أردوغان ثورة في الثورات

 عندما نتكلم عن تركيا, نرى أردوغان, وعندما نرى أردوغان, نتكلم عن ثورة اسلامية, بدأت بيضاء في تركيا, ومرت مبدلة ألوانها بمصر, والمغرب العربي, لتحط رحالها حمراء في سوريا.

تركيا, التي بدلت نظامها مع مصطفى كمال, وحاكت علاقات الود والصداقة مع الغرب, و الكيان الصهيوني, والتي كانت حتى الأمس القريب, من أقوى الحلفاء في المنطقة للكيان الصهيوني, وبعد أن غمر الاحباط الشارع العربي السني بشكل خاص, بعد ان غاب العرب بزعمائهم عن دعم القضية الأم, قضية فلسطين, وباقي القضايا الاخرى كالتمدد الفارسي, و تردي الاوضاع الاقتصادية, ولو حتى بالكلمة فنام العرب, ولكن تركيا استفاقت مع أردوغان, الذي كان يعد العدة منذ عشرات السنين, مع بداية رحلته السياسية والنضالية داخل بلاده.
انتقل أردوغان بتركيا, من دولة ذات اقتصاد على شفير الانهيار, الى دولة ذات اقتصاد من اقوى اقتصاديات العالم, حيث صنف ماخرا, بالرقم السادس عشر بالترتيب العالمي, ودخول تركيا مجموعة العشرين, هذا على المستوى الاقتصادي , أما على المستوى السياسي, دخلت تركيا بقوة على الساحة الاقليمية ,حيث أصبحت تركيا لاعبا اقليميا رئيسيا, وتشكل محورا أساسيا, لكي تكون صاحبة النفوذ الاكبر في الشرق الأوسط , وأما على المستوى الاجتماعي والثقافي , فالسينما التركية احتلت الشاشات العربية مصدرتا أفكار وبيئة المجتمع التركي, واخيرا, برزت بشكل لافت, الاعمال التي تتحدث عن العهد العثماني وما اعطاه من أمجاد للاسلام ,مدغدغة مشاعر اكثرية العرب, و لا يمكننا ان ننسى أن المنتوجات التركية اصبحت تغزو الاسواق العربية, بعد ان بدلت تركيا خياراتها بتغيير بوصلتها بتجاه اوروبا الى الشرق الاوسط.
فمن روحية التجربة الأردوغانية, في بناء الدولة الاسلامية الحديثة, الديمقراطية, ذات الاقتصاد المتين, القوي, في زمن ليس فيه اي دولة اسلامية نموذجية حقيقية, تتماشى مع روحية ,وحداثة, وتطور العصر, نظر الشعب العربي الى النموذج التركي, على انه نموذج مخلص من انظمة التخلف, والفساد ,والتبعية, فأراد استنساخ هذا النموذج ولو بطريقة أخرى, طريقة الثورة الشعبية, مختلفة طبيعتها ما بين سلمية, ومسلحة .
ان التبدل الذي حصل في تركيا, على يد أردوغان وزملائه, وما حصل ايضا من تبدل تركي في ما خص القضايا الاسلامية, وعلى رأسها, "القضية الأم " القضية الفلسطينية, كان له تأثير عميق في نفوس الشعوب العربية, حيث بدأت هذه الشعوب بالتطلع الى تغيير أنظمتها, و الحصول على أنظمة تلبي طموحاتها, وتطلعاتها, كالنظام التركي, فانطلقت الثورات, ولا يمكننا القول, أن هذه الثورات انطلقت فقط بالاسلاميين, فكان هناك قوى اخرى, ولكن هذه الثورات, غلب عليها الطابع الاسلامي, وهذا الذي تمخض من خلال وصول القوى الاسلامية المعتدلة ذات الفكر الاخواني, في كل, من مصر, و دول المغرب العربي الى سدة الحكم.
لا يمكننا ان نتجاهل دور أردوغان, في الثورات العربية, ووصول التيارات الاسلامية ذات الطابع الاخواني الى السلطة, فأردوغان ذات الفكر الاخواني, والمتدرج في حزب الرفاه, وعلى يد زعيمه نجم الدين اربكان , وحيث للاخوان مجلس عالمي يناقش وينسق ويضع السياسة العامة للجماعة, مع الأخذ بعين الاعتبار السياسة الداخلية لكل دولة , فأردوغان لا ينكر دور الغنوشي في وصول حزب العدالة والتنمية في تركيا الى السلطة , فموقف ودور أردوغان كان واضح وفعال في ثورات الشعوب العربية ووصول الاسلام السياسي الى سدة السلطة , واليوم يمكننا ان نرى دور أردوغان في نصرة الشعب السوري وثورته , فتركيا أردوغان احتضنت المجلس الوطني السوري , احتضنت قيادة الجيش الحر , حدودها مركز لتدفق السلاح للمعارضة, خفضت نسبة استيراد النفط من ايران وذلك ردا على ايران تجاه موقفها الداعم للنظام السوري ,قدمت افضل مراكز لايواء الاجئين ,تقدم الدعم المادي للشعب السوري وثورته ,وتقدم تحرك دبلوماسي وسياسي داعم للثورة , فتركيا في قلب المواجهة ومعركة الشعب السوري معركتها .

 

السابق
‘التوحيد العربي’ دان خطاب مرسي الى بيريز
التالي
سمير غانم في adar idol