الى عزيزي الشهيد وسام

خسرتك يا وسام وخسرت أعزّ صديق لي، وخسرت ذكريات في صداقتنا، وخسرت رجلاً وطنياً لبنانياً رغم اصطدامي معك في الفترة الاخيرة، أنت وغيرك تعرف أن الأحبّة يتصادقون ويقيمون افضل العلاقات ويختلفون، وأنا عندما اختلفت معك وهاجمتك كنت انتظر فتح الباب بيني وبينك، ماذا أقول لك يا وسام؟ انك خسارة كبرى للشعب اللبناني. وان الطاقة التي تملكها خسارة كبيرة للشعب اللبناني، وان القدرة التي عندك ليس لها تعويض عند أحد، خسرتك يا عزيزي ويا صديقي وسام، وبعضهم سيقول اني كنت أهاجمك اعلامياً بعنف، وأنت تعرف تماماً ان الذي يقوم بالجرائم لا يقوم بهجومات اعلامية بل يصمت ويكون خبيثا ويكون باطنياً ويخبىء كل عدائه ليحضّر لجريمته القاتلة.
وسام، خسرت الصداقة الكبرى التي كانت بيني وبينك، وكم من سهرات سهرناها حتى الفجر ونحن نتكلم بأمن لبنان ووضع لبنان، وبالتحديد بالامس يا وسام، كتبت لك مقالاً قلت لك فيه اني اقدم منك رتبة في الجيش، واني اريد ان ارشدك، وأن تنتبه الى المخاطر، وان لا تقوم بأعمال أكبر من حجم فرع المعلومات، لكن ذلك لا يبرر لاي مجرم ان يغتالك، اصابتك يا وسام اصابة لنا، وخسارتك خسارة لنا، وغيابك غياب الضمانة عنا، كنت في الصداقة ملكاً، وملكاً للبشاشة، وملكاً للتواضع والقرب من الصديق، وكنت في الخصومة مهذّباً رائعاً، لم تردّ بكلمة على كل الهجومات التي هاجمناك، فاعذرني على الهجومات، واطلب من روحك الطاهرة ان تسامحني على هجوماتي الاعلامية، لكن هناك فرق كبير بين صحافي يكتب مقالاً ضد سياسي او رئيس جهاز امن، ويكون هناك مجرم ومخطط يرتكب جريمة اغتيال وقتل فتقع الصدفة، فاذا بالهجوم الصحافي يلتقي مع جريمة قتل دون ان يكون هنالك اي علاقة بين الموضوعين، تصادقنا ثلاث سنوات، وتخاصمنا شهرين، ولكن كل ذلك شكليات، فيا وسام اين انت الآن؟ ويا وسام اين روحك الطاهرة عند الله؟ ويا وسام كيف سنرتشف فنجان القهوة معاً لاننا كنا سنعود اصدقاء، وكانت الوساطات بيننا تجري والمراسيل تجري بيني وبينك، وكنت انت تعرف اني اهاجمك كمن يدقّ الباب من جديد لاقامة الصداقة التي دخل عليها من قام بتعطيلها وخربطتها وضربها، ولذلك كانت مقالاتي هي من يدقّ على الباب ويقول افتح يا وسام من جديد ولنعد الى صداقتنا، لكن الذين عقّدوا العلاقة وضربوا الصداقة بيني وبينك اوصلوني الى هجوم صحافي عليك.
انا لا يهمني الآن، ان اتكلم عن المقالات الصحافية، يهمني ان اقول لك اني فقدتك، اني خسرتك، واسأل نفسي هل نلتقي مرة ثانية؟ واسأل نفسي أين أنت في قامتك وابتسامتك على الباب تنتظرني وندخل معاً، ونشرب اكثر من 4 فناجين قهوة و5 فناجين شاي، ونحن نتكلم، كنت طاقة رهيبة، كنت قدرة عظيمة، كنت صديقاً وفيّاً، كنت مساندا لكل قضية حق، على الصعيد الشخصي تحلو العلاقة معك، يحلو الحديث معك، وانت صديق صديق، وخصم خصم، ولكن خصم شديد. الغبطة في العلاقة معك هي انك تقول لا عندما تريد ان تقول لا، وانك تقول نعم عندما تريد ان تقول نعم، وانك لا توارب، وانك واضح في الأمور، الآن سقطت كل الامور السياسية، ذهبت، احترقت مع الحريق الذي قام به صاحب الجريمة الشنعاء، صاحب القلب الاسود، شياطين الارض، المجرمون، الذين قتلوك، كيف لم تنتبه يا وسام؟ وأنت حذر جداً. كيف لم تأخذ كل الحيطة وانت صاحب الحيطة والحذر. ولكن هي الخيانة، هي أحد قربك يعرف مواعيدك، ويعرف طريقك، انت عادة لا تأتي الى الاشرفية للاجتماع بأحد، فلماذا جئت هذه المرة؟ لطالما كنت تخبرني كيف تنتقل من مكتبك الى اجتماعك مع وزير الداخلية، أو رئيس الحكومة، أو مسؤولين، وكنت حذراً، فما بالك نسيت الحذر هذه المرة لتغتالك يد الغدر، ويد القتل الجبانة.
وسام، اقول لك اني حزين جداً، ولا شيء يلزمني ان أقول واكتب للتاريخ مقالة في الصفحة الأولى في جريدة الديار لاقول لك اني حزين لولا اني حزين جدا جدا جداً.
خسرتك يا وسام وليس من تعويض عنك، ولا شيء يعوّض الصداقة التي كانت بيننا، ولا شيء يعوّض حتى الخصومة الصحافية بيننا، وبات الانسان يخاف ان يعطي رأيه السياسي أو ان يهاجم السياسي فلا يعرف متى تقتل يد الغدر الشخصية التي ننتقدها سياسياً.
وسام أنت ضمانة كنت للبنان، وكنت ضمانة للأمن اللبناني، وكنت ذكياً جداً، كنت حادّ الذكاء، وربما ذكاؤك اعطاك حجما اكبر من حجمك بكثير، فذهبت ضحية ذكائك، ذهبت ضحية اكتشافك الأمور من نظرة. وسام الى اللقاء، وأنا حزين، خسرتك يا وسام وخسرت صديقاً أمضينا في صداقتنا ثلاث سنوات متواصلة نلتقي تقريباً يومياً، واختلفت معك شهرين، ولكن الأحبّة يتصادقون ويختلفون. وكل عبارات الهجوم ما هي الا دقّ على باب وسام الحسن لتعود العلاقة كما كانت المراسيل تفعل لتعود العلاقة معك، ولكن هنالك من كان يعطّل علاقتي معك، وعلاقتك معي، وهؤلاء غدروا بك، وقد يغدرون بي او بأي شخصية اخرى، انهم الايدي الآثمة، انهم القلوب السوداء، انهم اصحاب الجرائم السوداء.
متى ننتهي من هؤلاء اصحاب القلوب السوداء والجرائم، لا أدري، ولكن اقول لك ان بعد وسام الحسن لبنان شيء آخر، وان 14 آذار بعد وسام الحسن شيء آخر، وان الامن الداخلي بعد وسام الحسن خسارة كبيرة، وان الامن في لبنان بعد وسام الحسن هو في خطر كبير، فأستودعك الله وأستودع روحك الطاهرة، واقول لك بحزن كبير اننا لن نجلس معاً لنشرب فنجان قهوة من جديد.
كم مرة يا وسام طلبت مني ان اذهب الى سوريا واوصل رسائل، وكنت كلما خرجت من اجتماعي اقول لك سأتغدى في شتورا واجيء لعندك، وكنت تقول لي رجاء لا تتغدى على الطريق تابع انا انتظرك لو تحملت الجوع، وكنت اكمل طريقي من سوريا لعندك، وحصلت هذه اكثر من 20 او 40 مرة، بنيت معك علاقة جيدة مع سوريا، والمسؤولون في سوريا يعرفون كيف كنت اتحدث عنك وعن شرفك، وعن وطنيتك، الشهيد آصف شوكت يعرف، اللواء رستم غزالي يعرف، وغيرهما يعرفون، لكن كل ذلك لم يعد ينفع، اقول لك اخيراً ان خسارتي لا تعوّض، وان خسارتك لا تعويض لها للبنان، ليتني استطيع ان اكلمك دقيقة واحدة وأنت عائد الى الحياة، ولكن يا وسام ما الحل؟ نحن نقول دائما ان الله سبحانه وتعالى هو الرحمان الرحيم، ونسلّم بارادته، لكننا نتمنى لو يعطينا دقيقة نجلس فيها معاً، لكن هنا الرحمة لا تأتي، فالذي قضى قضى، والذي حصل حصل، وارادة ربّك هي الارادة الاولى والاخيرة.
فاسلم لربّك، وخسرتك يا وسام، خسرتك وأنا حزين جداً، عد لنا يا وسام لحظة واحدة، عد الينا لحظة، ولكن يد الغدر والقلوب السوداء ابعدتك، وأصبحت روحك مع الغيوم البيضاء في السماء، فليتنا نلتقي في الدنيا الاخرى طالما ان في هذه الدنيا لن نلتقي.

السابق
هدنة الأضحى
التالي
السفينة الفنلندية ايستيل المتوجهة الى غزة تتعرض لهجوم