حسابات جعجع الرئاسية لا تنطبق على حسابات «المستقبل» الانتخابية

سارع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع إلى عقد مؤتمر صحافي أمس للدفاع عن مشروعه لقانون الانتخابات وإنقاذه من «الموت السريري» الذي أصابه مع الولادة بسبب نفض النائب وليد جنبلاط يده ومعارضته له وتخلف الحليف القوي تيار المستقبل عن الدفاع عنه.
والحقيقة أن جعجع الذي صاغ مطبخه في معراب هذا الاقتراح يتطلع بالدرجة الأولى إلى الحصول على أكبر «حصة مسيحية» في المجلس النيابي المقبل ليكون مؤهلاً للترشح إلى رئاسة الجمهورية، لا سيما أن وعوداً كان تلقاها أخيراً من الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة بحجز الكرسي الأولى له حصرياً من دون شريك أو منازع.
وكما هو معلوم، فإن الوعد الحريري لجعجع بالرئاسة قديم، لكنه تجدّد مع بدء مناقشة أو طرح الحكومة موضوع قانون الانتخابات على بساط البحث. وقيل إن الرئيس السنيورة كرّر على مسامع رئيس «القوات» أخيراً أنه مرشح تيار «المستقبل» لرئاسة الجمهورية بعد أن كان سمع من الشيخ سعد الكلام نفسه.
ويقول قيادي في 8 آذار إن هذا الوعد أثلج قلب رئيس «جمهورية معراب» ودغدغ عواطفه، فانصرف بعد ذلك إلى ترتيب الحسابات الانتخابية من أجل التخلص من عقدة «الجنرال»، والسعي إلى ترؤس تكتل نيابي مسيحي في المجلس المقبل، عوضاً عن الكتلة الصغيرة التي كوّنها بعد انتخابات عام 2009، بالاستعارة أو بالرافعة، باستثناء نواب بشري والبترون الثلاثة.
لكن القيادي يشير إلى أن حسابات «المستقبل» الانتخابية بقيت تشكل إحراجاً لجعجع أمام الرأي العام المسيحي، لا سيما أن الحريري ينظر إلى قانون الانتخابات من زاويتين أساسيتين: أولاً تأمين الأكثرية لفريق 14 آذار الذي يقوده بحرية شبه مطلقة، وثانياً الاستمرار في احتكار التمثيل السني من دون شريك.
وبالإضافة إلى هذين الشرطين، فإنه حريص على الاحتفاظ بعدد من النواب المسيحيين في كتلته خصوصاً المقربين والمحسوبين عليه. وتكفي هنا الإشارة إلى المعركة القاسية التي خاضها جعجع لاستبدال النائب سيرج طورسركيسيان بمرشح أرمني «قواتي»، لكنه لم يحصد سوى الفشل بسبب عناد الحريري، فهل من الممكن أن يتنازل رئيس «المستقبل» عما لا يقل عن عشرة نواب مسيحيين إرضاء لنزوات رئيس «القوات» من أجل تكبير حجم كتلته النيابية؟
ويرى القيادي المذكور أن ورقة الحريري الانتخابية تبقى القانون الحالي الذي يعتقد أنه يحافظ من خلاله على أكبر تكتل نيابي في المجلس المقبل، وبالتالي يجعله الرقم السياسي الصعب في انتخابات رئاسة الجمهورية، ويعيده من دون عقبات إلى رئاسة الحكومة.
ويضيف: ان الحريري لا يقبل الشراكة الحقيقية، وان نهجه السياسي الموروث يعتمد على «الزعامة» والتفرد في القرار، وإذا كان يحسب حساباً لجعجع، فإنه يقبل بأن يتنازل عن بعض المقاعد النيابية له لزيادة عدد نوابه، ولكن على أساس القانون الحالي أي قانون الستين.
من هنا، فإن ما نقل عن تأييد تيار «المستقبل» لمشروع جعجع أي الدوائر الصغرى ليس سوى مناورة إعلامية وسياسية، وبالتالي فإن هذا المشروع لا يحظى سوى بغطاء سياسي أو شعبي أو نيابي أو طائفي محدود، وهو بطبيعة الحال لا يحظى بتأييد مسيحي في ظل معارضته من قبل تكتل التغيير والإصلاح وبرودة موقف بكركي منه.
ومقابل حسابات الحريري يسعى جعجع في هذه المرحلة إلى إظهار نفسه وكأنه صاحب الرأي في اختيار صيغة قانون الانتخابات الجديد، لذلك سعى إلى صياغة هذا «الاقتراح الخمسيني» ليظره للرأي العام المسيحي بأنه ليس تابعاً لأحد وأنه يريد تحسين التمثيل المسيحي.
وبرأي القيادي في 8 آذار أن جعجع تسرع أو أجبر على التسرع في إعلان مشروعه بعدما سبقته الحكومة والعماد عون في طرح مشروع الدوائر الـ13 واقتراح اللقاء الأرثوذكسي، ولذلك فإنه لم «يحسبها مظبوط»، فلم يحصل على الغطاء الصريح والكافي.  

السابق
الثورة السورية والسؤال الأخلاقي
التالي
هل نريد تغيير أميركا؟!