السفير: مَن أوعز بنشر الوثائق التي تتهم حزب الله

ما يقلق اللبنانيين، سلسلة الوقائع التي تتالت في الآونة الأخيرة، وأظهرت لبنان في موقع المستهدف بطريقة ممنهجة لاستدراجه إلى الفتنة والاقتتال المذهبي، والشواهد لا تعد ولا تحصى، بدءًا بالاعتصامات التي اتخذت طابعا فولكلوريا، والعزف اليومي على الوتر المذهبي، وصولا إلى خطف الزوار اللبنانيين وما أحاط الأمر من قطع طرق وخطف رهائن والتباسات لم تنجل بعد، وصولا إلى ما سمي بـ"الوثائق" التي بثتها بعض الفضائيات العربية قبل أيام، والتي تصوّب على فريق لبناني معين.
والخطير في الأمر ليس في مضمون تلك "الوثائق" بقدر ما أنها أوجدت بسحر ساحر، تناغما كليا معها من قبل فريق من اللبنانيين، سارع وبشكل منظم إلى نسج الروايات وتفصيل الاتهامات وإلباس قميص الاغتيالات وكل الموبقات التي حصلت منذ سنوات إلى فريق لبناني.

المقلق أن جزءا من الشارع يصدّق ما يطرح من "سيناريوهات"، والمقلق أكثر أن لا أحد يملك أجوبة عن الكثير من الأسئلة المطروحة في أوساط الناس، ومنها:

ـ هل هناك أمر عمليات بإضرام النار في لبنان؟ من المستفيد من إحداث فتنة في لبنان؟ ما هو سر هذا التناغم من قبل بعض اللبنانيين مع "عبوة الوثائق" التي قد تكون مزورة؟ هل يستطيع الجسم اللبناني الهش أن يستوعب "عبوات" إضافية تضعه على حافة الهاوية؟
ـ بصرف النظر عن دقة أو عدم دقة مضمون ما سمّتها الفضائية العربية بـ"الوثائق"، من أوعز بنشرها، ولماذا في هذا التوقيت؟
ـ هل ألقيت هذه العبوة، من دون تقدير حجم التفاعل مع مضمونها التفجيري، والآثار التي سترخيها على الداخل اللبناني، أم أنها ألقيت لمجرد تسجيل سبق صحافي؟
ـ ما هو المراد الحقيقي من زرع الداخل اللبناني بالعبوات السياسية والمذهبية الناسفة، والى أين يراد أخذ لبنان، هل إلى فتنة تلاقي فتنة سوريا أم تلاقي تفجيرات العراق وأحداث البحرين وشرقي السعودية واليمن؟
ـ ما هو مغزى العودة إلى نبش الدفاتر العتيقة و"مذهبة" أحداث معينة مثل حادثة الكويخات ومقتل الشيخين عبد الواحد والمرعب، وإلقاء المسؤولية على ضابط من مذهب معين؟
ـ ما هو مغزى نبش الذاكرة، واستحضار جريمة اغتيال النائب جبران تويني وإلباس التهمة إلى "حزب الله"، الذي نفى علاقته بها، مجددا إدانته الاغتيال السياسي، ومعلنا انه ينتظر أن يقول القضاء كلمته في هذا المجال؟
ـ هل لربط "حزب الله" باغتيال تويني علاقة بالمحكمة الدولية وما ستفرزه في المرحلة المقبلة؟
ـ هل يشكل ذلك مقدمة للعودة إلى مربع الاتهام المباشر لسوريا بالاغتيالات ومعها "حزب الله" كأداة تنفيذية ليس في قضية اغتيال تويني فقط بل في كل الاغتيالات، بما فيها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟
ـ ما هو سر تزامن إلقاء هذه "العبوة" مع ما يتردد عن "توجه سعودي جديد يشدد على أولوية التلاقي الوطني اللبناني، بما يحمي سياسة "النأي بالنفس" ويجنّب لبنان تجرع تداعيات الأزمة السورية وكأسها المرة؟ وهو التوجه الذي يجعل السعوديين الأهدأ بين "المتوترين" وصولا إلى قرار السعودية الأخير، بإعادة مقاربة الملف السوري بطريقة مختلفة، من دون المغامرة بإطاحة النظام السوري وجيشه تحديدا في غياب البدائل؟   

السابق
الجمهورية: سليمان لا يريد أن يكون السلاح للفتنة
التالي
النهار: اتساع التوتر شمالاً والإضرابات تستعجل التمويل