لا مشاركة في سيادتنا

لا نصف دولة، ولا نصف سيادة، ولا نصف استقلال، ولا مناقصة على الدستور ولا انقاص وانتقاص في تطبيقه، ولا مساومة على الخصوصية اللبنانية في مكوناتها الوطنية وخصائصها الفريدة في العيش المشترك، ولا قبول لشراكة الآخرين في أمننا الوطني، ولا إملاءات خارجية عن خياراتنا في تحديد مواقفنا من قضايانا والقضايا العربية والإقليمية والدولية، ولا مقايضة على مصلحتنا، ولا تنازل عن كل هذه الثوابت، لأنها أساس هويتنا وموقعنا وعلاقاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة، ولكن من دون عزل أو انعزال للبنان عن محيطه العربي والمجتمع الدولي، بل للحفاظ عليه من وصايات وحمايات وانتدابات حديثة عانى منها اللبنانيون الكثير منذ ما قبل الاستقلال ومن بعده في ظروف عديدة.
ولذا، تنتهج الدولة اليوم سياسة الانفتاح المستقل والتعاون السيادي مع الأشقاء وفقاً لميثاق الجامعة العربية، ومع الأصدقاء وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، ففي المعادلة أن الانفتاح على الغير ذوباناً، يساوي الانغلاق على الذات قطيعة أو مقاطعة مع هذا الغير، الأمر الذي يحمل الضرر الأكبر للبنان في هاتين الحالتين اللتين تؤديان إلى عزله عن محيطه: انغلاقاً على الذات، وإلى الارتهان والتبعية والإرهان: فقداناً للسيادة وحرية القرار والموقف.
من هنا، ينتهج العهد سياسة الاستقلال والسيادة في علاقته الخارجية، وسياسة الحفاظ على الخصوصية الذاتية داخلياً. وهذا ما يمنحه ميزات الوضع الخاص في معترك السياسات العربية والدولية المتصادمة من حوله والمتدخلة أحياناً في شؤونه الخاصة، مما يؤكد سلامة هذا النهج في التزام سياسة النأي عن ذاك المعترك الساخن في سوريا وفي غيرها من الأصقاع العربية، ومما أكسبه عدم الوقوع في تجاذبات ذلك، وجعل صوته مسموعاً في المحافل العربية والدولية على السواء، وهذا من مضامين وضمانات الدولة السيدة والمستقلة والقادرة في مختلف الظروف المحلية والتطورات الخارجية.
وتأكيداً على الاستقلال السيادي والسيادة الوطنية في هذه المرحلة من تاريخ لبنان الحديث، قال رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لمناسبة حفل تخريج الضباط: «نعم لحياد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات العربية والإقليمية التي تشكّل موضع تنازع بين اللبنانيين، ولا لتحييد لبنان عن محيطه وقضايا العرب المحقة».
وقال: لا سيادة ولا استقلال إذا ما سمحنا باستيراد أزمات وقدرات من خارج الحدود، وقد جاء إعلان بعبدا ليؤكد أهمية الوحدة الوطنية وتحييد لبنان عن أية أزمة إقليمية.  
 

السابق
الخشية من نقل الأزمة أم من انتقال التغيير؟
التالي
الأسد لا تليق به أوصاف البشر!!