اللواء: كونيللي تملأ الفراغ: الإنتخابات في موعدها والخروقات السورية مرفوضة

ملأت السفيرة الاميركية مورا كونيللي بالحركة الدبلوماسية التي وزعتها في غيرة اتجاه، لليوم الثاني على التوالي، فراغ الحركة السياسية الغائبة بين الاطراف اللبنانية، في وقت يواصل فيه الرئيس ميشال سليمان زيارته الى اميركا الجنوبية، بعد ان انتقل من الارجنتين الى الاوروغواي، ويستعد الرئيس نجيب ميقاتي للسفر الى جمهورية الكونغو الديمقراطية يوم الجمعة المقبل، لترؤس وفد لبنان الى القمة الفرانكوفونية، بعد جلستين لمجلس الوزراء يغلب عليهما طابع السلف المالية والاتفاقيات واجازات السفر للوزراء، من دون وضع اي ملف من الملفات الحيوية العالقة، كالتعيينات، على جدول الاعمال، وكأن لعبة تصريف الوقت اصبحت كلمة السر المعلقة على انتظارات الازمة السورية التي اشتد ضغطها على دول الجوار، والتي دخلت بدورها في "لعبة انتظار" تفاهمات دولية لمعرفة مسار الازمة السورية واتجاه الحسم وادواته وتوقيته.
وان بدا لمن يتابع مسار الوضع الداخلي اللبناني ان الحكومة تدفع الملفات الملقاة على كاهلها، تارة بالتي هي أحسن، وتارة بسياسة النأي او القبضة الامنية في بعض الاحيان، فإن شظايا العنف داخل سوريا بدأت تشكل عنصر ضغط داخلياً، في ضوء ارتفاع صدى ما يجري هناك، وما يتردد عن تورط "لحزب الله" في المعارك الجارية، وفقاً لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، او ما حدث في طرابلس من تظاهرة الجمعة، عندما حرق علم "حزب الله" لم يخل من تخوف حقيقي من تمدد شرارات هذا العنف الى الداخل اللبناني، وهو ما عبرت عنه السفيرة كونيللي بعد لقائها جعجع في معراب، مشيرة الى ان الولايات المتحدة لا تزال تشعر بقلق بالغ لجهة استمرار القصف والتوغل السوري داخل حدود لبنان، معتبرة بأن المسؤولية عن العنف في سوريا والعنف الذي يهدد بالتمدد من سوريا تقع مباشرة على عاتق نظام الاسد، داعية جميع الاطراف الى العمل معاً لابقاء لبنان معزولاً عن تأثيرات العنف في سوريا والناتجة عن قمع نظام الاسد الوحشي للشعب السوري، بحسب ما جاء في بيان كونيللي.
وشملت جولة السفيرة الاميركية الى جانب جعجع كلاً من قائد الجيش العماد جان قهوجي والوزير السابق محمد شطح الذي حرص على ان لا يعطي زيارة كونيللي ابعاداً سياسية، مشيراً إلى أنها جاءت في أعقاب زيارة له إلى واشنطن التقى خلالها مسؤولين في الخارجية الأميركية والبيت الأبيض، وأنه كان مدعواً لإلقاء محاضرتين هناك.
إلا أن مصادر ديبلوماسية مطلعة، لاحظت أن محادثات كونيللي مع قائد الجيش، تناولت تحديداً موضوع الحدود، الذي ارتفعت وتيرة الأحداث فيه بصورة مضطردة مؤخراً، بالإضافة إلى ازدياد أعداد اللاجئين السوريين، مشيرة إلى أن ارتفاع الحوادث لا سيما في البقاع والشمال، كانت كلها من دوافع القلق الأميركي لزعزعة الاستقرار في لبنان وفي تركيا معه.
ولفتت هذه المصادر إلى أنه إذا كان الموضوع التركي تحكمه أمور أخرى، فضلاً عن ارتباط هذا البلد بحلف الناتو، فإن الوضع اللبناني يظل هشاً، ولهذا السبب كان الاهتمام الدولي يتركز مؤخراً على منع انزلاق لبنان إلى العنف السوري بسبب ضعف تركيبته السياسية، سواء في ضبط الأمور على الحدود، أو لناحية رغبة البعض في توريط لبنان في أعمال من شأنها أن تهز استقراره، مشددة في هذا السياق، على مسؤولية الإجماع اللبناني على رفض مثل هذه الأعمال، وعلى مسؤولية النظام السوري الذي يجب أن يحترم تماماً سيادة وسلامة أراضي جيرانه، بحسب ما جاء في بيان مجلس الأمن الدولي أمس الأول.
تورّط بثينة شعبان
وإذا كان واضحاً من إشارات المصادر الديبلوماسية بأن هناك تلميحاً إلى تورط الوزير السابق ميشال سماحة في المخطط التفجيري الذي اعترف بالضلوع فيه، فإن معلومات مصادر متابعة، كشفت بأن أركان النظام السوري – ربما- كان معظمهم على دراية، أو على علم، بما كان سماحة يعتزم ارتكابه في عكار.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر لـ "اللواء" أن فرع المعلومات أنجز منذ حوالى أسبوع تفريغ بعض أشرطة المخابرات الهاتفية التي كان سماحة يجريها من سيارته، ومن بينها مخابرة جرت بين سماحة ومستشارة الرئيس بشار الأسد بثينة شعبان، أوحى الحوار بينهما بأن الأخيرة في جو العملية التي كان يتم التحضير لها، عبر جلب المتفجرات من دمشق.
وأوضحت المصادر أن تفريغ هذه الأشرطة بات في حوزة النيابة العامة التي أحالتها بدورها إلى قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا الذي يتولى التحقيق في القضية.
انفجار النبي شيت
إلى ذلك، بقي الانفجار الذي وقع في مخزن ذخيرة في النبي شيت في دائرة الاهتمام، حيث ألمحت مصادر نيابية إلى مساءلة تتقدّم بها قوى 14 آذار للحكومة حول الحادث، في حين أكّد وزير الداخلية مروان شربل، انه غير مفتعل، وانه ربما كان ناجماً عن ارتفاع الحرارة وعدم تنظيم القذائف القديمة الصنع الموجودة في المستودع.
اما حزب الله فقد خرج للمرة الأولى، عن صمته، مؤكدا على أن الانفجار ليس عملاً تخريبياً، ساخرا من الرواية الإسرائيلية عن أمكان ضلوع يد إسرائيلية فيه، مشيرا إلى أن ربط بديهيات الشؤون العسكرية القول بأن تخزين الاسلحة لا يعقل أن يكون في منطقة مكشوفة، وفي كراجات فوق الأرض، فكيف إذا كانت هذه الأسلحة تابعة للحزب الذي خلص في روايته، بحسب مقربين منه، إلى أن مكان الانفجار ليس مكاناً لتخزين الذخائر، ناهيك عن ان المنطقة المتواجد فيها في النبي شيت ليست قاعدة تخزين، بل مجرد مكان لتجميع الذخائر.
قانون الانتخاب
في هذا الوقت، كان لافتا للانتباه، تخصيص السفيرة الأميركية فقرة في بيانها، بعد لقاء جعجع، "بترحيب الولايات المتحدة بجهود لبنان لتحقيق قانون انتخاب يمهد الطريق لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة"، والتأكيد عن "إجراء الانتخابات في موعدها". واعتبرت المصادر المطلعة أن هذه الفقرة ترمي إلى تشجيع اللبنانيين على مواصلة جهودهم للتفاهم على النظام الانتخابي المنشود وتوزيع الدوائر الانتخابية، وهي الجهود التي ما تزال تحول دونها، انقسام القيادات السياسية والكتل النيابية حول شكل القانون العتيد، علماً أن المشاورات على هذا الصعيد، ما تزال مستمرة، ومنها، على وجه الخصوص اللقاء الذي جمع الرئيس نبيه برّي والنائب الكتائبي سامي الجميل في عين التينة، من دون أن يرشح شيء منه، إضافة إلى الاتصالات التي تحدث عنها جعجع بين "القوات اللبنانية" والنائب وليد جنبلاط الى جانب المناقشات التي تسير في بكركي على قدم وساق.
وإذ جدد جعجع التأكيد على وجوب الحفاظ على المواعيد الدستورية لاجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة، آملاً بالتوصل إلى قانون جديد قبل نهاية العام، مشددا على أهمية الدوائر الصغرى التي اعتبرها بأنها تؤمن صحة التمثيل وتحافظ على روحية اتفاق الطائف، نفت مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي حصول أية مشاورات مع "القوات" حول قانون الانتخاب، كاشفة عن عتب جنبلاط على "القوات" لأنها استعجلت تقديم مشروعها إلى المجلس النيابي قبل التشاور معه، رغم ان الأخير اعلن انفتاحه لمناقشة أي مشروع.
وقال عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الدكتور ناصر زيدان لـ"اللواء" ان قانون الستين يعتبر من أكثر القوانين ملاءمة للواقع الراهن، معتبراً ان مشروع النسبية الذي طرحته الحكومة استنسابي، كما ان مشروع الدوائر الصغرى يعيد البلد إلى مرحلة التقسيم الطائفي والمذهبي وإلى أزقة وزواريب على غرار مشروع اللقاء الأرثوذكسي، وكلها مشاريع تهدد مستقبل البلد.  

السابق
الأنوار: المعلمون والاتحادات العمالية يمهدون لتظاهرة الاربعاء
التالي
الأخبار: نار التعيينات تنضج سلة كاملة