اللواء: مخاوف من إندلاع المواجهة بين حزب الله والجيش السوري الحرّ

هل اقتربت النار السورية جدياً من لبنان؟
هذا السؤال الذي طغى على ما عداه من اهتمامات، متجاوزاً ما دار في جلسة مجلس الوزراء، من اشادة الحكومة بنفسها، فيما كان وزير المال محمد الصفدي يعلن عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية، ويهدد رئيس جمعية المصارف السابق فرنسوا باسيل باقفال المصارف اذا اقرت سلسلة الرتب والرواتب.
فقد عاشت الاوساط الدبلوماسية والسياسية اجواء قلقة من اندلاع مواجهة بين "حزب الله" والجيش السوري الحر على خلفية اتهام الحزب بأنه يقاتل في سوريا، وتوعدت القيادة المشتركة لهذا الجيش ما اسمته "عناصر حزب الله" المنتشرين في سوريا برد قاسٍ ومزلزل، رداً على تدخله في الشأن السوري ومساعدة نظام بشار الاسد في قتل الشعب السوري. متبنية مقتل "ابو عباس" (محمد حسين الحاج نصيف شمص)، حيث اعلن الجيش الحر انه قتل في كمين في مدينة القصير في ريف حمص.
ولم تكتف القيادة المشتركة بهذا التهديد، بل توعدت الامين العام للحزب "بمفاجآت ستقض مضجعه".
ومع ان لا رابط ملموساً بين سياق بوادر المواجهة والاعلان عن انفجار مخزن ذخيرة في بلدة النبي شيت البقاعية، إلا ان تزامن الانفجار الذي نتج عنه مقتل 9 عناصر بينهم ثلاثة من "حزب الله" ترك اكثر من علامة استفهام حول كيفية حصول الانفجار والتوقيت والنتائج، علماً ان اصوات الانفجارات ظلت تسمع في المنطقة حتى ساعات المساء الاولى، بما يدل على ان الانفجار كان كبيراً، خصوصاً وان المعلومات اشارت الى ان المخزن كان يحتوي على صواريخ اضافة الى القذائف والذخائر التي قالت العلاقات الاعلامية في الحزب بأنها قديمة ومن مخلفات القصف الإسرائيلي في المنطقة.
وأدى الانفجار الذي لم تعرف اسبابه، إلى تدمير المبنى الذي يحتوي على المستودع، مخلفاً اضراراً كبيرة في الأبنية المجاورة، وقد دمر منزل حمد علي رضا الموسوي بالكامل وتضررت الأبنية المجاورة، وعملت سيّارات الاسعاف على نقلهم إلى مستشفيات بعلبك.
وكان مسؤول أمني أفاد وكالة الصحافة الفرنسية عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل وإصابة سبعة آخرين بجروح في سلسلة انفجارات وقعت في المنطقة، من دون أن يُحدّد سبب الانفجارات، لكن الحزب اعترف بثلاثة فقط.
وأعلن المسؤول الأمني أن هناك أربعة عمال سوريين على الأقل في عداد الجرحى. وكان ثلاثة منهم يزرعون الأرض خلف المبنى الذي شهد الانفجار.
وضرب عناصر من "حزب الله" طوقاً امنياً حول المكان، فيما ضرب الجيش طوقاً امنياً "على بعد امتار" من طوق "حزب الله".
كما منع الاعلاميون من التوجه إلى المكان، وكان الرد من المعنيين بأن الاجراء هو من باب الحرص على سلامتهم، ومنعاً لتعرضهم لأي خطر، سيما وأن أعمال رفع الأنقاض لم تنته حتى ساعات الليل. وذكرت مصادر إعلامية أن منطقة النبي شيت حصن أمني لـ?"حزب الله" وتضم مخازن أسلحة ومراكز تدريب النخبة في الحزب.
ولفتت معلومات إلى انه كان يوجد إلى جانب المخزن مستودع للمازوت مما رفع من نسبة الخسائر وازدياد عدد القتلى.
قضية الشيخين
وإلى جانب هذه المواجهة، انفجرت مجدداً قضية مقتل الشيخين أحمد عبدالواحد ورفيقه محمّد مرعب، على خلفية الوثائق التي نشرتها قناة "العربية" والتي اتهمت ضباطاً سوريين بالضلوع في هذه الجريمة، حيث سارعت "هيئة الدفاع عن ورثة الشيخين.. بالطلب إلى إعادة فتح القضية وتسطير مذكرة جلب في حق الضباط السوريين الذين وردت أسماؤهم في وثائق "العربية"، كما طالبت رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال سليمان ونجيب ميقاتي بالدعوة إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء من أجل تحويل القضية إلى المجلس العدلي، محذرة من تحركات واسعة سيتم البدء بها بالتنسيق مع تيار "المستقبل" وفريق 14 آذار.
ومع أن الهيئة لم تُشر في مؤتمرها الصحفي، إلى أي علاقة للجيش كمؤسسة عسكرية بجريمة الكويخات، باستثناء إتهام ضابط أو عسكري بالإرتهان لجهاز الأمن السوري الخارجي، بحسب ما ورد في بيان عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل" المحامي محمد المراد، فقد لفت الانتباه إلى أن الرئيس ميقاتي سارع إلى الدفاع عن الجيش، معتبراً بأن التقارير الإعلامية والتلفزيونية جزء من حملة تستهدف الإساءة إلى الجيش وإلى مناقبيته وتجرّده وحياده، وهي تستند إلى أحداث أمنية وضع القضاء يده عليها، وله الكلمة الفصل في ضوء التحقيقات التي لم تنتهِ بعد، مؤكداً أنه سبق للقيادة العسكرية أن أكدت التزامها نتائج التحقيقات وما يترتب عليها من تدابير.
ولاحظ ميقاتي أن الحملة على الجيش تتزامن مع ارتياح كامل لجميع المسؤولين الأجانب الذين التقاهم على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، للدور الذي يقوم به الجيش في حفظ الأمن والاستقرار، مؤكداً على أن لبنان يتطلع إلى رعاية دولية مباشرة لتأمين تمويل الخطة التي وضعتها الحكومة لتسليح الجيش وتمكينه من القيام بالمهمات المنوطة به.
وقال ان "التعرض للجيش في هذه الظروف، ومن اي جهة اتى، وتحت اي سبب، ليس له ما يبرره على الاطلاق".
وجاء كلام الرئيس ميقاتي في سياق استهلاليته لجلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي، والتي غرقت في بحث جدول اعمال فضفاض من 84 بنداً، من دون ان يتسنى للوزراء من مناقشة بندين اساسيين، وهما البند المتعلق "بداتا" الاتصالات وتعديل قانون التنصت رقم 140 وانشاء الهيئة الوطنية المستقلة للمخفيين والمفقودين اللبنانيين، نظرا لاعتراض وزراء "التيار العوني" وحزب الله و"امل" على طرح البند الاول في غياب وزير الاتصالات نقولا صحناوي الموجود في عداد الوفد الوزاري المرافق لرئيس الجمهورية الذي انتقل امس من البيرو الى الارجنتين ومنها الى الاورغواي، قبل ان يعود الى بيروت الاثنين المقبل، كما اعترض هؤلاء على المشروع المطروح من وزير الداخلية تعديل المادة الاولى من القانون 140، بحسب ما توقعت "اللواء" امس، فكان ان اتفق على تشكيل لجنة برئاسة الرئيس ميقاتي وعضوية وزراء الدفاع والداخلية والعدل والاتصالات ونقولا فتوش لبحث آلية اعتراض المخابرات وكيفية صون الحق بسرية المخابرات، كما اتفق على تشكيل لجنة برئاسة وزير العدل وتضم وزراء الشؤون الاجتماعية والعمل والوزير علي قانصو لدراسة انشاء هيئة المخفيين، في ضوء الالتباس الحاصل في مشروع المرسوم والذي يخلط بين المفقودين في لبنان والمخطوفين في سوريا.
الصفدي غير مرشح
على ان البارز لم يكن الجلسة، بل على هامشها، حيث اعلن الوزير الصفدي لدى خروجه من الجلسة انه عازف عن الترشيح للانتخابات النيابية، لا هو ولا أحد من افراد اسرته، وهو قرار وصف بأنه بمثابة اعتزال للعمل السياسي لاحقاً، الا ان الصفدي اعلن ليلاً ان اعتزاله يقتصر على العمل التشريعي وليس السياسي، في اشارة الى انه سيبقى في خضم المعترك السياسي رغم ان قراره من شأنه ان يحرج حليفه الرئيس ميقاتي الذي لم يشأ التعليق على قرار الصفدي، لكن اوساطاً طرابلسية لم تستبعد ان يكون ما اعلنه مجرد "بالون اختبار".
في غضون ذلك تعود اللجان النيابية المشتركة الى الانعقاد مجدداً اليوم، في ضوء تأكيد رئيس المجلس نبيه بري على تشكيل لجنة مصغرة لمتابعة البحث في موضوعي النظام الانتخابي (اكثري ام نسبي) والدوائر، واخراج النقاش حولهما من دائرة المزايدات والتصعيد، الى تهيئة المناخات لدرس هذين الموضوعين بعيداً عن الأجواء التي سادت في الجلسات السابقة.
وركز وفق ما نقل عنه النواب في لقاء "الأربعاء الاسبوعي" في عين التينة على "ضرورة متابعة اللجان المشتركة في هذا الوقت لباقي مواد قانون الانتخاب ودرسها كسباً للوقت"، مجدداً التذكير بموقفه الذي لا يزال يتمسك به وهو انه "لن يرفض ما يتفق عليه المسيحيون".
ونقل النواب أيضاً وصفه لاقتراح الدوائر الخمسين الصغرى بأنه "مفصل على قياس البعض وليس على قياس مصلحة المسيحيين". وانه كالرياح الخماسينية وان من يفكر فيها يحلم وعليه أن يتكلم بصراحة ولا يتلطى وراء مصالح المسيحيين".
وفهم ان اللجنة المصغرة يمكن أن تتألف من 12 نائباً يمثلون مختلف الكتل النيابية، على أن ترفع تقريرها إلى الهيئة العامة، بما يمكن ان تتوصل إليه، في حين يترك للجان مهمة دراسة باقي بنود المشروع الانتخابي، علماً ان القرار النهائي يعود لرؤساء الكتل والقيادات السياسية في البلد، والتي لا تزال تتنازعها المشاريع الأربعة المطروحة.
وسجل في سياق المشاورات النيابية، زيارة لنائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في حين غادر بيروت الى الرياض النائب انطوان زهرا موفداً من جعجع للقاء الرئيس سعد الحريري بعدما كان الاول قد تعهد للحريري بأنه يستطيع اقناع النائب وليد جنبلاط بالسير باقتراح الدائرة الصغرى، لكنه لم ينجح.

السابق
الأنوار: تركيا تقصف اهدافا في سوريا ردا على سقوط قذائف في اراضيها
التالي
النهار: النبي شيت تواكب حلب بانفجار ملتبس تبريد مأزق قانون الانتخاب بلجنة ثُمانية