ماذا حصل داخل إجتماع قيادة حزب الله الأخير؟

"الحزب في مآزق، ولذلك يجب فعل أي شيء قبل أن تأتي ساعة ونندم فيها على سكوتنا تجاه كل الرياح التي تواجهنا وتهبّ علينا من كل حدب وصوب. لا تظنوا أنّ سياسة الأيادي المكتوفة ستردّ عنّا الاتهامات التي بدأت تطاولنا في العمق، علينا اعتماد خطة الردود السياسية وعدم الانتظار". لكن هل يكفي الرد السياسي؟… "أقلّه في الوقت الحاضر".

ما تقدّم لم يكن سوى نقاش دار بين قياديَّين بارزَين من الصف الأول في "حزب الله" خلال اجتماع قيادي عُقد في الخامسة عصر الثلثاء الماضي في إحدى المناطق القريبة من الضاحية الجنوبية، وضمّ بعض مسؤولي المناطق الحسّاسة، ووُصف بأنه الأبرز لجهة النتائج التي ستترتب عليه، وذلك قبل أقل من 24 ساعة على إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله المتلفزة مساء الأربعاء.

إنه وقت العمل

على غير عادة، منذ بدء الثورة في سوريا، يدخل نصرالله الاجتماع بابتسامة لم يعهدها القياديون منذ تلك الفترة، ليبدأ حديثه بالقول: "الوقت ليس للعتاب ولا حتى للانتقادات، ما جرى من أخطاء طيلة الفترة الفائتة علينا أن نضعه جانباً، اليوم حان وقت العمل الجاد وما سيرشح عن لقائنا هذا سيكون دستوراً نعتمده خلال الفترة المقبلة. بداية، علينا أن نعترف أن ما سُرّب حول إلقائنا القبض على المدعو حسين علي فحص كان ضربة هزّت جمهورنا وأربكته، ذلك عدا عن اتصالات مؤيّدينا وحلفائنا التي كانت تريد معرفة حقيقة الخبر".

وفي هذا الإطار، تقول معلومات مؤكدة إن نصرالله حضر جزءاً من الاجتماع الذي سيُستكمل خلال الأسبوعين المقبلين، وقد تركّز البحث أثناء وجوده على ضرورة إجراء دراسة سريعة تفضي إلى اتخاذ الحزب مجموعة تدابير في وقت قريب، تتعلق بكل الاتهامات التي طاولته خلال الأسابيع المنصرمة بدءاً من عناصره التي تسقط في سوريا مروراً بالتقرير الذي اتهمه باغتيال النائب السابق جبران تويني، وما سيتبعه من تقارير قد تُنشر لاحقاً، يقول الحزب إنه يملك معلومات عن معظمها، وصولاً إلى طائرة أيوب.

مصارعة الثور في مستودع الخزف

من هنا، يصحّ القول إنّ الأزمات داخل "حزب الله" بدأت تتفاعل، ومعها بدأ سياسيوه يعدّون لخطة بهدف التصدي لكل "مؤامرة" يمكن أن تستهدف مسيرة حزب وصل إلى ذروة أمجاده البطولية من خلال مقاومته لإسرائيل، قبل أن تسقطه الضربات المتتالية وتخرجه من ساحة تَسَيَّدها وانفرد بقرارها لعقود من الزمن، وتدخله ضمن حلبة صغيرة تشبه إلى حد قريب زاروباً صغيراً داخل أحياء بيروت ليصبح كمن يصارع الثور في مستودع الخزف.

وبالعودة إلى المعلومات، فهي تؤكد أن قراراً أولياً اتخذ خلال الاجتماع يتعلق بعدم الاعتراف بتورّط الحزب في الشأن السوري، أقلّه في المدى المنظور، لأنه يدرك أنّ إعلان تورطه هذا سيقسم البلد إلى شطرين، الأول مؤيّد للنظام السوري وهو الطرف الشيعي، والآخر مناوئ يمثل الأغلبية اللبنانية.

وتشير المعلومات إلى أنّه في حال اضطر الحزب إلى إعلان هذا الأمر، فذلك سيكون من خلال إطلالة تلفزيونية يعلن فيها نصرالله حجم المؤامرة التي تستهدف الشيعة أولاً، ومحور المقاومة ثانياً. وقد جرى تنبيه جميع الموجودين أنه "في حال اضطررنا للدخول في معركة حاسمة إلى جانب الرئيس الأسد، عندها سيكون اتكالنا على أنفسنا فقط، وعلينا التنبّه إلى غدر الحليف قبل العدو، وهذه المرحلة تتطلب منّا تطويع مجموعات قادرة على نشر ثقافة الجهاد حيث يتطلب الواجب، إذ لا فرق بين الجهاد في سبيل الله على أرض لبنان أو في غيره من البلدان".

أكثر من ألف مخزن للسلاح
أما الموضوع الآخر الذي بحثه الاجتماع، فكان الانفجارات التي تتعرض لها مخازن السلاح التابعة لـ"حزب الله" بين الفترة والأخرى، وهناك من سأل نصرالله هل الجيش السوري الحر هو من استهدف المخزن من خلال أياد لبنانية؟ فأجاب، وذلك، بحسب المعلومات العسكرية التي أفادته بها قيادة المقاومة: "نحن والإيرانيون لدينا وجهة نظر عسكرية قد تكون مختلفة عن بقية الجيوش.

لنفترض يا اخوان أنّ هناك دورة تدريبية لشبابنا في إيران، وهؤلاء الشباب يفوق عددهم الألف عنصر، فهل استشهاد اثنين او ثلاثة منهم يُعدّ كارثة؟". يأتي الجواب من معظمهم بالنفي، ليكمل نصرالله وجهة نظره التي تقول إن الأمر نفسه ينطبق على مخازن السلاح المتوافرة بكثرة لدينا، "فهل يعقل أن نتوقف عند انفجار عدد صغير مقابل ألف مخزن وربما اكثر؟".

نصرالله يتهم "المستقبل"
كذلك، تطرق الاجتماع إلى إسقاط الثوار في سوريا طائرات "الميغ" التابعة للجيش السوري النظامي، وهل باتوا يملكون فعلاً سلاحاً صاروخياً متطوراً، وهنا يقول نصرالله: "هناك معلومات توافرت لدينا تقول إن هذه الصواريخ القليلة العدد يمكن أن تكون قد وصلت إلى يد الثوار عن طريقَين لا ثالث لهما، فإمّا أن يكون تيار "المستقبل"، وتحديداً النائب عقاب صقر، زوّدوا الثوار بهذا السلاح عن طريق ليبيا وتركيا، ولدينا معلومات تؤكد هذا الأمر، وإما أن تكون بعض الجهات داخل "حزب الله" قد باعت عدداً قليلاً من إحدى مخازن الأسلحة في البقاع لهؤلاء الثوار، وهذا الاحتمال يبقى ضعيفاً لأسباب نشرحها لاحقاً".

وهنا تكشف المعلومات أن "الاحتمال الثاني هو الأقرب إلى الحقيقة، إذ إنّ هناك من عمل على تفجير مخزن السلاح في النبي شيت بعد شيوع خبر بيع مجموعة صواريخ من نوع SA – 17 الروسية المضادة للطائرات للجيش السوري الحر، ودولة قطر كانت الداعم المادي الوحيد لهذه الصفقة".

"أيوب" لبنانية بروح ألمانية
أما الموضوع الأهم الذي بحثه الاجتماع، فكان طائرة الاستطلاع "أيوب". في هذا الملف يكشف نصرالله للحاضرين الآتي: "لقد استوردنا قطع هذه الطائرة من الخارج عبر شركة إيرانية تعنى بالتكنولوجيا، لكن المؤكد أن بعض الأخوة في الحزب، لا يتجاوز عددهم العشرة، هم الذين عملوا لمدة ثلاث سنوات على تصنيعها، وقد تمكنوا من تحقيق إنجاز هو الاول من نوعه في العالم العربي، وأنا أؤكد لكم أنّ إسقاطها كان في الحسبان، لكننا عملنا على منع حدوثه، لكننا لم ننجح لأسباب بسيطة جداً غابت عن بال الأخوة، واعدكم أن تعود الطائرة سالمة في المرات المقبلة وفي حوزتها معلومات تفوق تلك التي حصلنا عليها من طريق البث الهوائي المباشر قبل ان تُسقط".

ويختم نصرالله حديثه بالقول إن "المجموعة التي عملت على إنجاز هذه الطائرة، تضمّ طلاباً متخرجين من اهم الجامعات في أقسام الهندسة، وبالإضافة الى آخرين من خرّيجي معاهد إلكترونية، وإقلاعها في اتجاه فلسطين المحتلة تمّ من أراض شاسعة بالقرب من بلدة بنت جبيل، بإشراف أخ يدعى (ع) لم يتجاوز عمره 27 عاماً. كونوا على استعداد لأي أمر طارئ ولقطع رأس المؤامرة التي تستهدفنا، والتي تزداد يوماً بعد يوم".

معلومات عن "أيوب"
وفي موضوع طائرة "أيوب"، أكدت مصادر لـ"الجمهورية" أن "حزب الله" يمتلك الكثير منها، لكنها تصنف في خانة الأسلحة التجسسية لا الأسلحة الحربية، وهي على أبعد تقدير تستطيع حمل 3 كلغ فقط من المواد المتفجرة، وذلك على عكس ما أشيع عن إمكانها حمل عشرات الكيلوغرامات من هذه المواد".

وتكشف أن "معدات الطائرة ألمانية الصنع وقد استوردتها شركة إيرانية وهمية معنية بتجهيز الحرس الثوري الإيراني بالتكنولوجيا الإلكترونية من خلال شركتين ألمانيّتين إحداهما شركة "سيمينس" المعنية بتطوير كاميرات التصوير والتحكم عن بعد، والأخرى شركة "بوكشتيغل" المعنية بصناعة المعادن الخفيفة، وهي في الأصل شركة لتصنيع السفن الحربية".  

السابق
مؤسسة “أبعاد” تطلق مركز استماع للرجال: حابين نروح أبعد
التالي
“حزب الله” دان قرار “يوتلسات” بوقف بث 19 قناة فضائية إيرانية