الشرع … لمَ لا؟

اقتراح وزير الخارجية التركي احمد داوود أوغلو تسليم الرئاسة السورية لفاروق الشرع ثم تعليق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على هذا الاقتراح «لمَ لا» غريب. فبشار الأسد ما زال في الرئاسة ولا احد من الأسرة الدولية يفعل شيئاً لإزاحته سوى بالكلام. بان كي مون يدعو إلى وقف إطلاق نار أحادي وكأن الثوار السوريين على الأرض لديهم طائرات أو أسلحة ثقيلة لوقف إطلاق النار. فبشار الأسد وجيشه مستمران في القتل لإزالة الذين يصفهم بإرهابيين وهم أبناء وبنات وأطفال بلده. إن صورة الأب السوري الذي يحمل ولده المقتول في الصحف العالمية مريعة ومؤلمة وتعكس تخلي الأسرة الدولية عن التدخل رغم كل ما يقال لإيقاف سفك الدماء وإزالة نظام قاتل. فكأن الدول النافذة في الأسرة الدولية على سحاب كل منها يتكلم ويدين ويقول إن على بشار الأسد أن يرحل ويوقف القتال ويقترحون رئيساً جديداً وأماكن محررة محمية بماذا؟ الولايات المتحدة لا تريد حظراً جوياً لأن هناك انتخابات رئاسية وأوباما لا يريد أي شيء. والولايات المتحدة لا تريد حكومة انتقالية من المجلس الوطني السوري لأن الأكثرية فيه إسلاميون. فرنسا تريد حكومة انتقالية. قطر لا تحبذ لأنها تريد مشروعها. والمعارضة السورية على الأرض تقاتل وتقتل وتتلقى قنابل جيش النظام والأسرة الدولية معطلة. لبنان بقي كذلك لمدة 15 سنة وكانت قيادات العالم تحاول وقف إطلاق النار ولكن في النهاية حافظ النظامان السوري والإسرائيلي على استمرار سفك الدماء بواسطة حلفائهما في لبنان. أما الآن والنظام السوري مستمر في جعل بلده جحيماً جاء الاقتراح التركي «العظيم» بترشيح الشرع رئيساً للبلد. الشرع الذي بقي لعقود وزير خارجية في عهدي حافظ وبشار الأسد الذي جعل منه نائباً له يقترحه الوزير التركي لقيادة بلده إلى المرحلة الانتقالية الديموقراطية. إنها مهزلة وربما تركيا بدأت تعد لدفعه إلى الانشقاق. فاروق الشرع الذي برع في ديبلوماسية بنموذج الاتحاد السوفياتي وحتى بنظام كوريا الشمالية والذي خلفه معلم الديبلوماسية السورية البارعة، هو الآن في نظر تركيا الأفضل لتولي الانتقال. هذا النائب الرئيس «الشجاع» الذي شهد مدينته تسقط تحت قصف وقتال رئيسه وبقي في السلطة رغم كل ما دار من إشاعات حوله اصبح الآن من بين كل السوريين الأفضل لقيادة البلد إلى الديموقراطية.
فعلاً إن الأسرة الدولية في ضياع وهذا البلد التركي العريق الذي انجز الكثير حتى الآن اقتصادياً واجتماعياً بدأ يفقد المقاييس لصعوبة الوضع العالمي المعطل إزاء الكارثة التي تحدث في سورية وسلاح الدول الكبرى الوحيد اصبح الكلام والتكرار: على بشار الأسد أن يرحل. إن الكارثة الإنسانية التي نشهدها في سورية مريعة والكلام إنها غير مقبولة كما قال بان كي مون وغيره ليس الواقع فهي لسوء حظ الشعب السوري مقبولة من الجميع طالما انهم لن يوقفوها فعلياً ويرحلوا هذا النظام. 
 

السابق
حزب الله بين الإنكار والفخار!
التالي
حزب الله يمتلك مئات الطائرات.. والخوف الاسرائيلي من تعدلها