الساحة الأمنية مفتوحة على التصفيات

خلال اللقاء الذي دعا اليه وزير الخارجية الفرنسي في "الكي دورسيه" والذي ضمّ السفراء العرب للتباحث في الشؤون العربية وأزماتها الكثيرة والثقيلة في آن، لفت توجّه فابيوس الى السفير اللبناني في باريس بطرس عساكر والذي يحظى باحترام واسع في دوائر الخارجية الفرنسية، وقال له أمام زملائه العرب إن فرنسا تثمِّن جدا سياسة النأي بالنفس التي ينتهجها لبنان في مقاربته للازمة السورية.

واضاف فابيوس على مسمع الجميع ان هذه السياسة تبقى الطريقة الحكيمة للتخفيف من انعكاسات الازمة السورية الخطيرة على لبنان، ومثمناً في هذا المجال أداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

وصحيح ان هذا الموقف الفرنسي كان قد حصل قبل ايام معدودة من اغتيال اللواء وسام الحسن، الا ان انفجار الأشرفية وعلى عكس ما اعتقد فريق 14 آذار زاد من قناعة الادارة الفرنسية بضرورة ابعاد لبنان عن لهيب الحريق السوري من خلال تثبيت سياسة حكومة ميقاتي، ما استدعى هذه المواقف المتكررة لكل من باريس وواشنطن والعواصم العالمية الداعمة لبقاء الحكومة.

وصحيح ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند كان يُحضِّر في الاساس لزيارة رسمية الى بيروت، الا ان التطورات السياسية التي اعقبت اغتيال اللواء الحسن سرّعت في موعد الزيارة، حاملاً معه افكاراً جديدة لتحصين الساحة اللبنانية اكثر.

ذلك ان باريس تدرك جيداً ان العنوان العريض المطلوب من لبنان في هذه المرحلة هو تثبيت استقراره ما يعني الابتعاد عن سياسة "البطولات الوهمية" لانها ستكون مكلفةً للغاية، وعدم اعتماد لبنان كإحدى ساحات المواجهة العنيفة ما بين المحورين المتطاحنين في المنطقة الشيعيّة والسنيّة.

وتردد بعض الاوساط هنا في باريس ان سقوط حكومة ميقاتي ستعني احداث فراغ سياسي، ولأن الطبيعة تأبى الفراغ فان البديل سيكون اشتعال المواجهات العسكرية في لبنان. كذلك فان حلول حكومة اخرى تحتضن نفوذاً سعودياً سيعني تصعيداً في المواجهة السورية – السعودية، ولكن هذه المرة على الساحة اللبنانية.

في ايّ حال، فان الاوساط الفرنسية باتت تعكس صورة ضبابية حول مستقبل الصراع الدائر في سوريا وهو موقف يناقض ما كانت تشيعه مع بداية الازمة حين كانت تتحدث عن ايام معدودة للنظام. وفي دعم باريس لسياسة النأي بالنفس إقرار ضمني بخطأ الحسابات التي وُضعت سابقاً والتي ادت الى تشجيع بعض الفرقاء اللبنانيين لملاقاة التغيير القادم في سوريا من خلال فتح الحدود واحتضان الكوادر العسكرية للمعارضين.

لكن السؤال الابرز يبقى: لماذا هذا الفتور الغربي لا سيما الفرنسي والاميركي في شجب اغتيال الحسن؟

السابق
جريح بانفجار جسم غريب في حومين
التالي
رسالة سعودية فرنسية باستبعاد ميقاتي