تركيا والبحث عن المخارج!

البالونات السياسية الفارغة التي أطلقها رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان حول موضوع سقوط قذيفة هاون داخل الأراضي التركية، لم تحقق أهدافها التي كانت معدة مسبقاً بهدف الإساءة إلى سورية من جهة، ولتغطية التدخل التركي الفاضح في الشأن السوري الداخلي، وما يرافقه من إنشاء مخيمات للمجموعات الإرهابية، وتزويدها بالسلاح إلى درجة أن بعض الصحف التركية كشفت عن أن القذيفة التي سقطت داخل الأراضي التركية مصدرها تركي، لجهة إمداد المسلحين بهذا النوع من القذائف للمجموعات الإرهابية المسلحة، في حين أن الإعلام الأميركي، اعترف بأن سقوط هذه القذيفة كان خطأ، لأن الجيش السوري كان في مواجهة مع المسلحين الذين حاولوا الاستيلاء على المعبر القائم في محافظة الرقة، بين سورية وتركيا.

واعتبرت مصادر دبلوماسية أن ما حصل من تضخيم لهذه العملية على حدود البلدين ما هو إلا بمثابة جعجعة كبيرة تهدف إلى رفع معنويات المجموعات المسلحة التي تتلقى ضربات قاصمة وموجعة في مدينة حلب وريفها، وأنه كلما ازدادت خسائر تلك المجموعات على يد الجيش السوري، كلما ازدادت وتيرة انفعال القيادة التركية، وخصوصاً أردوغان وأوغلو.
 
 

ورأت المصادر الدبلوماسية، أن الهدف الرئيسي من التصعيد السياسي والإعلامي وحتى العسكري التركي حيال سورية هو داخلي في الدرجة الأولى، لأن أردوغان كان يعوّل كثيراً على معركة حلب إلى درجة أنه وضع كل أوراقه في معركة حلب باعتبارها من وجهة نظر أردوغان هي معركة مفصلية، وستحدد مصير ومسار الوضع في سورية، لأنه وحسب أوهام رئيس الوزراء التركي إذا نجح المسلحون والذين تقدر جميع المعلومات الغربية أن أعدادهم تجاوزت العشرة آلاف مقاتل وإرهابي من جميع الدول في العالم، أما الهدف الخارجي لما بادر إليه أردوغان في موضوع سقوط القذيفة، هو ممارسة الضغط على الإدارة الأميركية وحلف الناتو لكي تكون مقدمة لتدخل عسكري أجنبي في سورية، ولكن تبين أن الهدفين الداخلي والخارجي سقطا أمام الضربات الموجعة التي تلقاها الإرهابيون من الجيش السوري والإنجازات الميدانية التي تحققت في حلب وريفها، وهي في طور تطهير المدينة وريفها في المستقبل القريب، وخارجياً كان الجواب الأميركي والأوروبي واضحاً، من خلال عدم وجود حماسة لدى حلفاء أردوغان في حصول حرب بين سورية وتركيا، لسبب غير جوهري، وأن سقوط قذيفة بالخطأ في الأراضي التركية دون معرفة مصدرها الحقيقي، والتحقق من ذلك، بالإضافة طبعاً إلى الموقفين الروسي والإيراني وإن دعيا إلى ضبط النفس، ولكن من خلال الاتصالات خلف الكواليس، كان هناك تحذير إيراني إلى تركيا بعدم اللعب بالنار لأنها إذا وقعت لن يقف الحريق عند سورية، بل سيتعداه إلى تركيا أيضاً، وإلى سائر أرجاء المنطقة.

وتساءلت المصادر الدبلوماسية عن مدى أحقية تركيا في إرسال جيشها إلى داخل الأراضي العراقية للقيام بعمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، بحجة مكافحة الإرهاب، ولا يحق لسورية أن تمارس الدور نفسه داخل الأراضي التركية، مع العلم أن سورية لم تلجأ إلى هذا الأسلوب، ولو كانت كذلك لفعلت هذا الأمر منذ بداية الأحداث، خصوصاً وأنه بات مكشوفاً ومعروفاً الدور التركي في تقديم جميع أنواع الدعم بالسلاح والمقاتلين والتدريب وإيواء المسلحين السوريين والعرب والأجانب في مخيمات أقامتها لهذه الغاية، بالإضافة إلى وجود غرف عمليات للمخابرات الأميركية و»الإسرائيلية» وبعض العربية على الحدود السورية ـ التركية، لتوجيه وتزويد المجموعات الإرهابية بكل المعلومات التي يستفيدون منها في مواجهة الجيش السوري.

وتقول المصادر الدبلوماسية، إن القيادة التركية ممثلة برئيس الوزراء أردوغان تحتاج إلى مخرج تظهر من خلاله بطولتها على حساب حادث أقل من عادي، ويمكن أن يحصل بين دولتين متجاورتين في مثل الحالة القائمة حالياً على حدود البلدين، وأردوغان يعيش حالة من التأزم نتيجة معارك حلب والهزائم التي لحقت بالمجموعات الإرهابية المسلحة، فمعركة حلب حسب المصادر نفسها هي معركة تركية ـ سعودية ـ قطرية بامتياز، ولكنهم فوجئوا بصمود الجيش السوري فيها، خصوصاً وأن الحاضنة الشعبية في حلب وريفها هي للدولة السورية الوطنية وللجيش السوري، كما أن الأتراك والأميركيين والأوروبيين يعرفون جيداً وضمناً أن المعارضة تأكل بعضها البعض ولا بديل عن الرئيس الأسد، ولكن ما يريدونه في هذه المرحلة تحديداً هو الاستمرار في استنزاف الجيش السوري.

السابق
طائفيات في النزاع الإقليمي
التالي
سقوطنا جميعاً …