التغيير آتٍ

الحِراك السياسي الداخلي متزامناً مع حركة موفدين أميركيين وأوروبيين وعرب في اتجاه لبنان يدور كله حول أمر واحد وهو تجنيب لبنان الانزلاق في النزاع السوري، بمعنى منع امتداد الأزمة السورية كما يريدها رأس النظام، من خلال ممارساته وتحرشاته وكان آخرها جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن بعد أقل من شهرين على اكتشافه جريمة مؤامرة سماحة – المملوك التي كانت تستهدف إشعال الحرائق الطائفية والمذهبية في كل المناطق بدءاً من شمال لبنان، وبالتالي المحافظة على الحدّ الأدنى من الاستقرار والأمن واستمرار عمل المؤسسات الشرعية.
ويلعب رئيس الجمهورية المؤتمن بموجب الدستور على وحدة لبنان وسيادته واستقلاله دوراً بارزاً من خلال المشاورات التي يجريها مع القوى السياسية المتنازعة فيما بينها من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة تضع البلد على بر الأمان وتخفف من الاحتقان الذي بلغ ذروته بعد جريمة اغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن، ومبادرة قوى المعارضة إلى المطالبة باستقالة رئيس الحكومة بوصف حكومته تغطي عمليات الاغتيال السياسي ومحاولات الاغتيال التي يديرها النظام السوري وأعمال حزب الله التي من شأنها أن تعرّض لبنان كرمى للمشروع الإيراني للاعتداء الاسرائيلي الذي لم يخفِ مثل هذا الاحتمال بعد عملية الطائرة أيوب التي أطلقها حزب الله فوق الأراضي المحتلة بطلب مباشر من السلطات الإيرانية.
وقد تجاوب الرئيس سليمان مع هذه الدعوة وبدأ سلسلة مشاورات مع قيادة الثامن والرابع عشر من آذار لبدء حوار مفتوح عبر طاولة الحوار أو أي وسيلة أخرى للاتفاق على حل إنقاذي من دون أن يستبعد أمر استقالة الحكومة القائمة لتخلفها حكومة جديدة تحت عناوين مختلفة كحكومة وحدة وطنية أو حكومة إنقاذية حيادية، تزيل هذا الاحتقان السياسي البالغ أوجه، وتشكل صمّام أمان للبنان المهدّد الآن بالانزلاق في تداعيات الأزمة السورية، إذا بقيت الأمور تسير على المنوال الذي بلغته بعد جريمة اغتيال اللواء الحسن.
وعدم استبعاده أمر التغيير الحكومي كأحد الحلول المطروحة لتشكيل مظلة أمان للبلد من تداعيات الأزمة السورية، ومن المؤامرات التي تحاك لإشعال الحرائق الطائفية والمذهبية، لاقى ارتياحاً في صفوف قوى المعارضة عبّرت عنه في ندائها الى اللبنانيين الذي وجهته قبل يومين، بخلو ندائها من أي إشارة إلى رفض الحوار قبل استقالة الحكومة كما جاء في خطاب الرئيس فؤاد السنيورة في مأتم الشهيد وسام الحسن.
ويبدو واضحاً أن حِراك رئيس الجمهورية يستند إلى دعم غربي كان آخره زيارة مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط وما تضمنه البيان الصادر عن السفارة الأميركية من تعاطف الحكومة الأميركية مع الشعب اللبناني الذي يستحق حكومة تعكس تطلعاته وتقوم بتعزيز استقرار وسيادة لبنان واستقلاله ودعم جهود الرئيس ميشال سليمان والجهود المبذولة من قادة آخرين (تقصد 14 آذار) في شأن الانتقال إلى حكومة جديدة.
الموقف الأميركي هذا أزال الالتباس الذي تمسكت به قوى 8 آذار وحوّلته إلى دعم لحكومة ميقاتي وهذا الموقف سيجر مواقف الدول الغربية الحليفة، ويُقنع من لم يقتنع بعد بضرورة التغيير.

السابق
بطركية القدس تهدد باغلاق كنيسة القيامة لخلافات مع اسرائيل
التالي
قائد النتخب يتعهد بانتصارات مفرحة