8 آذار: ميقاتي باقٍ باقٍ باقٍ

تنتظر قوى 8 آذار من الرئيس نجيب ميقاتي أن يصمد وأن لا يخضع لضغط الشارع الهزيل، ولا إلى الهجومات الشخصيّة بحقّه. تتسلّح 8 آذار بالمواقف الدولية وبضرورة الحفاظ على الاستقرار، وعدم ترك البلد لـ «الفوضويين»

لم تظهر النائبة بهيّة الحريري على المنبر، أمس، لتلعب على «سيكولوجيا» الرئيس نجيب ميقاتي كما الرئيس عمر كرامي، فتحصل منه على استقالة ممهورة بالدموع. تركت الحريري الدّفة، أمس، لغيرها. مفتي عكّار السابق أسامة الرّفاعي يدعو «أهل السنّة» إلى عدم السكوت وإسقاط ميقاتي. الرئيس فؤاد السنيورة افتتح كلامه برفض الحوار قبل استقالة ميقاتي.

يسمع المشيّعون كلام التحريض، وإلى السرايا در. بدا أن الأولويّة، حتى قبل أن يوارى اللواء وسام الحسن في الثرى، أمر واحد: استقالة حكومة ميقاتي، وتحت الإبط عدّة الشغل التقليدية: «نجيب ميقاتي يمثّل قاتل الحسن». هي لعبة العودة إلى السلطة ذاتها فوق صفيح الدم الساخن، تحترفها 14 آذار منذ ظهيرة يوم 14 شباط 2005.
في الضفّة المقابلة لهذا المشهد، تنتظر قوى 8 آذار، بكلّ ثقة، صمود رئيس الحكومة أمام حفلة الدّم. لماذا يستقيل ميقاتي؟ يعود الآذاريّون إلى المواقف الدوليّة: الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حض اللبنانيين على «المحافظة على الوحدة الوطنية وعلى مواصلة الحوار الوطني». الأميركيون يدعون إلى «عدم استباق الأمور»، الأوروبيون على لسان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون يحضّون الأطراف اللبنانية على التعاون مع الحكومة، وعلى عدم الدخول في الفراغ. حتى السعوديون، بنظر 8 آذار، لا يريدون اسقاط الحكومة من دون تأمين البديل، «والسعوديّة لم تطلب من ميقاتي أن يستقيل».
تدرك مصادر 8 آذار أن الدعم الدولي لبقاء حكومة ميقاتي ليس حبّاً بحزب الله، بل لأن الحدث اللبناني يسرق الأضواء من تطوّرات الوضع السوري، ويسرق الأولويات من الأجندة الدوليّة، «حتى الجزيرة والعربية انشغلتا عن سوريا وباتتا تخصّصان معظم وقتيهما للبنان».
الموقف الدولي والعربي داعم لبقاء حكومة ميقاتي إذاً. يبقى ضغط الشارع.
تشير مصادر في قوى 8 آذار إلى أن تيّار المستقبل وقوى 14 آذار لم ينجحا في استمالة الشارع، وفي تأمين الحشود الشعبية المطلوبة للضغط على ميقاتي عبر الزواريب. اليوم ليس يوم 14 آذار، «ولم يعد باستطاعة المستقبل أن يضحك علينا بالسلمية وبتيّار العلم والإعمار ليُحضر الكبار والصغار من بيوتهم للمساهمة في التظاهرات الشعبيّة، مسلّحوه في الشوارع يوقفون الناس على الهويّة». يسخر هؤلاء من الحشد الهزيل، «هذا حشد حزبي. لو أتى كل واحد من قادة 14 آذار بجيرانه وأقربائه لحشدوا ما يزيد على ذلك».
السخريّة لا تتوقّف عند الحشد، «أين سعد الحريري؟ هل هناك زعيم سياسي يترك جمهوره في الشارع وهو يتنقّل بين الرّياض والمنتجعات الأوروبيّة؟ ألهذا النموذج سيترك ميقاتي الدولة والاستقرار اللبناني؟».
ترفض 8 آذار سيناريو عمر كرامي آخر. ولا تتوقّع من ميقاتي أن يرضخ تحت التهديد والتهويل، «الرئيس ميقاتي يعلم أن المطلوب اسقاط موقعه السياسي أيضاً. هم ليسوا سنّة أكثر منه. ركبونا سبع سنوات تحت ضغط الدمّ، لن نكرّر الخطأ نفسه».
دعم ميقاتي لا يقف عند أفرقاء 8 آذار، يذكّر الآذاريون ميقاتي بموقف النائب وليد جنبلاط وبتمسّكه ببقاء الحكومة، «جنبلاط حريص على بقاء الحكومة لأنه يعرف مخاطر الفراغ في البلد». إلى يمين ميقاتي، أيضاً، رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان. من على الشاشات، درس الآذاريون عيني ميقاتي تراقبان خطاب سليمان وهو يدعو الحكومة إلى دعم القضاء، «لو كان سليمان لا يدعم بقاء الحكومة لما عرّج على ما سماه مسؤولياتها».
لم تنس 8 آذار أن ميقاتي حمى بكلّ ما أوتي من قوّة بقاء الحسن في منصبه، كما اللواء أشرف ريفي، «وكرمالي» استطاع الضغط على حزب الله ورئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ليبقى الضابطان في مكانهما، لعلّه يمتصّ نقمة الشارع السنّي المعبّأ ضدّ المقاومة بفعل التحريض، «بماذا قابلوا ميقاتي؟ بنكران الجميل، حمّلوه الدمّ كأنه هو من قتل وسام الحسن، لعلّ ميقاتي يعلم أن هؤلاء لا يريدون غير الخراب، وأنهم مستعدّون لفعل كلّ شيء في سبيل السلطة».
ماذا عن السيناريوهات البديلة؟ ما زال الوقت مبكراً جدّاً لتناقش 8 آذار أي اقتراح بديل عن حكومة ميقاتي. الحديث عن حكومة حياديّة يبدو ضرباً من الجنون بنظر 8 آذار، إذا استقالت الحكومة من دون اتفاق من يضمن أن يستطيع اللبنانيون تأليف حكومة جديدة بدل الوقوع في الفراغ؟ «لن نقبل حكومة محايدة، حتى موضوع حكومة الوحدة الوطنيّة لا يمكن الجزم به الآن أو حتى الحديث عنه قبل انقشاع الغيم».
«سيبقى ميقاتي رئيساً»، هذا ليس رجاءً فحسب، بل قناعة من قوى 8 آذار، عزّزها مشهد ارتباك 14 آذار بعد محاولة اقتحام السّرايا و«التعاطي الكيدي مع ميقاتي».  

السابق
إغتيال كاشف المستور والأحداث الآتية
التالي
وفاة شاب من كترمايا بعد إصابته أمس في وادي الزينة