لا تسيّسوا السياسة !

لقد لخص تقرير غرفة تجارة وصناعة الكويت بعنوان «إشكالية الأزمة التنموية وتأزم الممارسة السياسية في الكويت» كثيراً من ظواهر الاحتقان السياسي القائم في الكويت وصاغها بعبارة جميلة: «إذ تغنينا عن ذلك صورة القرار التنموي التائه بين مجلس أمة أبطله القضاء ومجلس أمة عطله الإقصاء وبين حكومة تعذر عليها أن تؤدي قسمها، ومعارضة أضعف الانغلاق مصداقيتها».
ثم يتحدث التقرير عن الأزمة السياسية بعنوان (تحرير السياسة والتحرر منها)، فالسياسة في بلدنا – كما يذكر التقرير – تتدخل في كل أمر وكل نشاط وكل قضية، ولا عجب – بالتالي – أن تنوء السياسة تحت ثقل هذا الحمل، فتقع ويقع معها كل ما تحمل ثم يخلص التقرير إلى:
وأخيراً، ان الدول الناجحة اقتصادياً هي الدول التي تنجح سياسياً في حشد المواطنين وراء أهداف التنمية وسياساتها والتزاماتها، في ظل حرية قائمة على تكافؤ الفرص، وعدالة المنافسة، وشفافية المصالح، وهذا يتطلب ارتقاء وانتقاء في الممارسة السياسية، وتمسكاً مطلقاً وإجماعياً بالديموقراطية الحقيقية، التي تسمح بالتغيير الهادئ باعتباره الضمانة الحقيقية للاستقرار، وباعتباره الحصانة المنيعة في وجه التغيير العاصف الذي تفرضه قوى خاطئة وطرق خطرة، فالمجتمعات الديموقراطية هي أكثر المجتمعات تقدماً وغنى، وتطوراً واستقراراً، وهي أكثر المجتمعات قدرة على تنشئة المواطن القادر، بعلمه وعمله والتزامه الوطني، على تطوير حريته، وحفظ كرامته، وتعميق إبداعه.
فليس بالسياسة وحدها تنهض الأوطان.
إذاً فتقرير غرفة التجارة والصناعة يربط ما بين الأزمة السياسية التي خلقها لنا مراهقو السياسة وأشغلوا المجتمع بها، وما بين التنمية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمناخ السياسي، كما ترتبط بالاقتصاد، ويطالب التقرير بتحرير السياسة والتحرر منها، فمن غير المعقول أن يتم تسييس كل شيء في البلد وتدّخل السياسيين في جميع مناحي الحياة والتأثير فيها.
لقد أشبع محاضرو مؤتمر الحوار الوطني الذين تحدثوا على مدى يومين متتاليين، والذين يمثلون جميع أطياف المجتمع الكويتي، أشبعوا الحضور بتشخيصهم لأسباب الأزمات التي تمر بها الكويت، وكانت عناوين محاضراتهم تدور حول سرقات الكبار وملايين الرشوة الانتخابية والإغداق المالي لتغطية العجز من السلطتين، والفوضى السياسية وخطورة القبلية والطائفية والتخوين وخلافات الأسرة وغيرها.
بل وخصص المحاضرون ندوة للحديث عن الخلل الإداري في مجال الرياضة والتلاعب في القوائم وفقدان الثقافة الرياضية وغيرها.
أمام كل ذلك التشخيص لجوانب الفشل في مجتمعنا ماذا يمكننا أن نعمل للخروج من ذلك النفق؟! لقد نبه سمو أمير البلاد إلى خطورة تلك الأوضاع بقوله: (إن ما تشهده الكويت من أوضاع حالياً يسيء إلى مكانتها وسمعتها)، ثم دعا سموه إلى وقفة تأمل لتصحيح الكثير من الأمور وإعادتها إلى جادة الصواب، وقال بأنه سيتخذ أي تدبير لحفظ الكويت وأهلها وحفظ أسباب الأمن والاستقرار ورفعة شأنها.
دعونا نمد أيدينا في يد أميرنا لنعالج ذلك الخلل ولنقف صفاً واحداً ضد كل من يصر على زج السياسة في جميع نواحي الحياة ويعطل التنمية.

السابق
انتحر بعد مشاهدة اغتصاب ابنته
التالي
المصري: لدى الجيش السوري الحر 13 أسيراً من حزب الله في ريف حمص