ماجدة الرومي في «غزل»

غالبا ما يطول الانتظار لتأتي النتيجة دائما أكبر من التوقعات، هكذا كان حال عشاق ماجدة الرومي الذين تلقفوا ألبومها المنتظر «غزل» بعد انتظار أكثر من ست سنوات منذ ألبوم «اعتزلت الغرام» الذي أتى أيضا بعد حوالي ستة أعوام من ألبوم «أحبك وبعد».

يقابل «الشح» في الكمية عند ماجدة القيمة والجمالية في النوعية التي حرصت خاصة في هذا الألبوم على التنويع الموسيقي فيه لإرضاء متذوقي الأغنية الشعبية مرورا بالكلاسيكية ووصولا إلى الطربية والوطنية وتظهر في هذا الألبوم الشاعرة ماجدة الرومي التي كتبت ثماني اغنيات من هذا العمل.

«دقايق» ساحرة

بموسيقى أوركسترالية ساحرة وبتنقلات تارة طربية وأخرى حالمة تأخذنا أغنية «وبتتغير الدقايق» التي اختارتها ماجدة أولى اغنيات الالبوم لتروي ظمأ عشاق الطرب الشرقي بمقدمة موسيقية تقارب الدقيقتين يتداخل فيها نص نزار فرنسيس مع لحن الموسيقار ملحم بركات الذي واجه صعوبة مضاعفة خاصة بعد النجاح الساحق لأغنية «اعتزلت الغرام» فأتت و«بتتغير الدقايق» لتكون استمرارية ناجحة للثلاثي «الرومي، بركات، وفرنسيس» الذين صاغوا عملا متميزا خاصة مع «حبك حبك غيرني لبسني جناح وطيرني» التي حلقت فيها ماجدة عاليا، ورمت بعشاق صوتها في بحور من الآهات الطربية المتلاحقة.

صيد المحار

ماجدة الرومي حريصة دائما على مواصلة مسيرة النجاح مع «كاظم الساهر» والشاعر الراحل «نزار قباني» الذي اختارت ماجدة من كنوزه قصيدة «وعدتك» فاصطادت بها المحار واللآلئ وغاصت في جمل لحنية عذبة أظهرت دفء صوتها الذي كان البداية ومسك الختام في هذه الاغنية.

الأكثر جماهيرية

عادة ما يتوقع الفنان الأغنية التي ستنال الجماهيرية والشعبية الأكبر في البومه فيطرحها مسبقا لجس نبض المستمعين اولا ولتكون دعاية قوية لألبومه، وهذا بالضبط ما فعلته ماجدة في أغنية «متغير ومحيرني»، فضربت العصفورين بحجر واحد ونالت الأغنية النجاح الاكبر وذلك لجمالية لحن د.عبدالرب ادريس ذي الطابع الغربي الممزوج بالشرقي والفالس الذي تنقل صوت ماجدة على نغماته برشاقة كبيرة وبشقاوة محببة توجهت عبرها إلى فئة جديدة من الجمهور الذي فوجئ بـ «ماجدة جديدة» في أغنية «متغير ومحيرني» والتي اتت اسما على مسمى ونجحت من خلالها في التغيير بمساعدة الموزع جان ماري رياشي خاصة مع جملة «انت يللي مسهرني» الذي زاد من الآلات الإيقاعية فيها بالإضافة إلى الكلمات التي صاغتها ماجدة نفسها.

مقدرة شعرية

لا نبالغ إذا قلنا ان تحفة الألبوم هي «العالم إلنا» فبنص ساحر من كلمات ماجدة الرومي التي كشفت في هذا الألبوم عن مقدرة شعرية لافتة وبموسيقى رومانسية حالمة للروسي ديمتري شوستا كوفيتش اعطت ماجدة للعاشقين الوصفة السحرية على أنغام الفالس: غمض عينيك… تصور انو هالعالم إلنا

واني بإيديك.. وانو الليل المجنون مغازلنا

تصور سهمك بقلبي واني هالقلب.. وهيك نحب.

عالم أجمل

الأغنية العالمية الأخرى التي استقتها ماجدة من التراث الغنائي العالمي كانت «بس قلك حبيبي» من اللحن الموسيقي للعمل التلفزيوني الشهير «تشارلي شابلن» للموسيقي جيفري بارسنز فأتى صوتها دافئا فيه لوعة العاشق: بحبك انا بحبك انا بموت عليك ولتكون هذه الأغنية كسابقتها في حملنا إلى عالم أجمل.

الخط الكلاسيكي

بأغنيتين من ألحان طارق أبوجودة حاولت ماجدة بإحداهما إعطاء زخما جديدا للتنويع في ألبومها فكانت «على قلبي ملك» التي بثت من خلالها فرحا إضافيا في الألبوم مع جمل لحنية أفردت مساحات بارزة لصوتها مثل «لما تحاكي عيني وما ارجع من عينيك» لتأتي الأغنية الثانية لأبوجودة «لو تعرف» أهدأ من سابقتها معتمدة على خط ماجدة الكلاسيكي مع جمل جديدة نوعا ما على الأذن الموسيقية خاصة بالتناغم اللفظي مثل «نحب ندوب نطير نحنّ شي مرة بهالعمر نجن» الذي صاغته ماجدة بكلماتها.

أنوثة الصوت

جان ماري رياشي بدوره كانت له أغنيتان من ألحانه «لا ما تقلي حبيتك» بنص رشيق وخفيف الدم لماجدة وبلحن فرح وبتوزيع يعبر عن روح الأغنية النابض بالحياة بينما أتت اغنية «اقبلني هيك» اكثر شاعرية إن كان من ناحية النص لماجدة أو اللحن لرياشي ايضا الذي فجر أنوثة الصوت عند ماجدة وبرهن على عذوبة بعيدة عن الطاقات التي تتغنى بها ماجدة أحيانا كثيرة لتكون وردة الألبوم الحمراء.

سابقة تاريخية

سابقة تاريخية في مسيرة ماجدة الرومي سجلتها أغنية «سلونا» التي أعادت تقديمها للمرة الثانية في هذا الألبوم بعدما سبق ان قدمتها في ألبوم «يا ساكن أفكاري» لتكون المرة الأولى التي تسجل فيها أغنية لوالدها في ألبومين، ما يبرهن على مكانة خاصة لهذه الأغنية في قلب ماجدة من بين مئات الأغنيات التي سبق لوالدها المطرب الراحل حليم الرومي ان تغنى بها وليكون الجديد المضاف في هذه الأغنية هو تزاوج الصوت بينها وبين والدها على شكل حوار بينهما.

صرخة ألم

وفي تعاون ثان لها بعد «غني للحب» في ألبوم «اعتزلت الغرام» عاودت ماجدة الغناء من ألحان الفنان مروان خوري بـ «لا ما راح ازعل عشي» التي كانت بمنزلة صرخة ألم ربما عبرت ماجدة بكتابتها عن تجربة شخصية في بعض المقاطع فأتى صوتها هادرا مشاكسا مقاوما الخضوع ومصمما على عدم الانكسار.

الأغاني الوطنية

تبقى الأغاني الوطنية وقصيدة الشاعر د.سلطان بن محمد القاسمي «الطير طرباً يغرد» التي تنقلت فيها ماجدة كالفراشة على نغمات كلود شلهوب ولانا خاطر فيما اكتفت ماجدة بلحن وطني يتيم من الفنان اللبناني الكبير ايلي شويري عبر «نشيد الشهداء» الذي سبق ان غنته في احتفالات وطنية سابقة بعدما غنت في ألبومات سابقة من روائعه العاطفية والوطنية التي أضافت لها في هذا الألبوم قصيدة سعيد عقل «بلادي أنا» من ألحان جوزيف خليفة وجان ماري رياشي.

اثبتت ماجدة الرومي في «غزل» احترافية عالية وحنكة فنية مكنتها من اكتساب عشاق جدد لفن ساحر ترك بصمته على الساحة اللبنانية والعربية.  

السابق
سأبقى شذى مهما تغيرت الظروف
التالي
هيفاء وهبي تفشل