة الزيتون الروماني المعمر الذي يمتد على مساحة كبيرة في مزارع شبعا ومزرعة حلتا امتداداً إلى حاصبيا.
وفي هذا السياق يقول الأستاذ خليل قصب، وهو من كبار الملاكين لبساتين الزيتون في بلدة كفرشوبا، حيث يمتلك أكثر ألف شجرة زيتون. ماذا يريد منا المسؤولون الرحيل عن أرضنا بدلاً من تأمين الرعاية والحماية. التي هي من مسؤولية الدولة. وأنني هنا أشير إضافة إلى ما ذكره إخواني المزارعين في المنطقة. إن كلفة دراسة الزيتون في المعاصر ارتفعت بنسبة 30% فبدلاً من دراسة "مدّ الزيتون" الذي يساوي 20 كيلو في العام الماضي كانت كلفته 14 ألف ليرة أما العام الحالي فالكلفة ارتفعت إلى 25 ألف فلماذا الدولة لا تحمي المزارعين من هذا، وهي السبب في هذا الكساد لأنها لا تقوم بمسؤوليتها.
  

السابق
طوني عيسى في كليب ألين لحود
التالي
سيِّد قطب المظلوم حيّاً وميتاً