ميقاتي مُغتبط بالدعم الدولي… ولكن!

يبدو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مرتاحاً إلى وضعه السياسي لجهة بقائه على رأس الحكومة حتى الانتخابات النيابية، على رغم العثرات والإخفاقات التي واجهت حكومته نتيجة الهوّة الكبيرة بين مكوّناتها، إضافة إلى الوضع الإقليمي البالغ الدقّة، لا سيما على المستوى السوري، ما كان سيؤدي إلى استقالة الحكومة التي وصلت إلى شفير الهاوية ومرحلة السقوط مراراً.

لكن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن ميقاتي مقتنع باستمرار حكومته إلى حين الاستحقاق الانتخابي، وللمرة الأولى، إثر لقاءاته مع مسؤولين دوليين على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ويُنقل عنه في مجالسه الخاصة أن لقاءه ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون كان أكثر من ممتاز، وهي التي دفعته إلى القول إن خيار "النأي بالنفس" كان صائباً، بعدما أشادت بخطوات الحكومة ودعمها الاستقرار في لبنان والنأي عن الأزمة السورية.

ويُنقل أيضاً عن أوساط ميقاتي أن الاجتماع مع الوفد السعودي وعلى رأسه نائب وزير الخارجية، نجل الملك السعودي، ما كان ليحصل لولا غطاء القيادة السعودية أو مباركتها.

وهنا تقول أوساط متابعة إن الغطاء الدولي للحكومة لم يأتِ صدفة وليس هناك رضى عليها باعتبارها صنيعة سورية، إنما ثمّة إجماع عربي وغربي على استقرار لبنان وعدم تصدير الأزمة السورية إليه، حتى أن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أكد دعم استقرار لبنان، مشيراً إلى انّ هذا المعطى خط أحمر بالنسبة إلى روسيا.

أما الدوافع والأسباب الآيلة إلى دعم الحكومة الميقاتية، التي ومنذ ولادتها لم تحظَ بأيّ دعم عربي أو غربي، إنما يعود إلى أن معلومات ومعطيات مفادها أن استقالة الحكومة لبنانياً أو إسقاطها، سيكون بمثابة فرصة للنظام السوري لإحداث بلبلة وشغب في لبنان قد يصِل إلى حرب إقليمية لا يمكن إيقافها، وهذا ما يُشغل المجتمع الدولي بالتركيز على الوضع اللبناني ويخفّف الضغط على النظام السوري.

ومن هذا المنطلق تأتي جرعات الدعم للحكومة على المستوى الديبلوماسي والسياسي بعيداً عن التقديمات الاقتصادية أو العسكرية، حتى موعد الانتخابات النيابية لتقطيع المرحلة، ولعدم إعطاء النظام السوري أي فرصة قد يستفيد منها، ولا سيما لجهة الورقة اللبنانية التي يتقنها ويمكنه أن يلعبها بأشكال سياسية وعسكرية واستخباراتية من خلال حلفائه في لبنان، وفي طليعتهم "حزب الله".

من هنا، يتغنى رئيس الحكومة بالدعم الدولي للأسباب المذكورة، وليس إعجاباً بحكومته. وعليه، تَعي قوى الرابع عشر من آذار هذه الأسباب والمعطيات، ومن الطبيعي ألّا تستسيغها أو تهضمها.

وقد سمعت بعض قيادات هذا الفريق من سفراء غربيين التقتهم، تأكيدهم ضرورة بقاء الحكومة فقط لاستقرار البلد، مع التشديد على مراقبتها، وخصوصاً ضمن هوامش معينة قد تضرّ بالنواحي السيادية والاستقلالية للبنان، وذلك في حال أطلقت يدها وتمّ ترويض رئيس الحكومة من "حزب الله"، ولا سيما في قانون الانتخاب.

بمعنى أن المجتمع الدولي يدرك جيداً أن هذا الحزب يسعى إلى الإبقاء على هذه الحكومة على خلفية تمرير قانون الانتخاب كما أقرّه مجلس الوزراء، لترتيب أوضاعه خوفاً من سقوط النظام السوري وخسارته أوراقاً عدة، فلن يعود متحكماً بقواعد اللعبة ومفاصلها في لبنان كما هي الحال اليوم.

وبالتالي يُدرك المجتمع الدولي أيضاً أن "حزب الله" يسعى إلى تمرير استحقاقات رئاسة الجمهورية والمجلس النيابي ورئاسة الحكومة والحكومة كما يشتهي، وذلك من خلال قانون انتخابي يؤمن له هذه التمريرات.

لذا، هو يراقب الحكومة، ومن المفترض ألّا يذهب ميقاتي بعيداً ويغالي في هذا الدعم الدولي لحكومته، الذي يبقى في المحصلة مرتكزاً على خلفية دعم الاستقرار في لبنان وليس على أمور أخرى.  

السابق
سليمان وميقاتي في الوسطية فعلاً لا قولاً؟
التالي
إيران في الملعب السوري الأحمر