تهريب الدولة إلى الدويلات

في اللوحة السياسية اللبنانية الراهنة: خليط من التناقضات، ومزيج من المفارقات، حيث بات الأمر المُعجل، مؤجلاً والثابت موقتاً والضروري: ثانوياً، والسهل ممتنعاً، والممتنع سهلاً، وما إلى ذلك، من عجائب وغرائب هذه السياسة الإعتدائية التي تفتقر إلى الواقعية والموضوعية والتحليل المنطقي لمسارها الملغوم بالخلاف والإختلاف على كل شيء، ما عدا الإبقاء عليها مادة لخلاف دائم واختلاف مستمر بين العاملين في أسواقها، وغير العالمين بأسرارها، والغائبين عن معاناة الناس من اضرارها، وعن اضعاف الدولة واستضعافها بممارساتهم الخاسرة، وشروطهم التعجيزية في حل مسائلها المعقدة بالنسبة إليهم، وفي إقامة الحواجز الثابتة والمتنقل أمام استئناف جلسات الحوار الوطني التي باتت من المسلمات في توفير منطق ومنطلق التوافق مع ركائز الخروج من دوامّة الدوران حول الخلاف والدخول في سياق الحلول المنتظرة والمطلوبة اليوم قبل الغد، لأن التأخير في ذلك، هو مشروع فتنة قيد التحضير هنا وهنا، وربط للبنان في سلاسل ومسلسل الأزمات والخلافات الإقليمية والعربية، وفي «بورصة» الحرب الباردة بين الدول الكبرى على المصالح والنفوذ الإستراتيجي في المنطقة ومنها لبنان.
حيال ذلك، أصبح من لزوم اللزوميات الوطنية، ومقتضيات الإنقاذ السياسي والإستقرار الأمني، وحماية العيش المشترك، بالسلم الأهلي، والنهوض الإقتصادي، مسارعة كل الأطراف إلى التجاوب غير المشروط مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في الدعوة إلى إستئناف جلسات الحوار على خلفية هذا الإنقاذ وذاك الإستقرار وتلك الحماية، بالإستناد إلى اعلان بعبدا (1) وبعبدا (2) لأن التباطؤ والتأجيل والتأخير وصولاً إلى التعطيل في ذلك، هو استقدام وانتاج واستحداث عوامل التأزيم، والإحتكام إلى الغرائز في تحريك الشارع للتصادم والإقتتال المذهبي والتهجير الطائفي، والإعتداء على المقار الرسمية والعسكرية والأمنية والأملاك العامّة والخاصة، والتحريض على الدولة، عدا أن هذه المظاهر، تصنع في لبنان في قاموس وتحت عناوين:
1- كيان في مهب الريح.
2- وطن من دون هوية وطنية.
3- دولة قيد التأسيس.
4- شعب قيد التأهيل.
هذه العناوين، محمولة في العديد من الحراك الفوضوي والتدميري والفتنوي والتفجير وعمليات الإغتيال السياسي، والإستهتار بالقوانين، والفساد الإداري، ولا خروج منها.. إذا ما بقي لكل طائفة دويلتها، ولكل مذهب إمارته، على حساب الدولة اللبنانية الواحدة والقادرة والعادلة، وفي هذا الشأن قال الرئيس سليمان في خطاب القسم، شارحاً بطريقة استباقية وموضوعية ودستورية، أخطار هذه الحالات: «إن الشعب أولانا لتحقيق طموحاته.. وليس لإرباكه بخلافاتنا السياسية الضيقة، ولعل أخطر ما برز في السنوات الأخيرة، خطاب سياسي يرتكز على لغة التخوين، والإتهامات المتبادلة، مما يمهد لحالة التباعد والفرقة، خصوصاً بين الشباب، ولذا وجب الإدراك والعمل على تحصين الوطن، والعيش الواحد عبر التلاقي، ضمن ثقافة الحوار. وليس بجعله ساحة للصراعات».
ولأن الخلاف على قانون الإنتخابات النيابية المقبلة، هو أحد جوانب الأزمة الراهنة فإن الرئيس سليمان كان سبّاقاً في شرح ذلك، وداعياً إلى معالجته: وإن سمة الديمقراطية الأساسية، التداول السلس، عبر إنتخابات حرة، ،إذا كان من الأهمية بمكان، إعتماد قانون إنتخابي، يؤمن صحة التمثيل.. ويرسخ العلاقة بين الناخب، وممثله ويكفل إيصال خيارات الشعب وتطلعاته، فالأهم قبولنا بنتائج هذه الإنتخابات، واحترامنا للإرادة الشعبية».

السابق
التمديد لأوباما وللحرب السورية
التالي
اوباما شخصان في اميركا منقسمة