مصالح دولية

التوافق الدولي مستبعد حتى الآن كما يبدو من حدة التباين وعدم المبالاة بسقوط أعداد أكثر من الضحايا والدمار وقد أدى الصراع على المصالح والإبقاء على النفوذ الى ما حدث في كوسوفو وأفغانستان والعراق ويتواصل في سوريا من دون اعتبار لحقوق الإنسان واستقرار الدول والشعوب وتدمير اقتصادها، ولم يتوافر الهدوء إلا بعد سيل من الدماء والعديد من المشردين وفاقدي أرزاقهم ومراكز عملهم، ولم يكن لبنان بعيداً عن هذه الظاهرة المتعارضة مع المواثيق وشرعة الأمم المتحدة، إذ لم تهدأ حرب الأخوة وأبناء الوطن الواحد إلا بعد خمس عشرة سنة، وما زالت تداعياتها تتفاعل انقساماً وخلافاً يتسببان بضائقة معيشية وركود اقتصادي وحديث حتى عن احتمال إرجاء الانتخابات النيابية.

يضاف إلى ما يحجب الرؤية الواضحة ما تشهده دول الربيع العربي من تناقضات تحول دون التعجيل في وضع دستور جامع يضمن حقوق الكل في إطار ديمقراطي صحيح، فالدول الكبرى ذات صلة مباشرة وغير مباشرة بما يستجد من تنافس على تعزيز دور هذه الفئة أو تلك من دون تهيّب من بروز نغمات فئوية ومذهبية وهي الأخطر كونها تعيق الاستقرار والتفرغ للنمو في وقت يتم تحييد اسرائيل عن تداعيات المنطقة وهي تقرع طبول عدوان جديد وتواصل الضغط على واشنطن للأخذ بما يناسبها ولو أدى إلى ما يشبه الزلزال المخيف للاستقرار العالمي والسلام المطلوب لمنطقة تعاني من الاحتلال والتهديد والوعيد.
ويستحيل الاعتقاد بأن روسيا وأميركا والمجموعة الأوروبية ستلتقي على جامع مشترك وفق ما أكدته جلسات مجلس الأمن والعديد من المؤتمرات على مستوى القمة وأدنى منها، وهذا ما يدعو إلى أخذه بعين الاعتبار بوحدة موقف وحوار لوضع حد للتدخل وصبّ الزيت على النار كما يقال، لكن ذلك أيضاً غير متوقع في وقت قريب وتزداد المعاناة وصولاً إلى الحديث على تقاسم وتفتت تسعى إليه اسرائيل بصورة خاصة ولا تتجنبه الدول الكبرى وهي تعمل لتأمين مصالحها والإبقاء على نفوذها على حساب الدول والشعوب.

ولم تسفر المناظرة التلفزيونية الأولى بين أوباما ورومني عن جديد فالسياسة هي ذاتها وكذلك المطامع والأهداف والتمسك بما يوصف بأمن اسرائيل المتفردة في المنطقة بامتلاك أسلحة نووية والتمنع عن توقيع معاهدة حظر امتلاكها. ومن هنا وجوب التنبّه لما يشاع عن عدوان واسع في الربيع المقبل أي بعد الانتخابات الأميركية ولو بفترة قصيرة، وتجد واشنطن نفسها غير بعيدة منه.
ولا يطمئن لبنان إلى ما يلقاه من تعهدات دولية لإبعاده عما يمكن أن يحدث، ولا يتوافر الحفاظ على الاستقلال والسيادة وإشاعة الأمن والاستقرار إلا بوحدة موقف سياسي واستعداد لإحباط ما يتعارض مع الثوابت الوطنية  

السابق
إسرائيل تعتقل فلسطينياً بتهمة التجسّس لحزب الله
التالي
حبل إنقاذ دمشق وطهران في يد بوتين