أردوغان يرقص على نار الأسد!

عندما اسقطت سوريا المقاتلة التركية في تموز الماضي كان واضحاً انها تخشى التعرض لحرب على غرار ما جرى في ليبيا، ولهذا تجاسرت وبعثت برسالة تحمل توقيعاً روسياً أيضاً، الى دول حلف شمال الاطلسي مفادها… إياكم والحرب!
اليوم تغيرت الأولويات وصار مفهوماً ان النظام السوري يستميت لجر تركيا الى حرب باتت تمثل عنده مخرجاً يستند الى النظرية القائلة "اشتدي أزمة تنفرجي"، بمعنى ان انزلاق تركيا الى حرب ضد سوريا المدعومة من ايران التي تكرر انها لن تسمح بسقوط الاسد، وكذلك من روسيا التي تدعمه ديبلوماسياً وتسليحاً، سيهدد بإشعال المنطقة وهو ما يستدعي تدخلاً دولياً سريعاً ربما يوفر مخرجاً للنظام من أزمته المتمادية التي تجره الى السقوط المحتم.

وهكذا يحاول الأسد الآن ان يستسقي الحرب مع تركيا عبر قذائفه الاستفزازية التي تنفجر داخل الاراضي التركية وكان آخرها اول من امس في هاتاي، منطقة لواء الاسكندرون السوري الذي ضمته تركيا كما هو معروف. ولكن السؤال الملح: الى متى يستطيع رجب طيب أردوغان الذي سبق له ان أوصل تهديداته ضد الاسد الى السماء ان يرقص على أنغام النار السورية التي تهين سيادته وهيبته أكثر مما تؤذي أراضيه؟
واضح تماما ان تركيا التي انخرطت في مناوشات بالقذائف المحدودة رداً على الأسد، تحاذر الدخول في الحرب التي تقرع طبولها الكلامية لأن الضوء الاحمر الذي تشعله واشنطن في وجه التدخل العسكري ضد النظام السوري في مرحلة الانتخابات الرئاسية، يمنع دول الأطلسي من التحرك على غرار ما حصل في ليبيا، ولهذا فان السؤال المطروح: هل يستطيع أردوغان ان يواصل ابتلاع الاهانات النارية السورية حتى انتهاء الانتخابات الاميركية؟ وهل يضمن ان الموقف الاميركي سيتغير بعدها، والى متى يراوح عند القول: "اذا لزم الأمر خوض الحرب نفعل اللازم"؟!

عندما استعار أحمد داود أوغلو "المبادرة العربية" مقترحاً فاروق الشرع لقيادة المرحلة الانتقالية "لأنه رجل حكيم وعاقل ويعرف جيداً النظام في سوريا"، بدا كمن يلقي مياهاً باردة على رأس المعارضة السورية التي طالما رفضت محاورة "نظام القتلة" الذي يشكل الشرع أحد أعمدته، كما بدا كمن يسوّق موقفاً هدفه إزاحة الأسد ولو عن طريق شخصية من داخل النظام، وخصوصاً ان أردوغان يراوح منذ أشهر داخل المعادلة التي ابتكرها "تركيا لا تريد الحرب لكنها ليست بعيدة عنها"!
لكن بعدما أعلن عبدالله غول "ان تركيا لا تريد إراقة مزيد من دماء السوريين وتحويل سوريا دولة مدمرة"، بات واضحاً ان الحكومة التركية لن تقدم الحرب هدية العمر الى الأسد… فالتراشق بالقذائف المدروسة جيداً سيستمر بين البلدين!  

السابق
استنزاف دموي في سوريا وسياسي في لبنان
التالي
من هو نتنياهو اللبناني؟