نتنياهو داعية حرب

في السنة الثالثة لتوليه رئاسة الوزراء، والتي قد تكون الأخيرة في حال تقديم موعد الانتخابات العامة في إسرائيل، يسعى بنيامين نتنياهو من خلال خطابه في الأمم المتحدة الى الظهور مظهر زعيم دولة تتعرض لخطر وجودي، واثارة تعاطف دول العالم في المواجهة التي يخوضها ضد إيران.
لكن ما يسعى اليه في الواقع ترميم مكانته بعد الضرر الذي لحق بها من جراء نزاعه العلني مع الرئيس باراك أوباما في شأن سبل كبح المشروع النووي الإيراني، ورفض أوباما توجيه انذار الى إيران كما يطالبه نتنياهو. فخلال الأشهر الأخيرة تحول نتنياهو من "بيبي الملك" كما سمي على غلاف مجلة "تايم"، إلى رئيس وزراء في ورطة داخلية وخارجية.
مسألتان أساسيتان تثيران قلق الجمهور الإسرائيلي: توتر العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة بسبب الخلاف بين نتنياهو وأوباما، واحتمال نشوب حرب السنة المقبلة اذا نفذ نتنياهو تهديداته وشن هجوماً عسكرياً على المنشآت النووية الإيرانية.

لا تتحمل إسرائيل في هذه المرحلة الحساسة والخطرة التي تمر بها المنطقة توتر علاقاتها مع أهم حليف استراتيجي لها. وقد أدى تفاقم الاختلاف في وجهات النظر بين زعيمي البلدين، وحملة الانتقادات والضغوط التي شنها نتنياهو طوال الأشهر الماضية على أوباما، إلى ردات فعل سلبية داخل إسرائيل على مواقف نتنياهو يمكن تلمسها عبر انتقادات المسؤولين له، أو عبر تعليقات الصحافة هناك التي تحمله مسؤولية تدهور العلاقة مع إدارة أوباما، وتدخله في المعركة الانتخابية الأميركية ورهانه على فوز المرشح الجمهوري ميت رومني.

وعلى رغم كل المبالغات التي استخدمها نتنياهو في تصويره خطر السلاح النووي الإيراني على إسرائيل، تشير استطلاعات الرأي ان غالبية الجمهور الاسرائيلي تتخوف من ان يؤدي الهجوم على المنشآت النووية الى حرب اقليمية ستهدد فعلاً وجود إسرائيل وسيدفع الاسرائيليون ثمنها. ومما لاشك فيه ان الانقسام الكبير داخل إسرائيل بين المؤيدين لضربة عسكرية والمعارضين لها ساهم في تعزيز هذه المخاوف.
لقد استغل نتنياهو خطر السلاح النووي الإيراني ليمنع أي نقاش للتسوية السلمية مع الفلسطينيين، وليقفل الباب في وجهها. وبدل أن يدعو في خطابه في الأمم المتحدة إلى السلم، سيدعو المجتمع الدولي إلى حرب جديدة من خلال مطالبته بفرض خطوط حمر على إيران. لكن صيحات نتنياهو الداعية الى الحرب لن تلقى على الارجح آذاناً صاغية من دول العالم القلقة على استقرار اقتصادها، ولا تريد التورط في مغامرة عسكرية جديدة في منطقة شديدة الاضطراب مثل الشرق الأوسط.  

السابق
ورشة تدريبية حول الإعلام التنموي
التالي
بري دعا الى عقد جلسة مشتركة للجان للبحث بقانون الانتخابات