شرق أوسط ملتهب ومحدودية قوة أميركا!

سيطر الشرق الأوسط بمشكلاته الملتهبة الكثيرة على المناظرة التلفزيونية الأخيرة بين المرشحَين لرئاسة الولايات المتحدة الديموقراطي باراك اوباما وهو الرئيس الحالي، والجمهوري ميت رومني. لكن ذلك، على صحته، لم يوفر للناشطين الأميركيين الداعين ادارة بلادهم الى اتخاذ مواقف متشددة وحادة من أزمات ودول وجهات، بل الى ترجمتها عملياً وإن بالوسائل العسكرية، مما يدفعهم الى الاقتناع بأن بلادهم ستسلك السبيل الذي يتمنون، سواء جدد الناخبون الاميركيون رئاسة اوباما او اوصلوا مكانه رومني. هذا ما يقوله باحثون اميركيون جدّيون في واشنطن، وعلى علاقة بعدد من اصحاب المواقع المهمة. وهم يضيفون ان المرشحَين الرئاسيين دفعا الناشطين المشار اليهم اعلاه الى الاقتناع المذكور وخصوصاً عندما اظهرا الكثير من التحفظ وربما من الاحتراس عندما تناقشا أو بالأحرى "تبارزا" حول القضايا الصعبة والملتهبة مثل الحرب الأهلية في سوريا، واختيار القوة الحاسم مع ايران حول برنامجها النووي، وامكان تعرض الديبلوماسيين الاميركيين في ليبيا للأذى.
ورغم ان السياسة الخارجية عادة ليست العامل الحاسم في الخيار الانتخابي الرئاسي للغالبية الواسعة من الاميركيين، فإن مسؤولاً رفيعاً في الخارجية الاميركية اعتبر بعد المناظرة الرئاسية الأخيرة ان المرشحَين كانا يعكسان حقيقة محدودية القوة الأميركية.

اين تبدو هذه المحدودية واضحة أكثر؟ في سوريا، يجيب الباحثون الاميركيون الكبار انفسهم. ذلك ان المجموعة الواسعة من الاطراف الذين يحاربون نظام الأسد بشراسة، والمحاولات الاميركية للتنسيق في ما بينها سياسياً وعسكرياً، جعلت صانعي السياسة في الولايات المتحدة عاجزين عن اتخاذ قرار بالطرف أو بالأطراف الواجب دعمهم. فهناك نحو 350 وحدة ثائرة، واحتمال تعاون او تنسيق او اقامة عمل مشترك بين مجموعات علمانية واخرى اسلامية يتحقق كل يوم، كما يتحقق احتمال عودتهم الى الانقسام والتنافس وحتى الصراع. وما التغيير المتكرر في قيادة المجموعات الثائرة المقاتلة في حمص الا المثل الصارخ على رفض أي منها "الاندماج أو الالتحام". ورغم ذلك، يضيف هؤلاء الباحثون، نجح الثوار في اضعاف قدرات النظام الذي يتزعمه بشار الاسد. فقبل أشهر قليلة ثلاثة أو ربما أكثر، كان هذا النظام يسيطر تماماً على كل حدوده وعلى شمال سوريا واكبر مدنها حلب. اما اليوم فإن الوضع اختلف إذ خسر النظام سيطرته على كل المعابر (المراكز) الحدودية مع تركيا، وعلى المعابر مع العراق باستثناء اثنين. اما الحدود مع الأردن فسيطرته عليها مستمرة لاسباب عدة منها حرص نظام الاردن على عدم فتح جبهة علنية ضد الأسد وخصوصاً في ظل مصاعبه الداخلية الحالية، وأما حدود لبنان وسوريا فصارت مثل "المنخل".

كيف ينظر الباحثون الاميركيون الكبار أنفسهم الى الوضع "العسكري" الحالي أو الى بعضه بين الثوار والنظام في سوريا؟
ينظر الرئيس الاسد في رأيهم بقلق الى المحاولات المستمرة، وإن مُكلِفة التي يقوم بها الثوار لقطع الطريق السريع (اوتوستراد) الذي يصل حلب بدمشق، ويعتبر ان السيطرة على معرة النعمان هي خطوة على هذه الطريق. ولذلك فإنه سواها بالأرض بواسطة طيرانه. لكن حتى في القدرات الجوية العسكرية يمكن ان يشهد الاسد "وشركاه" ضعفاً في مستقبل غير بعيد. فالدعم القطري مكّن الثوار من الحصول على مضادات للطيران تطلق من على الكتف. ومن شأن ذلك تعريض الطائرات الحربية كما الطوافات العسكرية للاصابة. علماً ان القوة العسكرية الجوية السورية تبدو هائلة بل ومرعبة على الورق. ولكن عملياً فإن قسماً منها فقط صالح للعمل. ونجاح الثوار في اسقاط بضع طوافات قد يتسبب بترنح القوة العسكرية للنظام. في اختصار، يعتقد بعض الباحثين الأميركيين انفسهم ان النظام السوري، رغم استشراسه في القمع دفاعاً عن نفسه، يعيش حالياً مخاض الموت او آلامه، إذ هناك حرب طاحنة تدور بين 3 ملايين علوي و15 مليون سني.

ماذا عن لبنان عند الباحثين اياهم؟
يعتقد بعضهم ان اغتيال اللواء وسام الحسن تم بتدبير من سوريا وحلفائها اللبنانيين. ويرى معظمهم ان مسؤولين اميركيين لا يظنون انه الاغتيال الأخير. ويرجحون اعمالاً مماثلة قد تقود الى صراع أهلي. وسمع بعض آخر منهم كلاماً رسمياً يشير الى عدم جدية الاخبار الاعلامية الاميركية عن اعتزام اميركا تغيير حكومة لبنان الحالية فقط لأننا لا "نطيق" ثلثيها".
اين ايران الاسلامية صاحبة الطموح النووي الكبير في "محدودية" القوة أو القدرة الاميركية؟

السابق
الطيران الحربي الإسرائيلي واصل عدوانه على غزة المقاومة تردّ بالصواريخ بعد استشهاد مقاوم
التالي
جنبلاط يحرق مراكبه السعودية