اللواء الشهيد وسام الحسن

كل ما قيل ارتجالاً وتحت هول وقع الصدمة الصاعقة، في الراحل الكبير الشهيد اللواء وسام الحسن على ما فيه من فرادة ونبوغ واحتراف مميز في شخصيته وفي أداء دوره الأمني والوطني، قد لا يوفيه حقه بما قدمه للوطن من خدمات جليلة ومن تضحيات في حياته، توَّجها باستشهاده وعلى هذه الصورة المفجعة. والكل استند الى ما هو معروف من انجازاته الخارقة، ولكن غير المعروف منها وما لا يزال طي الأسرار الأمنية والسياسية قد يكون هو الأعظم. وهو من الشخصيات النادرة التي أجمع الخصوم والأعداء والأصدقاء والمحبون على الاعتراف بفداحة خسارة الوطن له ولا سيما على الصعيد الأمني، وعلى الاشادة بكفاءته وتفوقه واحترافه العالي. ولعل هذه المزايا بالذات كانت من أسباب استهداف حياته، لأنه ممنوع على دول العالم الثالث أن تكون لديها شخصيات من هذا الطراز، ولأنها ينبغي أن تكون حصراً وحكراً على الدول الكبرى والعظمى فقط! ولعل الوصف الأدق لشخصية الشهيد هو ما قاله مَن كان الأقرب منه والأكثر التصاقاً بالمسؤولية المشتركة اللواء أشرف ريفي مدير عام قوى الأمن الداخلي بوصفه أنه كان عقلاً استراتيجياً في الأمن.

بين ال 360 درجة من خريطة احتمالات استهداف الشهيد الكبير، لم يكن في عدادها أن الهدف الأول والأوحد لهذه الجريمة المروعة والنكراء أنه ينتمي الى الطائفة الكريمة التي ينتمي اليها. وهذا ما يوجب التوقف قليلاً عند ما قاله الرئيس نجيب ميقاتي – ربما تحت تأثير الصدمة أيضاً – من أن طائفتي مستهدفة. والشهيد وسام الحسن وحَّد اللبنانيين باستشهاده في أمرين: الاجماع على تقدير شخصيته، وفي الاجماع على اعتبار أن هذا الحدث المفجع هو استهداف أولاً لأمن الوطن وسلامته واستقراره. ومن المعروف عن الرئيس ميقاتي ما أعلنه سابقاً وجدده حالياً عن عدم تمسكه بالمنصب، ويسجل لرئيس الحكومة موقفه المسؤول في تحاشي حدوث فراغ كبير في السلطة وشلل للحكم في ظل الظروف العاصفة التي تمر بها المنطقة وتلفح نيرانها الملتهبة وجه لبنان. والموقف السهل كان أن يقول الرئيس ميقاتي كلمته، ويدير ظهره ويمشي، ولكنه آثر مع شركائه في المسؤولية والوطن، ولا سيما رئيس الجمهورية أن يترك فسحة من الوقت لتدبر الاستمرارية. ولهذا الموقف وجه آخر هو أن الاستقالة الفورية تحمل في طياتها اعترافاً ضمنياً بالاتهامات السياسية الموجهة اليه…

الخوف على المصير مشروع، ولكن الثقة بالعقل الوطني اللبناني أكبر.  

السابق
جنبلاط: بديل ميقاتي.. ميقاتي
التالي
أزمة مشروع