أين فلسطين في الإرشاد الرسـولي؟

بحث المتحدثون الأربعة في ندوة «الإرشاد الرسـولي وواقع المنطقة» في مركز عصام فارس عن ثلاثة عناصر: فلسطين الغائبة، اليهود الحاضرون بشكل «ملتبس».. وتطبيق النص البابوي بوصفه «الغائب الأكبر».
نصوص المحاضرين الأربعة تلاقت أكثر مما تناقضت، وهم: رئيس جامعة الحكمة المونسنيور كميل مبارك والنائب علي فياض وقاضي شرع بيروت الشيخ الدكتور محمد النقري ورئيس الرابطة السريانية حبيب افرام. وفي مقدم الحضور برز النائب البطريركي العام المطران بولس صياح بالإضافة الى حشد من المهتمين.
وفيما دعا فياض إلى إعطاء قضايا الوحدة مكانة مركزية في عالمنا، سأل النقري عن «أي يهود يقصد الإرشاد الرسولي؟ هل يهود الأندلس أم يهود اليوم»، مستشهدا بالأب جورج مسّوح، طرح علامات استفهام عدة عن الغياب الكامل للقضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي».
تساؤلات مسوح رد عليها الأب مبارك: «ما تحدث عنه البابا بنديكتوس السادس عشر عمره ثلاثة آلاف سنة والخلاف بين اليهود والفاتيكان أكثر مما تتصورون. وأما القضية الفلسطينية فواردة في كل التعابير البابوية منذ عام 1948 الى اليوم»، داعيا إلى النظر الى «الإرشاد» على أساس أن «ما كتب قد كتب»، موضحا: «يمكن لهذا النص أن يُفهم ويشرح ويمكن المطالبة بإرشاد آخر، فهو ليس إنجيلا أو قرآنا بل ثمرة جهود دامت أشهرا من قبل آلاف الناس نحو 80 ألف مسيحي و18 ألف مسلم شاركوا في صياغته».
من جهته، ردّ فياض كنائب لـ«حزب الله» على من يرفع لواء «الخوف من مشروع حزب الله»، قائلا: «لا مبرر لهذا الخوف لأنني أزعم أنه لا يستند الى وقائع، والرسالة التي أطلقها الحزب عام 2008 إذا ما حذفنا توقيع «حزب الله» عنها فإن أيا لن يعرف أنها تعود الى حزب المقاومة».
صفارة انطلاق المداخلات أطلقها مدير المركز السفير عبد الله بوحبيب الذي توقف عند «اللحظة الإقليمية المضطربة» التي رافقت إطلاق «الإرشاد». المونسنيور مبارك رأى «أن الإرشاد الرسولي لمسيحيِّي الشرق الأوسط، يأتي في زمن تجتاح فيه الثورات العالم العربيّ، ومعظمها يطالب بالتغيير سعيًا إلى الديموقراطيّة، غير أنَّ نتائجها ما زالت غير معروفة». وأوضح أنّ «الإرشاد الرسولي» يعبّر عن مدى اهتمام البابا بالسلام بين أبناء هذه المنطقة مسيحيين كانوا أم غير مسيحيين. وفي ظل الفوضى القائمة، أبدى خشيته من أن تنتقل بعض الشعوب في المنطقة من ديكتاتورية الفرد الى ديكتاتورية الجماعة أو المذهب أو الحزب.
فياض أكد أهمية «الإرشاد الرسولي»، مشيراً إلى أنَّ الوجود المسيحي المشرقي «هو أحد هواجسنا الكبرى، للحؤول دون تفسخ مجتمعاتنا ذات التكوين التعددي وسقوطها في الشمولية والتعصب والتكفير». ورأى أنَّ للعلاقات الإسلامية المسيحية وتفاعلهما في إطار تاريخٍ حضاري مشترك في العالم العربي خصوصية لا يمكن إدراجها في مساواة أعم يشترك فيها اليهود. وأكد الحاجة في العالم العربي إلى صيغة تعاقدية تاريخية ترتكز على البعد السياسي المتمثل بأهمية الديموقراطية والبعد الاجتماعي المتمثل بحماية التعددية المجتمعية، والبعد السيادي المتمثل باحتضان القضية الفلسطينية ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتبني المقاومات.
أسماء «إسلامية مسيحية» استهل بها النقري كلمته. «لويس ماسينيون» الذي لقبه البابا بولس السادس بالكاثوليكي المسلم، وأيضاً المستشرق لويس غارديه اللذين كان لهما الفضل الكبير في إضافة وصياغة مقررات المجمع الفاتيكاني الثاني الخاص بالإسلام. وأكد مشاطرة الفاتيكان الخوف من الأصولية الدينية مشيراً إلى أن المسلمين هم أيضاً ضحايا الأصولية، وشدد على أهمية ما نادى به الإرشاد الرسولي لجهة تخطي التسامح الديني نحو الحريّة الدينية.
أما افرام، فاختصر قراءته لـ«الإرشاد» بالسؤال: «على من تقرأ إرشادك يا قداسة البابا؟»، وأشار الى أن «مسيحيي الشرق لم يموتوا بعد ولكن ثمة من يستعجل مراسم دفنهم ويغسل يديه من دمهم». وإذ أشار الى ان «القيادات المسيحية المشرقية ليست على مستوى أزمة المسيحيين الوجودية، وهم يرددون كالببغاء «فليحكم الاخوان» أو يصفقوا لـ«ولاية الفقيه»، دعا الفاتيكان «الى تحريك كاثوليك العالم وحكومات الغرب للضغط العملي عليها لمساعدة المسيحيين على الصمود، وحث الغرب على إعطاء حقوق سياسية وتمثيل لمسلميه ووقف موجة التخويف من الإسلام وشيطنته».

السابق
صيدا: ثورة على المولدات
التالي
مرفأ بيروت: هدر مليار و500 مليون $ سنويا.. وعلى عينك يا تاجر