لزوم ما لا يلزم

في ظل تزاحم الأحداث، وتسارع التطورات الإقليمية والدولية على خلفية ما يحدث في سوريا، يبقى قانون الانتخابات النيابية متصدراً إهتمامات القوى السياسية المختلفة بحيث تبحث كل منها عن قانون يحقق أكبر قدر ممكن من المكاسب الانتخابية تحت عنوان القانون الأفضل تمثيلاً والذي على ما يبدو لن يتحقق أو يولد في المدى المنظور.
ذلك لأن هناك على طاولة البحث أربعة مشاريع جاهزة، بعدما أضيف إليها قانون فؤاد بطرس، يمسك كل فريق من فريقي الصراع السياسي بما يتناسب منها مع طموحاته في الحصول على الغالبية العددية في المجلس النيابي المقبل مهما كان الثمن، وبأي ثمن بناء على حسابات أن من يفوز بالغالبية العددية يحكم البلد للسنوات الأربع أو الثمانية التي تلي الانتخابات العامة وذلك استناداً إلى ما هو حاصل اليوم حيث بسطت قوى 8 آذار حكمها للبلاد بعدما ربحت استقطاب النائب وليد جنبلاط الى جانبها، ولو أتى هذا الاستقطاب بفعل القمصان السود، كما تروّج قوى الرابع عشر من آذار وبفعل الحرص على الاستقرار الوطني ومنع الانزلاق الى حروب مذهبية كما يبرر الزعيم الاشتراكي.
فهناك مشروع قانون الحكومة المبني على النظام النسبي والذي تروّج له الحكومة بأنه الأفضل للتمثيل المسيحي الصحيح وتدعمه كل قوى الثامن من آذار كرمى لطموحات حليفها المسيحي الجنرال ميشال عون، الذي يرى فيه الطريق الأكثر قرباً ليحقق طموحاته، واختصار الطريق إلى رئاسة الجمهورية، وهذا المشروع يصطدم بمعارضة قوية من قوى الرابع عشر من آذار يساندها بقوة النائب جنبلاط لاعتبارات تتعلق بأحادية الزعامة الدرزية التي يهددها جدياً هذا القانون، ولأسباب أخرى يقال أن حزب الله وحركة أمل ليسا متحمسان له، وإن كانا يجاهران بدعمه مراعاة لرغبات حليفهم جنرال الرابية، وبالتالي فإن حظوظه في الحصول على أكثرية عددية داخل مجلس النواب تكاد تكون معدومة، باعتراف الجنرال نفسه.
وهناك في المقابل مشروع أو اقتراح قانون الدوائر الصغرى المقدم من القوات اللبنانية والنواب المسيحيين، ومصيره في ظل معارضة جنبلاط وحرص الرئيس سعد الحريري على استمرار تحالفه الانتخابي معه ليس أفضل من مصير قانون الحكومة المبني على النسبية وإن كان هو قائم على النظام الأكثري الذي يحبذه النائب جنبلاط، ويرى في اعتماده القانون الأفضل للتمثيل الصحيح والسليم من جهة، ولإمساكه بالزعامة الدرزية من خلال حصده معظم المقاعد النيابية المخصصة للدروز من جهة ثانية.
إلى هذين المشروع والقانونين، هناك ما يسمى بقانون اللقاء الأرثوذكسي الذي يقوم على نظام مركب يجمع بين النسبية والأكثرية مع بدعة إنتخاب كل طائفة لنوابها، وهي بدعة تضرب بالصميم اتفاق الطائف، وتؤسس لقيام عدة كانتونات طائفية وإلى مربعات أمنية، وبالتالي فحظوظه تكاد تكون معدومة حتى ولو تبناه جنرال الرابية، وسانده حزب الله وحركة أمل.
وبين هذه المشاريع الثلاثة يبقى قانون فؤاد بطرس الأفضل لجهة التمثيل المسيحي الصحيح، لكل الطوائف المكونة للدولة اللبنانية، ومع ذلك فحظوظه قد تكون معدومة وفي أحسن الأحوال شبه معدومة لأنه لا يتناسب مع قوى الرابع عشر من آذار التي تنشد الحصول على الأكثرية في المجلس النيابي المقبل، ولا مع قوى 8 آذار للسبب ذاته يبقى العودة لقانون الستين هي الخلاص لأزمة قانون الانتخاب، لأنه جاء نتاج اتفاق داخلي – عربي – دولي في مؤتمر الدوحة من جهة، ولأنه من جهة ثانية كان مطلباً مسيحياً بالإجماع عبّر عنه جنرال الرابية في مؤتمر الدوحة ونال قبول مسيحيّي الرابع عشر من آذار.

السابق
عيد الاضحى في لبنان: لا سياح عرب ولا أجانب !!
التالي
منتخب الارز يتأهَّب لمواجهة قطر