سياسة النأي تحصين للسيادة

تتسارع التطورات الإقليمية بوتيرة عالية ومنسوب أعلى من العنف والفوضى والاقتتال والتدمير والتهجير والتطهير العرقي ونشوء «دويلات» الحرب الأهلية التي تتعهدها «غرفة عمليات» دولية لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد وفقاً للمقياس الصهيوني في تقسيم المنطقة إلى مجموعة جزر مذهبية وطائفية ووضع اليد على ثرواتها الظاهرة والدفينة، وممراتها الاستراتيجية تحت عنوان: الانتقال من تقسيمات معاهدة سايكس بيكو، إلى معاهدة دولية جديدة تتقاسم هذه الثروات والممرات وما بينهما، بكل ما يتطلب ذلك من إشعال فتن وحرب حدود بين عدد من دول المنطقة، وهذا ما نلحظه داخل حدود أكثر من دولة مجاورة للبنان أو بعيدة عنه.

ومن الطبيعي أن يكون لبنان في موقع المؤثر والمتأثر بهذه التطورات، ما يستوجب تحصينه بكل مستويات وضرورات المناعة والصمود والاستقرار لحمايته من إلحاقه وربطه بالخارطة الأممية للتغيير الدموي والانقلابي المرسوم للمنطقة، وتأميناً لهذا التحصين والاستقرار، انتهج لبنان سياسة النأي والحياد عن الانجرار أو الجر إلى «معمعة» الأحداث الخطيرة الجارية في سوريا وفي غيرها من الساحات العربية، حيث لاقت سياسة النأي في هذا الشأن: الارتياح والقبول والتأييد من اللبنانيين، والتقدير الكبير والواسع من المجتمع الدولي، الأمر الذي يُبعد شظايا وتداعيات تلك الأحداث عن لبنان للحفاظ على سلمه الأهلي وأمنه ووحدته الوطنية المستهدفة في الأساس من هذه الشظايا والتداعيات.

وتأكيداً لصحة وأهمية هذا النأي، قال رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان: «نعم لحياد لبنان عن سياسة المحاور وعن الصراعات العربية والإقليمية التي تشكّل موضع تنازع بين اللبنانيين أنفسهم، ولا لتحييد لبنان عن محيطه وقضايا العرب والأخطار ليست ضيفاً يزور لبنان ويرحل. إنها ظل مقيم يكمن ثم يستيقظ، وقدرنا أن نصارع الاخطار بالشجاعة والحكمة وبالأناة والحزم، وأن نعزز دوماً مكونات مناعتنا وقدرتنا. عندها يرتسم الحد الفاصل بين الأمن والفوضى، وبناء الدولة وسقوطها، بين المؤقت والدائم، وبين العيش المشترك والحرب الأهلية الباردة».
وفي المعادلة، إن نأي اللبنانيين عن تسعير خلافات قائمة وعن مراهنات على غير إرادتهم في حماية وطنهم، هو الأساس والضمانة لسياسة النأي عن الحرائق الإقليمية.
  

السابق
الكتائب و14 آذار
التالي
عنصرية عادية