نتنياهو.. نحو القفزة الاستيطانية الكبرى

أعلنت دائرة الاحصاء المركزي الاسرائيلي، للمرة الأولى، رجحان كفة عدد الفلسطينيين، على اليهود، في ارض فلسطين التاريخية، اي من النهر الى البحر. حيث بلغ عدد السكان الإجمالي نحو 12 مليون نسمة، منهم 5.9 ملايين يهودي و 6.1 ملايين فلسطيني.

أي ان الفارق، نحو مئتي ألف ونيف وهو الرقم المساوي تقريباً لعدد الفلسطينيين وراء الخط الأخضر، المستهدفين بالترحيل تحت عنوان يهودية الدولة.

جاء توقيت هذا الإعلان، قبيل التصويت على قرار حل الكنيست، والتوجه لانتخابات مبكرة للكنيست السادسة عشرة، وكذلك على ايقاع تقرير القاضي ادموند ليفي، الذي صاغ المقاربة >القانونية

بناء على ما تقدم، من اطلاق فزاعة القنبلة الديمغرافية الفلسطينية، وتوفير >المستند القانونيقانوني< أمام حركة الاستيطان والتهويد للقدس وفي الضفة الغربية. وبهذه المقدمات يطرح نتنياهو، برنامجه الانتخابي، كما يعلن عن مهمة حكومته المقبلة، مهمة إنجاز قفزة كبرى على صعيد الاستيطان، وضم الأراضي وشق الطرقات الخاصة بالمستوطنين.
إنها خطة العمل التي تحقق سيطرة واقعية على معظم الأراضي المفترض ان تشكل العمق الجغرافي للدولة الفلسطينية واحتياط مدنها وقراها، ذلك فضلاً عما تشكله مدينة القدس من ثقل وعنوان يبدأ منها الحل وفيها يتم قبر خيار الدولتين.
نجح نتنياهو طيلة ثلاث سنوات ونصف السنة في إرساء حكومة ثابتة، تعبر عن ائتلاف مستقر، ضم الى الليكود حزب اسرائيل بيتنا وحركة شاس، ومرت تلك المرحلة دون اشتباك حقيقي مع المعارضة. بل شهدت انضمام موفاز الذي أزاح تسيفي ليفني عن رئاسة كديماً، كما ضم اليه أيضاَ، الجنرال ايهودا باراك، بعد أن تخلى الأخير عن حزبه العمالي.
بهذا الحلف الوطيد تحدى نتنياهو الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ لحظة انتخابه، وخصوصاً عندما أعلن أوباما أولويته للسلام في الشرق الأوسط من منبر جامعة القاهرة وعبّر عن رغبته برؤية دولة فلسطين عضواً جديداً في الأمم المتحدة.
نعم نجح نتنياهو في التحدي الصعب واستطاع الحفاظ على الوضع السياسي القائم، في حالة جمود ومراوحة، واستثمر الحراك العربي للإفلات من أي استحقاق ذي صلة بالمسألة الفلسطينية، كما استثمر جيداً في الخلافات والانقسامات الفلسطينية الداخلية. لا بل يستطيع اليوم أن ينسب لنفسه إعادة ترتيب الأجندة الدولية في الشرق الأوسط، لتصبح أولوية التصدي للخطر الايراني، هي بؤرة الاستقطاب العالمي ربطاً بالصراع المرّ الدائر في سوريا وعليها على الرغم من تسليمه باندراج الاستراتيجية الاسرائيلية ضمن استراتيجية الولايات المتحدة وخاصة في جانبها العسكري.
لهذا كله ينفرد اليوم نتنياهو بالسباق لرئاسة الوزارة الجديدة وتعزيز كتلته البرلمانية، بينما جلّ ما تستطيع الأحزاب المتحالفة معه، تحسين حصتها من الكعكة الحكومية ليس إلاّ، إن استطاعت ذلك.
إن ما عجز عنه شخصياً، أثناء توليه رئاسة الحكومة في تسعينيات القرن الماضي يقوم به اليوم سواء لجهة تدمير فرص السلام واطلاق الاستيطان وتهديد الوجود البشري الفلسطيني تحت شعار يهودية الدولة.
هذا هو الأسلوب الجديد لضم الأرض وفصل السكان دون اعلان قرار ضم يشبه تلك الطريقة التي اتبعت بشأن ضم مدينة القدس او قرار ضم هضبة الجولان السوري.

لكن من اين لنتنياهو تلك القوة لتحدي الرئيس الأميركي؟!! والتمكّن منه، وجعله في نهاية ولايته الأولى، لا يكف عن إظهار حرصه الشديد على كل شاردة وواردة تخص اسرائىل، حتى بدأ أوباما يستعمل عبارة اسرائيل اليهودية في مراسلات الإدارة الأميركية، كما شهدنا بالرسالة الشهيرة للاتحاد الأوروبي، حول >التنسيق بشأن امكانية مبادرة وضع دولة فلسطين مراقباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتفسير هذا اللغز المفضوح والمعروف جيداً للقاصي والداني يمكن الاشارة الى تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي، هو حصيلة عمل ست عشرة وكالة استخباراتية أميركية، يقارن التقرير بين نظام التفرقة الاسرائيلي ونظام الأبارتهيد، ويخلص التقرير الى ان نتنياهو اعترف قسراً بخيار الدولتين، ويعمل على تقويض كل ما من شأنه خدمة هذا الخيار، كما يتهم التقرير اسرائيل بالتدخل في الشؤون الأميركية عبر 60 تنظيماً و 7500 موظف في الإدارات والمؤسسات القومية الأميركية.

ما ورد في ذاك التقرير، يفسر جزءا من القوة الاسرائيلية، وليس أسباب القوة كلها.
من ناحية أخرى يردد بعض الساسة مقولة أن الصراع الاسرائيلي ــ الفلسطيني ميدانه الأرض المقدسة لكن ساحة الحسم في واشنطن، والسؤال: ماذا نفعل نحن سواء في فلسطين أو واشنطن؟

كاتب فلسطيني

السابق
استنزاف الحقّ السوريّ؟
التالي
السفير: الرياض تستثمر نفوذها .. لإسقاط ميقاتي!