14 آذار تسير نحو حتفها

إغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن ضربة مفصلية لأهم جهاز امني في الدولة اللبنانية. الخسائر سيادية بامتياز، اما المكاسب فأمنية بالكامل لصالح وضعية أمنية شديدة الكثافة: شبكة إقليمية بامتدادات محلية. وهو مكسب لمسار تحويل لبنان بالكامل الى مساحة عمل أمني إستخباري بلا حياة سياسية، مسار يجاري الانظمة الامنية العربية التي تتداعى امام الربيع العربي، وتستحضر الى لبنان بقوة القتل والاغتيال.

شبكة ذات كثافة أمنية نجحت، حتى الآن، في الامساك بالمفاصل الرئيسة للدولة اللبنانية، مفاصل امنية وعسكرية واستراتيجية، تتيح لها حرية التحرك والعمل والسيطرة الميدانية. لذا يمكن فهم معنى التشبث بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي على رغم فشلها في مقاربة الازمات الاقتصادية والسياسية ونجاحها في ترسيخ الشرخ الوطني. الاهم بالنسبة الى المتمسكين بها أنّها نجحت في تأدية مهمة استثنائية بحياكة الغطاء السياسي لهذه الشبكة. فهي حكومة وفرت غطاءً لوظيفة أمنية هدفها ترتيب البلد في معادلة أمنية – فوق سياسية، محكومة بأولويات ومصالح اقليمية.
وفرت حكومة ميقاتي التلميع الدولي لهذه "الشبكة"، ونجحت في خلق مبررات وجودها في دوائر عربية فاعلة، وتحت مظلة الاستقرار مدت هذه الشبكة أذرعها الامنية ونفوذها في المفاصل الرئيسة للدولة. وفي ظل هذا التمدد سقط وسام الحسن، كحالة نافرة وخارج السيطرة في نظام عمل هذه الشبكة الاقليمية في لحظة شديدة الحراجة اقليمياً.

إعتقال ميشال سماحة كان تعبيرا عن عدم الانسجام وعن هذا النفور… خطوة لاقت في بدايتها احتضانًا من الكتلة الوسطية داخل الحكومة (سليمان – ميقاتي – جنبلاط) لكنها ما لبثت وتراجعت من خلال التباطؤ والضغوط التي فرملت عملية استكمال التحقيقات واستدعاء من يجب استدعاؤه في هذا الملف من شخصيات أمنية وسياسية لبنانية وسورية رشح أنها متورطة مع سماحة ايضا.
التباطؤ والتردد ضيّقا الخناق على الحسن ووفرا المناخ لاصطياده، في جريمة لا تنم عن احتراف منفذها لانها كانت اقرب إلى عملية تسليم. تسليم الحسن الى قاتله يداً بيد. ببساطة ثمة من وفّر شروط التسليم، وهي شروط لا تتحقق بغير اختراقات وإحاطة معلوماتية آمنة عبر الطرق المشرعة للمنفذ في أكثر من مفصل استراتيجي وأمني.

قتل وسام الحسن على ايقاع الانكفاء السياسي لقوى 14 آذار، والقاتل استفاد من عطب جوهري اصاب هذا الفريق، تمثل بفقدانه استراتيجية واضحة ما جعلها مكشوفة امام خصومها واعدائها، وزاد انكشافها ارتباكها خلال اللحظة السياسية التي قتلت وسام الحسن. كل فريق في 14 آذار كان مشدودا لتحليل واستراتيجية مختلفين، وامام إدعاء محاكاة الربيع العربي، بدت هذه القوى مفتقدة لرؤية واضحة وللاصرار على تحديد الاهداف واعتماد الآليات لتحقيقها. كان يمكن ان تستلهم من الثوار العرب، ومن الثوار السوريين تحديدا، الاصرار على تحقيق الهدف وابتداع الوسائل والخطط بعد تحديد الهدف.

قوى 14 آذار، مع تشييع وسام الحسن الى مثواه الاخير، هي في حالة الرضوخ لمباشرة عملية عد ضحاياها الآتين مجددا، لكنّها، على ما يبدو، لن تعوز القاتل بذل الجهد، فهي تسير طوعاً الى حتفها… ومشهد اليوم في ساحة رياض الصلح كان مسيرا نحو السكّين، السياسي أولا، والأمني والجسدي تاليا.

 

السابق
عين اللواء ريفي العقيد عماد عثمان رئيسا لشعبة المعلومات خلفا للواء الشهيد
التالي
الشرق: وسام الحسن إشتاق الى الرئيس رفيق الحريري فرقد قرير العين الى جانبه