أردوغان يفتّش عن مخارج وواشنطن لا تريد التورّط

يحاول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تغطية عجزه عن معالجة آثار تداعيات تدخل حكومته السافر في الأحداث السورية وتورطها المكشوف في دعم المعارضة المسلحة وتهريب السلاح والمسلحين إلى الداخل السوري.
ويبدو، بشهادة تقارير دبلوماسية غربية، انه بدأ التفتيش عن مخرج لهذه الورطة التي باتت تحاصر سلطته في الداخل مع تنامي قوة المعارضة السياسية والشعبية التركية وارتفاع الأصوات ضد أي مغامرة عسكرية قد يقدم عليها تجاه سورية.
وقد اختار أردوغان البرلمــان التركي ليطلق تحذيراته «الدونكيشوتية» لسوريــة وقيادتها. غير أن الرأي العام الداخلي والخارجي يــدرك جيداً انها مجرد فقاقيع صابون لا تقدم أو تؤخر فــي المشهد التراجيدي لحكم حزب «العدالة والتنمية» وسياسته الخارجية.
ويقول مصدر سياسي مطلع إن هناك إشارات ومعلومات تؤكد أن مواقف رئيس الحكومة التركية تندرج في إطار المواقف الإعلامية والدعائية، خصوصاً في ضوء الردود و»النصائح» التي تلقاها من حلفائه في واشنطن وبعض الدول الغربية.
ويشير المصدر إلى دعوة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن أنقرة ودمشق إلى «تفادي التصعيد» وإظهار الاعتدال، معتبراً أن حديثه في الوقت نفسه عن وجود «الخطط اللازمة» لدى الحلف للدفاع عن تركيا هو مجرد جائزة ترضية لأردوغان من أجل رفع معنوياته ومعنويات حزبه الذي يتعرض لانتكاسات داخلية متلاحقة.
ويكشف المصدر، وفق تقارير دبلوماسية، عن أن الولايات المتحدة الأميركية نصحت أردوغان بعد مقتل خمسة أتراك جراء سقوط قذيفة على إحدى القرى منذ أسبوع بعدم «المغالاة» في رد الفعل، في إشارة واضحة إلى أن واشنطن لا ترغب ولا تريد نشوب نزاع عسكري مباشر بين تركيا وسورية، وأنها تفضل اعتماد السياسة الحالية التي تتبعها والمتمثلة بدعم المجموعات الإرهابية المسلحة التي تتسلل عبر الحدود التركية إلى سورية.
وحسب التقارير أيضاً، فإن سياسة الحذر التي تعتمدها الإدارة الأميركية ناجمة عن أسباب عديدة منها، نجاح النظام والجيش السوريين في الصمود والتحول إلى الهجوم، وهذا ما يترجم على الأرض من خلال النجاحات التي حققها الجيش في حلب وحمص وريف دمشق.
ووفق التقارير أيضاً، فإن القاهرة شعرت أخيراً بتراجع الموقف الأميركي، ما جعلها تعيد حساباتها. وفي هذا السياق، يتردد أن الحكومة المصرية سعت أخيراً إلى فتح قنوات التواصل مع دمشق وأن وفداً منها زار العاصمة السورية في هذا السياق.
ويقول المصدر إن الجميع بات يدرك أن الحملة على سورية لن تؤدي غرضها، وإن صمود القيادة والجيش والشعب فرض معادلة أخرى على عكس ما كانت تسعى واشنطن وأعوانها.
ويضيف ان هناك حلاً واحداً يمكن سلوكه وهو وقف إطلاق النار الذي لا يمكن أن يحصل قبل وقف تسليح المعارضة وتهريب وتسريب السلاح والمسلحين عبر دول الجوار.
ويرى المصدر أن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة سورية إلى وقف النار من طرف واحد هي في غير محلها، وإن كان قد تحدث في الوقت نفسه عن وقف تقديم السلاح للنظام والمعارضة.
ويشير إلى أن كل التقارير والمعطيات تؤكد أن تفاقم الوضع في سورية وازدياد منسوب العنف هما نتيجة التسليح الممنهج للمعارضة السورية من قبل الدول المنخرطة في الهجمة على دمشق لا سيما السعودية وقطر وتركيا.
ويؤكد المصــدر أن النظام السوري يملك أوراقــاً عديدة لم يستخدمها بعد، وتكفي الإشارة إلى أنه لم يستخدم سوى ســدس قــوة الجيش النظامي، كمــا أنه أثبت في الأشهر الأخيــرة انه يملك التفوق الواضــح عسكرياً بدليل توسيــع رقعــة السيطرة ميدانياً لصالــح الجيش والقوى الأمنية، ولجوء المعارضــة إلى التفجيرات الأمنية لرفع معنوياتهــا وإرباك النظام.  

السابق
النسبية بطربوش شيعي والأكثري بطربوش سنّي
التالي
حزب الله والعلنية المقصودة