شرطة الموضة تلاحق مذيعات الأخبار

تختلط الأمور أحياناً على مشاهدي نشرات الأخبار: هل نحن في استديو أخبار، أم في برنامج ترفيهي، أم في زفاف؟ جولة بسيطة على النشرات النهارية والمسائية لأبرز القنوات اللبنانية، كفيلة لنشاهد كلّ أشكال الملابس وألوانها. استغراب المشاهدين لإطلالة المذيعات اللبنانيات، انعكس تعليقات ساخرة ونكات على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً بعد حادثة قميص «مستمتعة» التي ارتدتها المذيعة عبير الحلبي على شاشة «الجديد»، وأخيراً قميص الساتان باللون الفوشيا الذي ارتدته داليا أحمد على الشاشة نفسها. هاتان التجربتان الحديثتان، لا تلغيان «حوادث» أخرى، من نوع الظهور في برنامج صباحي بقميص برّاق.
ليس جديداً على الشاشات اللبنانية، أن نشاهد مذيعةً ترتدي ألوناً فاقعة، ومزعجة للنظر. ومن المعروف أن للإطلالة الإخبارية قواعدها وأصولها، لكن القاعدة في قاموس المذيعات اللبنانيات صارت محاولة لفت الأنظار قدر الإمكان، ولو على حساب الأناقة، والصورة التلفزيونية. العديد من المذيعات اللبنانيات، يحاولن كسر المظهر الرسمي والجدّي لمذيعة الأخبار، ولكن مع بعض «الأضرار الجانبية».
هذا ما لا توافق عليه مسؤولة تنسيق الملابس في تلفزيون «الجديد»، فيدا أسود. برأيها فإن ما يميّز مذيعات النشرة في القناة عن غيرهن، هو «ملابسهنّ الأنيقة، المواكبة للموضة، واللافتة بألوانها». وتؤكد رداً على التعليقات التي طالتهنّ أن «عين المشاهد تملّ من تكرار الألوان والنمط الواحد في اللباس، لذلك نحن نعمد دائماً إلى التغيير والتجديد في ملابس المذيعات، وهنّ يحببن الألوان الفاقعة، وان لم يكنّ مقتنعات بما يرتدينه من ألوان وموديلات لما ظهرن به على الشاشة».
مذيعات شاشتيّ «إم. تي. في» و«إل. بي. سي» يفضّلن الظهور بملابس أكثر رسمية. تؤكد مذيعة نشرة الأخبار على شاشة «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال» ديما صادق، أن الشكل الأمثل والأكثر ترتيباً الذي على المذيعة الظهور به هو «اللباس الذي يعتمد على البساطة والألوان الخفيفة والزاهية»، مشيرةً إلى أنه من الضروري أن تهتم المذيعة بمظهرها وأناقتها، شرط أن لا يكون ذلك على حساب وقتها وعملها. وتضيف «لا وجود لفريق مختص بتنسيق الملابس في «إل. بي. سي.» إلا أننا كمذيعات نظهر بكامل أناقتنا وترتيبنا». ومن الملاحظ أن زميلات صادق في lbc يتفقن جمعياً على اللباس «السبور شيك»، ويرتدين غالباً الجينز مع سترة، أو الفساتين الرسمية ذات اللون الواحد.
أما على شاشة «إن. بي. إن.»، فتبدو الألوان ممنوعة. المفارقة الحقيقية أننا نكون غالباً على موعد مع مأتم على شاشتها، إذ يبدو أن مذيعات نشرتها الإخبارية يعشقن اللون الأسود، ويلتزمن به رسمياً في معظم الأيام، إلى جانب التبرّج بألوان فاقعة. وهو الأمر الذي تبرّره مذيعة القناة سوسن صفا «لسنا ملزمات بارتداء اللون الأسود، لكنه الأكثر ملائمةً لـ«الكروما» أي خلفية الاستديو». وتشير الى أن غياب فريق تنسيق للملابس ليس تقصيراً من القناة بل لأن كل مذيعة تفضل اختيار لباسها بنفسها.
وبالنسبة لقناة «المنار»، فإن «الضوابط الشرعية هي أهم ما يحكم لباس المذيعات»، بحسب مدير دائرة خدمات الإنتاج في القناة يوسف كرّام. «بغض النظر عن أن الألوان الفاقعة مزعجة على الكاميرا، فالضوابط الشرعية والدينية التي تلتزم بها القناة، هي التي تفرض استخدام الألوان الدافئة والتشديد على الرقابة بما يختص باللباس»، يقول. لكن ذلك لا ينفي طبعاً أن «مذيعات القناة يظهرن اهتماماً واضحاً بأناقتهنّ إن كان بما يختص بالألوان، والماركات والنوعيّة»، حسب تعبيره.
من الطبيعي أن تكون إطلالة المذيعات أنيقة وجذّابة، لكن ماذا إن تحولت بعض استوديوهات النشرات إلى «بوديوم» أو منصات لعرض الأزياء؟ ترى فيدا أسود أن قناة «الجديد»، ورغبةً منها في التماشي مع العصر، تعطي المذيعات الحرية في اختيار الملابس إلى حد معين وذلك «لأن الجرأة في اللباس تلفت أنظار الناس». من جهتها تؤكّد ديما صادق أنّ شاشة «إل. بي. سي.» تمنع ارتداء التنانير القصيرة وتفرض «حشمةً نسبية» على المذيعات، «فعلى السترة مثلاً أن تصل على الأقل إلى آخر الكتف». وبدورها تعتبر صفا أنّه على المذيعة «أن تعطي انطباع المادة التي تقدمها، والخبر الذي نقدمه هو الأهم وليس الشكل الأجمل والأكثر إغراء».
تتباهى أسود بأنّ مذيعات قناة «الجديد» اخترن ملابسهنّ تقريباً من كل المتاجر المهمة والبارزة في العاصمة بيروت، متحدثةً عن أن «هذه المتاجر تهتم بمذيعات «الجديد» خصيصاً». وذلك طبعاً يدخل ضمن موضوع الدعاية، فـ«نشرات أخبار «الجديد» من أكثر النشرات جرأة في لبنان إن كان من حيث الشكل أو المضمون»، تقول. ومن جهته يشير كرّام إلى أن كل متاجر الملابس التي تعرض قناة «المنار» إعلاناتها، تتعاون معها، خصوصاً «متاجر اللباس الشرعي في الضاحية الجنوبية لبيروت».
الأكيد أنّ لا أحد يحسد مذيعات نشرات الأخبار اللبنانيات على وضعهنّ، فهنّ مجبرات على اختيار ملابس مختلفة كل يوم، وإن فشلن في الاختيار، فسيكون البلد بأكمله شاهداً على ذلك… لكنّ الأكيد أيضاً، أنّ بعض بروتوكولات الملبس على الشاشة بحاجة للتعديل، ولتدخّل فوري من «شرطة الموضة»، خصوصاً أنّ الصورة هي عامل أساسي في جذب المشاهد أو تنفيره. كما أن الملبس الأنيق دليل أول على حرفيّة القناة أو عدمها. والأمثلة على قواعد الملبس كثيرة، ولا تحتاج دراسات معمّقة، يكفي أن نشاهد بعض القنوات الفرنسيّة مثلاً، لنكتشف أن جزءاً من النجاح في مهنة مذيعات الأخبار، يقوم على الإطلالة بأقلّ قدر ممكن من التكلّف.
 
 

السابق
إرغام طائرة أرمنية على الهبوط في تركيا
التالي
عقوبات جديدة على النظام السوري