المفاوضات السرية

في موازاة الحرب الشرسة الدائرة في سوريا، حيث يسعى النظام،مرة أخرى وبلا جدوى، إلى حسم عسكري قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية في السادس من تشرين الثاني المقبل علّه يفرض نفسه طرفاً مفاوضاً على التسوية، بدلاً من أن يكون طرفاً مفاوَضاً عليه في التسوية، وفيما يحقق المعارضون كسباً متزايداً على أرض المعارك، تدور مفاوضات ديبلوماسية سرّية في انقرة بعيداً من الإعلام لوَقف إراقة الدماء في سوريا، تحت عنوان "مرحلة ما بعد الاسد".

هذه المفاوضات تُجرى بالواسطة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في شكل رئيس، وتتولى إدارتها تركيا، بمباركة واشنطن ومشاركة موسكو، وهذا ما يفسّر إلى حد ما عدم رغبة أنقرة في الانجرار إلى حرب عسكرية مع النظام السوري في هذه المرحلة، وطرح اسم فاروق الشرع لقيادة مرحلة انتقالية.

وقد دخل الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي في اطار جولته الاخيرة على طهران وبغداد وانقرة على خط تذليل بعض العقبات دعماً لأفكار التسوية،الا انه لا يتوقع ان يحقق اي نتيجة في مهمته، فيما تتوالى الاجتماعات السرية وابرزها لقاء جمع الرئيس التركي عبدالله غول ونائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي في انقرة في الخامس من الشهر الجاري، استكمالاً لاجتماع سابق كان عقد بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي في منتصف أيلول الماضي.

وتصب زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنقرة، والتي تأجلت الى كانون الاول المقبل، في إطار الحركة الديبلوماسية التي تشكل جزءاً من مساعي موسكو وطهران للحفاظ على مصالحهما الاستراتيجية في الشرق الأوسط من خلال التفاوض على المرحلة الانتقالية لِما بعد الرئيس بشار الأسد في سوريا.

بدورها تؤدي أنقرة دور الوسيط في هذه المفاوضات الصعبة والمعقدة بشكل كبير، على أمل إنهاء النزاع في جوارها ونَيل ثمن أداء سياستها الخارجية في حال نجح الرهان على التسوية المرجوّة لسوريا من دون الأسد.

غير أن هناك عدداً من المسائل العالقة والتي يجب معالجتها للتقدم في سَير المفاوضات، مع الإشارة إلى أن مراجع ديبلوماسية معنية أكدت أن "نظام الأسد يمكن أن يُجبر على التخلي عن السلطة إذا حصل على ضمانات ولجوء محتمل، وهنا يمكن ان تؤدي روسيا دوراً بارزاً".

ومن المسائل التي يجري العمل عليها: دور تركيا كوسيط بين أميركا وإيران في خضم التوتر العالي بينهما بسبب الحصار الاقتصادي على طهران، وإمكان أن تتوحّد المعارضات السورية المشتتة حول مشروع الخطة الانتقالية.

وتكشف المراجع أن هناك اتفاقاً بين كل الدول المعنية بالنزاع في سوريا، على تجنّب انهيار كامل للنظام. ولهذا تمّ اقتراح الشرع، من ضمن النظام، الّا ان هذا لا يعني "نظام الأسد" في أي شكل من الاشكال، بل "نظام الدولة والمؤسسات"، وعلى ضمان عدم إقصاء الطائفة العلوية عن المرحلة الانتقالية التأسيسية.

المفاوضات الآن في المراحل التمهيدية. وهي تحتاج إلى الوقت، اما حظوظها فتميل نحو الفشل بدرجة كبيرة لتفاوت المصالح وتناقضها. لذلك يُتوقع استمرار القتال بضراوة متصاعدة ليقول المنتصر كلمته في النهاية.

السابق
الإسلاميّون معارضون لا حكّام
التالي
لافروف: الأسد لن يرحل أبداً..وطهران لفترة انتقالية بإشراف الاسد