اللواء: إمكانية تشكيل حكومة جديدة باتت محتملة في ضوء موقف جنبلاط وواشنطن

وفي وقت حافظت فيه الأزمة السياسية على حرارتها المرتفعة من ضمن رؤية مشتركة لضرورات الاستقرار الأمني، يرتفع منسوب التحذير الدولي من مغبّة نقل الأزمة السورية إلى لبنان، مع تحذير إضافي من وقوع لبنان في فراغ حكومي، وفق ما أكده بيان سفراء الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن بعد لقائهم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.

لكن ما استرعى الانتباه هو الموقف الأميركي الداعي إلى دعم العملية الجارية لقيام حكومة جديدة تستجيب لمتطلبات الشعب اللبناني وفق ما صرحت الناطقة بإسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نيولاند أن الولايات المتحدة ليست في وارد الحكم سلفاً على حصيلة أي تحرك لقيام إئتلاف حكومي جديد لأن هذا شأن لبناني واضح، «وفيما نحن لا نريد حصول فراغ في السلطة السياسية، ندعم العملية الجارية حالياً لقيام حكومة جديدة تستجيب لمتطلبات الشعب اللبناني».

وكانت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كاترين أشتون التي زارت لبنان بضع ساعات أبلغت الرؤساء الثلاثة دعم الاتحاد لسيادة لبنان واستقلاله، واستمرار عمل مؤسساته وتجنّب حصول أي فراغ فيه، مع دعوتها القادة السياسيين في العمل في اتجاه حلول للتحديات التي يواجهها لبنان اليوم.

ولاقت الدعوات الأميركية والدول الخمس التي حثّت على تجنب الوقوع في الفراغ من جهة، والترحيب بالدعوات لتشكيل إئتلاف حكومي ترحيباً من قبل رئيس جبهة النضال الوطني الذي سبق أن حذر قوى 14 آذار من الوقوع في الفخ السوري الذي يعمل لإشعال الفتنة في لبنان وأعرب عن جهوزيته للاشتراك في حكومة شراكة وطنية إذا توفرت الشروط الملائمة لهذا الطرح وهو كما قال متروك للقوى السياسية، ومن شأن التبدّل في موقف جنبلاط أن يزيح من الطريق أكبر عقدة تحول دون قيام حكومة جديدة، ويفتح الطريق أمام رئيسي الجمهورية والحكومة لتسريع البحث في إمكان تشكيل حكومة إئتلاف وطني تضع حداً للصراع القائم.

ووسط هذه الأجواء المفتوحة على كل الاحتمالات كثّف رئيس الجمهورية اتصالاته، فالتقى الرئيس فؤاد السنيورة ومستشار الرئيس نبيه بري، وزير الصحة علي حسن خليل موفداً من قبل رئيس المجلس، كما التقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وسيلتقي رئيس تكتل التغيير و الاصلاح النائب ميشال عون وذلك استكمالاً للمشاورات التي يجريها حول إمكانية تشكيل حكومة شراكة وطنية تنهي الأزمة الناشبة بين الفريقين.

وقالت أوساط رئيس الجمهورية إن الرئيس سليمان اقترح على الرئيس السنيورة تقريب موعد انعقاد هيئة الحوار الوطني ولم يحصل منه على جواب نهائي لكن مصادره تفيد بأنه أبلغه بأنه سيتشاور مع حلفائه في 14 آذار قبل أن يتخذ موقفاً رسمياً من الموضوع، فيما أبلغ الرئيس السنيورة أعضاء كتلة المستقبل النيابية أنه أبلغ رئيس الجمهورية قرار تيار المستقبل عدم المشاركة في أعمال هيئة الحوار أو نشاطات مجلس النواب في كل ما يتصل بالحكومة واحتفاظ هذا التيار بحقه في استخدام كل الوسائل الديمقراطية لإسقاطها، مشدداً على أن البديل هو قيام حكومة حيادية.

كان الرئيس السنيورة في ردّه على رئيس الجمهورية منسجماً مع نفسه، ومع القرار الذي اتخذه حلفاؤه وكتلته بعدم الدخول في أي حوار إلا بعد ذهاب هذه الحكومة وهو ما يتفهمه رئيس الجمهورية وحتى قوى الثامن من آذار التي تستعد بدورها الخوض معركة بقاء الحكومة لكن ما ليس مفهوماً هو موقف رئيس جبهة النضال الوطني الذي لم يرسُ حتى الآن على رأي واضح هل هو مع بقاء الحكومة لذات الاعتبارات التي أملت عليه انضمامه إلى قوى الثامن من آذار في سحب البساط من تحت قوى الرابع عشر من آذار وإبعادها عن السلطة أم أن التطورات الأخيرة، جعلته يقتنع بالعودة إلى موقعه داخل هذه القوى والعمل معها للإطاحة بحكومة فرضها النظام السوري بالتعاون مع حزب الله والإطاحة بها عبر انقلاب موصوف سُمّي في حينه بانقلاب القمصان السود والإتيان بنجيب ميقاتي رئيساً لحكومة اللون الواحد والذي انتهى الى إبعاد قوى الرابع عشر عن الحكم الائتلافي الذي أنتجه اتفاق الدوحة، وتعهدت بموجبه كل القوى المشاركة في هذا الاتفاق بعدم الخروج من حكومة الائتلاف أو الوفاق الوطني تحت أي ظرف من الظروف.

ومن هنا، يتحمّل النائب جنبلاط أكثر من غيره مسؤولية إبعاد قوى الرابع عشر من آذار عن الحكم، وجعل فريق الثامن من آذار يتفرّد بهذه السلطة حتى الآن من دون أن يقدم خلال استيلائه عليها أي خطوة في اتجاه إنهاء النزاع مع قوى الرابع عشر من آذار، وكان مطلوباً من النائب جنبلاط في هذه الفرصة المؤاتية إعادة النظر في تحالفاته والانتصار للفريق الذي خرج منه تحت ضغط القوة العسكرية التي واجهه بها حزب الله والموافقة على الخروج من الحكومة لتأتي حكومة جديدة على قاعدة الشراكة الوطنية أو على قاعدة الأكثرية إذا رفضت قوى الثامن من آذار المشاركة فيها، خصوصاً وأن مخاوف جنبلاط من سقوط البلاد في مستنقع الفتنة لم تعد في محلها ولا تشكل عائقاً دون قيام حكومة الأكثرية التي يمثلها هو وقوى الرابع عشر من آذار.

السابق
المستشار السياسي للجيش السوري الحرّ: لسنا في عيد حتى نلتزم بهدنة الإبراهيمي
التالي
السفير: مـاذا يجـري فـي صفـوف 14آذار؟