لماذا لفظت دمشق مشعل وحماس

بذلت حركة “حماس” ومعظم الفلسطينين المتواجدين في سوريا منذ بداية الأزمة، جهوداً حثيثة ومضنية للنأي بأنفسهم عما يواجهه النظام في الدولة التي تحتضنهم، لكن هذا الموقف الحيادي أخذ يتراجع، بعد أن تحوّلت المخيّمات الفلسطينية التي تضم نحو نصف مليون لاجئ في الداخل السوري، إلى ملاذات آمنة بالنسبة للمسلحين في دمشق، وتوفير بعض الجماعات داخل هذه المخيّمات الدعم اللوجستي لهم، وصولاً إلى مشاركة البعض منها بشكل مباشر في العمليّات المسلحة ضد الجيش السوري، فسقط منهم بين قتيل وجريح .

اتهام التلفزيون الرسمي السوري رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل بالتخلّي عن المقاومة وترك ساحات الجهاد والتوجه إلى مغانم السلطة، أدخل العلاقة بين النظام السوري وقيادة حماس مرحلة جديدة خلال الساعات الماضية.

وقال التلفزيون السوري أن مشعل تناسى إستقبال سوريا له بعد أن كان مشرّداً ومطروداً ومرفوضاً من كل الدول العربيّة، ووصل لحد القول بأنّه خائن وجاحد.

إن مغادرة كل قادة حركة حماس مكاتبهم السابقة في سوريا إلى مصر التي تدعم المسلحين في سورية، وتمضية معظم وقتهم في قطر، وإشادتهم مؤخراً “بالثورة السورية”، وتغاضيهم عن العمليّات الإرهابية ضد المدنيّين، ترافق مع تناسي وتجاهل قادة حماس الدعم السوري لهم سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً، منذ بداية الإنتفاضة الفلسطينية ضد العدو الحقيقي “اسرائيل”، على الرغم من كل التي تعرّضت لها القيادة في دمشق.

إذاً ماذا يعني وصول مقاتلين فلسطينيّين من مخيّمات الأردن ولبنان إلى الداخل السوري، ومشاركتهم بالعمليّات العسكرية ضد الجيش السوري، وماذا تعني مشاركة مشعل في المؤتمر الرابع لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة، إلى جانب أردوغان ومرسي اللذين لايخفيان عداءهما للقيادة السورية، متبجحاً بالتطلع إلى تحرر سوريا، فكانت القشّة التي قسمت ظهر البعير.

سوريا أعلنت أنها فرحة بأن يغادرها من باع المقاومة بالسلطة، فهل نسى مشعل طرده من الأردن عام 1999، وكيف رفضت دول عربية وغير عربية استقباله، قبل أن تفتح دمشق له ذراعيها، فأنفق وأفاض اليوم بعاطفته المنافقة على عذابات مسلحي المعارضة من بطش النظام الذي حماه يوماً بدلاً من أن يذرف عاطفته هذه على شعب فلسطين.
فإذا كان مشعل قد نسى فلسطيني ال48 والقدس والأقصى وغزة المحاصرة، فهل نسى قبل أن يصافح مرسي ضرب الأخير لمعابر الحياة التي تصل بلاده بشعبك.

السابق
إنقاذ رجل علق بحاوية قمامة
التالي
القراءة ليلاً تساعد على النوم الهادئ