العبور إلى الدولة

يتمسّك الرئيس ميشال سليمان، مستنداً إلى تفويض الرئيس نجيب ميقاتي له باتخاذ القرار المناسب في الشأن الحكومي بالحوار مع كل الأطراف المعنية، توصلاً إلى حل متوازن لا يتم على حساب أحد، ولا يوقع البلاد في الفراغ، واللاستقرار الذي حذّرت الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي من الوقوع فيه، وتبرعت بنقل هذا التحذير الى رئيس الجمهورية بوصفه مؤتمناً على الدستور.
ذلك لأن الرئيس سليمان يعتبر أن الحوار يبقى الوسيلة الأرقى والسبيل الأوحد لحل كل المشكلات المطروحة وإيجاد المخارج المناسبة لها، أما العنف واللجوء إلى السلاح لغير الدفاع عن الوطن لا يحل أي مشكلة أو إشكالية أو أزمة كالتي حصلت أخيراً، مشيراً إلى أن التحاور بعقل منفتح وقلوب ونيّات صافية تنطلق من وضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار يبقى الطريق الآمن لتحصين وطننا ضد الأخطار الخارجية، وضد العدوان الإسرائيلي وخروقاته اليومية للقرار 1701 وجدّد الدعوة للجميع الى التبصّر في الواقع الراهن، والظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة لإبقاء لبنان في منأى عن أي تداعيات أو انعكاسات سلبية عليه ليتمكّن من اجتياز المرحلة والعبور إلى الدولة التي يطمح إليها الجميع.
يُستفاد مما تقدّم أن الرئيس سليمان أراد مما تقدّم توجيه رسائل محدّدة إلى طرفي الأزمة الناشبة، بأن الحوار السبيل الوحيد للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلد، وأن منطلق الحوار هو التعاون من أجل العبور إلى الدولة، على أساس أن هناك فريقاً ألغى الدولة من قاموسه وهناك فريق آخر يريد العبور إلى الدولة لكنه لا يعرف أية طريق يسلك للوصول إلى ما يريد من دون خضوعهس لفحص دم.
وكلام الرئيس سليمان في هذه النقطة تحديداً معناه بكل بساطة أن الدولة ليست موجودة بمفهومها الدقيق أي الشعب والأرض والمؤسسات والقانون، حيث لا يوجد شعب واحد، بل هناك مجموعة شعوب، وحيث الأرض منقوصة لوجود دول ودويلات لا تخضع لمؤسسات الدولة الشرعية، ولا تطبق قوانينها، ولا مؤسسات تخضع لنظام واحد وتكون تابعة للدولة المنشودة بل هي عبارة عن مجموعات كل مجموعة تابعة لطائفة أو لزعيم هذه الطائفة.
من هنا يشدّد الرئيس سليمان على الحوار من أجل العبور إلى الدولة، غير الموجودة، بسبب الانقسام العمودي بين الشعوب القائم حولها، والتي تُسقط عن الدولة أحد أهم عناصر وجودها وهي الشعب الواحد، وذلك قبل البحث في أي أمر آخر له صلة بالدولة غير الموجودة إلا في أذهان فريق قليل من الذين يسمونهم الشعب اللبناني نسبة الى الدولة اللبنانية الواحدة.
والرئيس سليمان أصاب الهدف، وتجاوز طرحه كل الطروحات الأخرى التي تعمل لمصالحها وتسقط من حسابها أي وجود للدولة، مع الاعتراف بوجوب كيان واحد محكوم في نفس الوقت بعدة كيانات طائفية ومذهبية حتى لا نقول عرقية.
فهل يستجيب الأفرقاء لدعوة رئيس الجمهورية، قبل البحث في تغيير أو تبديل الحكومة، لإعادة بناء الدولة الواحدة من خلال العبور إليها وليس إلى دويلاتهم.
هذا هو السؤال.

السابق
فواخرجي: الأسد صمام أمان سورية
التالي
صفقة أسلحة ضخمة