على المنبر اللواء الشهيد

لبنان اليوم على مفترق طرق لرسم الخريطة بالحبر والحوار إلى التوافق الوطني على حل المسائل الخلافية شبه المُزمنة بين أفرقاء العمل السياسي، وإمّا على مفترق آخر لرسم الخريطة بالدم والنار والإغتيالات والحرائق، وصولاً إلى فتن وحرب أهلية و«تشليع» لبنان إلى «حارات مذهبية» و«كانتونات» طائفية وإقطاعيات مناطقية، و«مافيات» متعددة الجنسيات، وإلى «وكر» ومخابئ وشبكات التجسس والعمالة الإسرائيلية وساحة للتصفيات والصراعات السياسية العربية والإقليمية والدولية فوق أرضه، وهذا ما تحمله جريمة إغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن من أهداف قريبة وبعيدة لناحية التوقيت والحجم الإرهابي الكبير لهذه الجريمة التي أصابت كل فرد وعائلة وجماعة ومدينة وقرية ومنطقة لبنانية، وزعزعة الإستقرار وتهدد بعودة الوضع السياسي والعسكري والأمني والإعلامي إلى مراحل ما قبل «إتفاق الطائف» وإعلان الدوحة، وتفسح في المجال لمداخلات وتدخلات خارجية في الشأن السيادي والإستقلالي والوطني اللبناني.
وفي التحليل أيضاً لأغراض الجريمة الكبرى، أنها جاءت في السياقات الآتية: استهداف حياة ودور وفاعلية اللواء الشهيد في العمليات النوعية على صعيد إكتشاف وملاحقة ومطاردة وإعتقال رؤوس وعملاء شبكات التجسس الإسرائيلية، وتعطيل العديد من مخططات التفجير والإغتيالات السياسية، فكان بذلك، مسؤولاً أمنياً بارزاً في قيادة وتوجيه شعبة المعلومات لحماية الساحة اللبنانية من شبكات «الموساد» الإسرائيلي.
وفي التوقيت، أن وقوع الجريمة جاء لتعطيل انعقاد جلسات الحوار الوطني التي دعا إليها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على خلفية بنود بعبدا (1) وبعبدا (2) كوسيلة وآلية ومبدأ ديموقراطي لتوصل إلى مرتكزات الإستراتيجية الدفاعية، ولاحقاً لتعطيل الجلسات النيابية ذات الصلة بإستحداث قانون جديد للإنتخابات المقبلة، وأيضاً وأيضاً، لتوظيف الجريمة النكراء في إثارة الغرائز المذهبية هنا وهناك، وهذا ما نلحظه في عديد المناطق اللبنانية، وما يتعارض مع حقيقة أن اللواء الشهيد هو خسارة كبرى لجميع اللبنانيين وليس لمنطقة أو لفئة معينة والدليل على ذلك، أن كل الطوائف والمذاهب والأحزاب والمناطق استنكرت ودانت الجريمة بحق كل لبنان.
وفي الوقت عينه، سوف يجري الرئيس سليمان إتصالات بأقطاب الحوار لعقد جلسات كجزء من معالجة تداعيات الجريمة النكراء.
من هنا، تحت المصلحة اللبنانية على الجميع الإرتقاء بالعمل السياسي والخطاب الإعلامي إلى مستوى خطورة تلك الجريمة، والتوحد في المواقف والتوجهات لدرء أخطار محمولة في أجندة مرتكبيها.

السابق
سيفُ الفتنة في لبنان
التالي
الشرق: أمانة 14 آذار: رحيل الحكومة ضرورة لدرء المخاطر وتوفير الإستقرار