السليمانية في أميركا اللاتينية

لم ينقطع الاتصال، ولم يتوقف التواصل، ولم تضعف العلاقات، ولم يغب التاريخ الجامع بين لبنان المقيم ولبنان الاغتراب، فكل منهما هو الهوية والهوى والذاكرة للآخر، بالرغم من مئات السنوات وأكثر من الهجرة التي حملت إلى العالم عصامية وطموح الأجيال اللبنانية المهاجرة بحثاً عن العمل وتوظيف قدرات هذه الأجيال في خدمة وارتقاء ومجد البلدان المضيفة على صعيد العمران والتجارة والاقتصاد والمال والإعلام، وصولاً الى مناصب سياسية وعسكرية ودبلوماسية وعسكرية وقضائية وطبية وصناعية وأدكايمية حيث شكل المهاجرون سفراء دائمين وفاعلين لوطنهم، فأخلصوا لتلك البلدان، وحافظوا على هويتهم اللبنانية في الانتماء الى تراثهم وثقافتهم، من دون أن يذوبوا في التخلي عن هذه الهوية، إذ أقاموا التوازن والتكامل بين هويتهم التراثية اللبنانية وهوية ديار الاغتراب.والذي أدى إلى تعزيز ذلك، هو التواصل الشعبي بين المغتربين وذويهم، واللقاءات الرسمية بين المسؤولين اللبنانيين ونظرائهم في عواصم دول الاغتراب، ومن هنا تأتي زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى ثلاث دول في أميركا اللاتينية (الجنوبية) البيرو والأوروغواي والأرجنتين، استكمالاً لمكوكية الرئيس سليمان العربية والأوروبية الأميركية حاملاً رسالة الشعب اللبناني الى ملوك وأمراء ورؤساء وشعوب ودول هذه البلدان، لتحسين وتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، والتباحث في مختلف القضايا والأزمات الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والمساهمة في حلولها وفقاً للشرائع والحقوق والقوانين المنصوص عليها في شرعة حقوق الانسان وميثاق الأمم المتحدة والحفاظ على سيادة واستقلال الدول والشعوب.إلى ذلك، أن من أهمية جولة الرئيس سليمان اللاتينية لترؤس أعمال القمة العربية – اللاتينية، وإلقائه كلمة جامعة تتناول عمق وديمومة العلاقات التاريخية بين لبنان ودول وشعوب هذه القمة، والعمل على تطويرها، كما تشمل إعطاء المجتمعين الصورة الكاملة عن التقدم في خطوات ومخططات النهوض بالاقتصاد اللبناني ودعوة الدول المشاركة في اعمال القمة إلى المساهمة في مشاريع هذا النهوض، وتقديم الضمانات الحقوقية والقانونية والمصرفية والأمنية والضرائبية للاستثمار في القطاعات الاقتصادية اللبنانية المتعددة، كما تشمل الكلمة الرئاسية موقف لبنان من الاوضاع الإقليمية المضطربة وخصوصاً في سوريا، وذلك على قاعدة النأي عن تداعيات الحالة السورية الراهنة، وعلى قاعدة الحوار السياسي بين أطراف هذه الحالة الضارة بسوريا ودول الجوار والمنطقة والعالم.وطبيعي أن تشمل الكلمة أيضاً موقف لبنان من القضايا الدولية ذات التأثير المباشر وغير المباشر على مسار الأزمات الإقليمية: حلولاً أو تعقيداً وتفجيراً ما يستوجب اتخاذ موقف دولي عادل ومتوازن لحل هذه الأزمات.ومن الطبيعي أيضاً، أن يكون للجاليات اللبنانية في ديار الاغتراب اللاتيني المساحة الواسعة لطمأنتها على استقرار الوضع اللبناني رغم الصعوبات والتحديات العديدة، وعلى الوحدة الوطنية الجامعة للتنوع والتعدد في الطوائف والمذاهب والاتجاهات السياسية المختلفة.
وفي المعادلة، أن أجندة الرئيس سليمان في هذه الزيارة، تحمل عنوان: قمّة الحضور اللبناني في القمة العربية – اللاتينية، وقمة اللقاء الرئاسي مع الجاليات اللبنانية في أميركا اللاتينية.
 
 

السابق
ايران…
التالي
سوريّة: الامبراطوريّة والجمهوريّة الديموقراطيّة