ما بين أوباما ورومني

أقحم إعصار «ساندي» نفسه على الانتخابات الرئاسية الأميركية استناداً إلى موقف كل من المرشحين أوباما ورومني من معالجة نتائجه التدميرية، فزيارة سيّد البيت الأبيض الديمقراطي إلى نيوجيرسي التي تعرّضت للصدمة الأقسى وفرت له إضافة جديدة إلى استطلاعات الرأي قرّبته أكثر من الناخبين في حين أن ولايات ذات وزن انتخابي ما زالت تتمسك بمنافسه الجمهوري من دون تحديد نهائي للنتائج التي ستسفر عنها صناديق الاقتراع اليوم.
وفي وقت يميل الاسرائيليون الأميركيون إلى أوباما تؤيد أكثرية اللوبي الصهيوني رومني وهذه سياسة تعتمدها تل أبيب للإبقاء على تأثيرها العملي على من سيصل إلى البيت الأبيض مع المعرفة بثبات سياسة واشنطن على مدى عقود إلى جانبها خصوصاً في أثناء ممارستها العدوان والاحتلال باستثناء ايزنهاور في معارضته العدوان الثلاثي على مصر لأسباب خاصة وليس دعماً للعرب في نضالهم لاستعادة فلسطين.
ويأخذ أوباما باستطلاعات الرأي التي توحي بعودته ثانية إلى البيت الأبيض وهو لم يبتعد في المناظرات الثلاث عن منافسه في الاستمرار بسياسة الدعم والتأييد لتل أبيب. وإذا كان لم يتجاوب مع ضغوطها لشن عدوان على إيران لإدراكه للنتائج التي لن تقتصر على جهة إقليمية أو دولية بينها لا سيما على الوضع في منطقة الشرق الأوسط إضافة إلى الانشغال بأزمة إقليمية ذات ارتدادات على ما يحيط بها من دول تدخل في حساباتها تجنب ما يمكن ان يهب عليها من رياح تُهدّد استقرارها ووحدتها الوطنية.
هذه العوامل هي التي تجعل المراقبين يرون ان ما قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية يختلف عمّا بعدها، إذ ستتبدل المعطيات والمواقف مع عدم استبعاد ما سيكون عليه كل من موقف روسيا والصين، وهما لا يستبعدان المؤثرات المستجدة من حيث مواصلة التوجه نفسه في السباق على النفوذ في الشرق الأوسط، والتمسك بالحلفاء بعد صدمة تدخل الحلف الأطلسي في ليبيا للانتقال من حالة كانت سائدة إلى ما هو عليه الوضع الآن غير البعيد عن أحداث أمنية داخلية.
وتحظى تلك الانتخابات باهتمام عربي يختلف عن سواه نظراً لتأثير واشنطن على مسار أزمة الشرق الأوسط والاعتقاد بأن أوباما سيكون في حال فوزه بولاية ثانية أكثر حرية في اتخاذ القرار بعد تردّد تحكمت به اعتبارات المصلحة الأميركية، غير أن الموقف سيتبدل بالنسبة لكيفية مواجهة الأزمات بعد التجربة مع دول الربيع العربي .
كمال فضل الله
ثمّة من يؤمن في لبنان بمقولة «إشتدي يا أزمة تنفرجي»، وانطلاقاً من هذا الإيمان فإن الارتفاع الحاصل في منسوب الخطاب السياسي الحاد لا يبعث على الخوف لدى الكثيرين ممن يعمل في الحقل السياسي، والذي مرّوا على مدى سنوات طويلة بتجارب مماثلة كان آخر مطافها الجلوس على طاولة حوار أنتجت إتفاق الطائف الذي انتشل لبنان من دائرة الصراع إلى الاحتكام الى المؤسسات ووثيقة الوفاق الوطني التي ما تزال سارية المفعول بالرغم من التشظي الذي أصابها منذ إقرارها وحتى هذه اللحظة. غير أن ذلك لا ينفي القول بأن استمرار الوضع السياسي على النحو الذي وصل إليه اليوم سيؤدي حتماً إلى مزيد من الانهيار السياسي والتآكل الاقتصادي والمعيشي الذي بلغ حدّاً لم يألفه حتى في ذروة الحرب الأهلية على حدّ تعبير أحد المسؤولين في القطاع السياحي.

السابق
بيار نمّور.. تروتسكي المعارضة اللبنانية
التالي
الإدمان على الإنترنت مرض عقلي