رسائل حزب الله المتعددة

ادخلت إسرائيل حادثة تسلل الطائرة من دون طيار الى الاجواء الإسرائيلية في اطار الحرب السرية التي تخوضها كل من إيران و"حزب الله" ضدها.
واعتبرت أنه على رغم ان مهمة الطائرة استطلاعية لا هجومية، فانها حققت هدفها، اذ اظهرت ان الاجواء الإسرائيلية قابلة للاختراق.
هذا على المستوى الأمني. لكن القراءة الإسرائيلية السياسية لم تعتبر ما حدث مؤشرا لتصعيد على الجبهة الحدودية مع لبنان الهادئة منذ حرب تموز 2006. اذ على رغم ثقة الإسرائيليين بان "حزب الله" اللبناني هو وراء الحادثة، وأن الطائرة انطلقت من الأراضي اللبنانية، إلا أن عملية التمويه التي اتبعتها الطائرة عبر المسار الذي قطعته بعد تحليقها فوق البحر وانعطافها فوق غزة في اتجاه إسرائيل، اعتبرها المراقبون الإسرائيليون دليلاً على ان الحزب ليس في وارد استفزاز إسرائيل مباشرة، ولا التصعيد ضدها، وانه لا يسعى الى جرها الى مواجهة عسكرية معه في الوقت الراهن، على رغم ان مثل هذا الاحتمال يبقى مطروحاً في كل وقت. كما لا يمكن إسرائيل ان تستخدم الطائرة ذريعة لشن الحرب، فالضرر الذي لحق بها معنوي اكثر مما هو عسكري.
من جهة أخرى، رأى الإسرائيليون ان الرسالة التي حملتها الطائرة لم تكن موجهة اليهم وحدهم، وانما هي موجهة الى الداخل اللبناني ايضاً، ولها صلة بالضغوط التي يتعرض لها "حزب الله" تحديداً بسبب ما يجري في سوريا، وانها تهدف الى تظهير مهمة الحزب الأساسية في مقاومة إسرائيل، وفي بث روح الحماسة من جديد في الجمهور اللبناني، وخصوصا بعد الظلال القاتمة التي لحقت بصورته نتيجة تورطه في ما يجري في سوريا.
في مقابل ذلك، تدخل حادثة الطائرة ايضاً في اطار عرض القوة للحزب الذي اراد استفزاز إسرائيل بصورة غير مباشرة ومن دون المخاطرة برد فعل عنيف يعرضه او يعرض لبنان للخطر.
وهو اراد تكذيب ما يقال عن تراجع قوته بسبب الضعف الذي طرأ على سوريا حليفته الاساسية في المنطقة، وان يثبت جهوزيته العسكرية واستعداداته للحرب. ففي نهاية المطاف الطائرة من دون طيار هي "مفاجأة" من المفاجآت التي وعد بها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في المواجهة المقبلة.
من المؤكد ان نجاح الطائرة من دون طيار في اختراق أجواء إسرائيل شكل تحدياً لإسرائيل، لكنه لم يشكل خرقا لحال "توازن الرعب" القائمة على الحدود مع لبنان، ولم يهدد مفهوم إسرائيل للردع. 
 

السابق
القوّات الدولية أو الحرب الأهلية
التالي
من هو العدو الحقيقي للبلدان العربية؟