السفير: سجن روميه “إمارة” لتنظيم “فتح الإسلام”!

ظل إعلان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عن تبني طائرة "أيوب" محور تقييم في الداخل الإسرائيلي، في ظل رقابة عسكرية شديدة على تعامل الإعلام الإسرائيلي مع هذا الحدث النوعي، فيما كان لافتاً للانتباه، لبنانياً، قيام السفيرة الاميركية مورا كونيلي بزيارة تفقدية لمطار بيروت وطرحها اسئلة واستفسارات على المسؤولين فيه حول "طائرة أيوب".
يأتي ذلك بالتزامن مع مسارعة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى التعليق على خطوة المقاومة، في موقف بدا مرضياً للمقاومة والفريق السياسي المرحب بالعملية، وفي الوقت نفسه، لفريق 14 آذار الرافض للعملية.
وقال سليمان إن عملية إرسال طائرة من دون طيار فوق أراضي العدو الإسرائيلي "تظهر مدى الحاجة إلى إقرار إستراتيجية دفاعية تنظم مسألة الإفادة من قدرات المقاومة للدفاع عن لبنان، ووضع آلية لإصدار القرار باستعمال هذه القدرة بما يتلاءم مع خطط الجيش واحتياجاته الدفاعية والمصلحة الوطنية حصراً في أي ظرف من الظروف".
ولفت سليمان النظر الى ان الخروقات الإسرائيلية اليومية للسيادة والأجواء اللبنانية "هي موضع شكاوى لبنان الدائمة إلى مجلس الأمن، والتي أصبح ملحاً اليوم وقفها فوراً، ووضع حد لها تطبيقاً للقرار 1701 وحفظاً للسلم والأمن في المنطقة".
ومن جهة ثانية، جدّد سليمان التنبيه إلى "ضرورة تجنيب المناطق اللبنانية سقوط القذائف الناتج عن الأعمال العسكرية الدائرة على الجانب المتاخم للحدود اللبنانية السورية".
في غضون ذلك، كشف النقاب امس، عن فضيحة أمنية تجلت في نجاح تنظيم "فتح الاسلام" في اختراق الامن اللبناني، وتمكن ثلاثة من عناصره من الفرار من سجن روميه، وهم فيصل اسماعيل عقلة (جزائري) مواليد العام 1981، ويعرف في "فتح الاسلام" بـ"أبي شعيب الجزائري" وعمر محمود عثمان مواليد العام 1986 (سوري)، ومحمود عوض فلاح مواليد درعا 1980 (فلسطيني سوري).
وفيما أوقف الأول والثاني لمشاركتهما في معارك "البارد" في العام 2007، اوقف الثالث، حسب مرجع امني "لارتكابه اعمالا ارهابية ومشاركته في اطلاق النار والصواريخ على عناصر الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي ومواطنين مدنيين وقتل ومحاولة قتل العديد منهم".
على ان الفضيحة الكبرى تبدت في ان فرار العناصر الثلاثة من "فتح الاسلام" اظهر القوى الامنية المعنية بهذا الموضوع وكأنها آخر من يعلم، والأنكى من ذلك هو عدم امتلاكها حتى الآن جواباً دقيقاً وشافياً حول كيفية حصول هذا الفرار ومتى، خاصة أن الروايات تعددت بين قائلة إن الفرار حصل امس، وثانية تقول قبل ايام قليلة وثالثة تتحدث عن أن عملية الفرار تمت منذ اكثر من شهر وأن الثلاثة انتقلوا الى سوريا، وأن أحد هؤلاء، ويدعى محمود فلاح، قد قتل في مواجهة مع الجيش السوري في القصير. وتحدثت الرواية الرابعة عن ان الفارين اكثر من ثلاثة.
واذا كان القاسم المشترك بين تلك الروايات هو الصعوبة في تعقب الفارين الثلاثة، خاصة أن اكتشاف الفرار حصل بالصدفة امس،
فقد كان مقرراً أن يكون يوم امس الجمعة هو موعد جلسة محاكمة الموقوف الفار محمود فلاح وحضرت العناصر الامنية (مخابرات الجيش) لاقتياده ككل مرة الى جلسة المحاكمة، فتبين أنه غير موجود في زنزانته وأن آخرين قد نجحوا بالفرار أيضاً.
واذا كانت قوى الامن الداخلي قد فتحت تحقيقاً داخلياً واسعاً لجلاء الملابسات وتحديد المسؤوليات، فإن مصادر التحقيق تتحدث عن صعوبة جدية تعترض مسار التحقيق الداخلي، فضلا عن صعوبة أخرى لدى المحققين "في اختراق جسم الاسلاميين الموقوفين المتماسك سعياً للوصول الى حقيقة ما"، على حد تعبير مرجع أمني.
وبحسب مصادر واسعة الإطلاع فإن التحقيق الذي يجريه القاضي داني زعني يبحث عن اجابات واضحة على الاسئلة التالية: هل فر هؤلاء فعلا، هل ما زالوا مختبئين في مكان ما داخل السجن (اكد مرجع امني حصول عمليات تفتيش دقيقة للسجن وكذلك للمنطقة الحرجية المحاذية له)؟ متى تمت عملية الفرار، وكيف؟
واذا صحت المعلومات عن ان عملية الفرار تمت بواسطة هويات مزورة، أين صنعت تلك الهويات ومن سهل دخولها الى السجناء، ومن موّل العملية، ومن قدم التسهيلات داخل السجن سواء من بين السجناء او من بين العناصر الأمنية، وكيف وصلوا الى خارج السجن، ومن هي الجهة التي واكبتهم خارج السجن وأمنت لهم وسيلة الانتقال والرعاية والحماية والمأوى وهل ما زالوا في لبنان ام غادروه؟
وقال مرجع أمني لـ"السفير" ليلاً: "حتى الآن لم نتوصل الى اية خيوط، والتحقيقات في حالات مماثلة تستغرق بعض الوقت، لأن الإسلاميين لا يتعاونون معنا، إذ يعتبرون أنهم جسم واحد، وبالتالي فهم يتكتمون على اية وقائع ولا يتعاونون مع التحقيق ولا يكشفون عن أي معلومة قد تعود بالضرر عليهم".
ووفق المرجع الأمني، فإن "التحقيقات التي يجريها القضاء العسكري حالياً، تستقي معلوماتها من مصادر أخرى"، مشيراً إلى أن "المعطيات الحالية لا تدلّ على أي تكسير أو نشر للقضبان الحديدية، وثمة خيارات عدة تخضع للتحقيق، لمعرفة كيف هرب هؤلاء".
وأكد المرجع أن "الفارين هم ثلاثة فقط"، نافياً "ما تم تداوله إعلامياً عن هروب السجناء الثلاثة قبل شهر، لأن لائحة الأسماء كانت تشير إلى وجودهم قبل يوم من الهروب".
وعن كيفية اكتشاف عملية الفرار، قال المرجع إن "السجين الفار فلاح كان مطلوباً لجلسة عدلية اليوم (أمس)، ولما استدعي ولم يظهر، تبين غياب السجناء الثلاثة، من خلال مسح شامل".
وفي اتصال هاتفي مع "السفير"، قال أكثر من سجين في المبنى "ب" إن "طابق الإسلاميين في المبنى معزول عن عسكر السجن"، أي أنهم يقومون بأنفسهم بإجراء مسح عددي، ويرسلون نسخة عن الأسماء إلى سرية السجن.
ويلفت المرجع الامني الى صعوبة كبرى في ضبط موقوفي "فتح الاسلام"، "حتى اننا نجبر ضباطنا وعناصرنا على الخدمة في روميه، وهذا ما يوجب فتح ملف روميه على مصراعيه، فنحن منذ مدة طويلة نطالب بتسريع المحاكمات وطي ملف الموقوفين الاسلاميين، لأن واقع السجن مأساوي جداً، وهذا ليس جديداً بل هو مزمن، ما يوجب إنشاء سجون حديثة تتضمن مواصفات امنية تمكن من ضبط السجن ومنع حصول اعمال شغب او محاولات فرار".
ولفت المرجع الأمني الانتباه الى ان لبنان هو الدولة الوحيدة في العالم التي يوجد فيها سجن يتضمن مجموعة من المكونات، التي يشكل كل مكون منها قنبلة تفجير، فهناك الموقوفون الاسلاميون، الموقوفون ذوو الخصوصية الامنية ("فتح الاسلام")، عملاء اسرائيل، الموقوفون الجنائيون، الاحداث، "وكل هؤلاء موضوعون مع بعضهم البعض في سجن واحد، مما يشكل عبوة دائمة خاصة أن هؤلاء غير متجانسين بل هم متصادمون باستمرار".
والجدير ذكره، ان فرار العناصر الثلاثة من "فتح الاسلام"، يأتي تتويجاً لسلسلة طويلة من المحاولات المماثلة التي قام بها عناصر هذا التنظيم للفرار من روميه، وأبرزها عملية الفرار الناجحة التي حصلت في آب من العام الماضي والتي تمكن خلالها 6 موقوفين من "فتح الاسلام" من جنسيات عربية بينهم محمد الدوسري، عبد العزيز المصري، عبد الناصر سنجر وعبدالله شكري، من الفرار، قبل أن تتمكن القوى الامنية من توقيف احد الفارين وهو اللبناني وليد اللبابيدي.
كما حصلت في آب الماضي محاولة فاشلة لفرار فلسطينيين ينتميان الى "فتح الاسلام"، وقبلها محاولة فرار فاشلة لثلاثة سجناء سوريين من التنظيم نفسه عبر سطح الممر الهوائي المؤدي الى قسم الأحداث في السجن، بالإضافة الى محاولة في ايلول 2009، وقبل ذلك بشهر فر الموقوف طه محمد سليمان ("فتح الاسلام") من المبنى "د" في سجن روميه ولجأ إلى منطقة حرجية قريبة من السجن الا ان القوى الأمنية تمكنت من القبض عليه ومن ثم احباط عملية فرار جماعية شارك فيها سبعة آخرون كانوا قد تسلقوا الحائط على أكتاف بعضهم البعض ما سمح لسليمان بالقفز والفرار.   

السابق
النهار: الحريري ردّ على نصرالله: لبنان ليس طائرة من دون طيار
التالي
الديار: 14 اذار تستنفر لصالح نتنياهو وباراك وتهاجم المفاجأة التي اصابت اسرائيل