سائح ديبلوماسي في حقل ألغام

 الطريق طويل أمام الممثل الخاص الأخضر الابراهيمي. لا لتحقيق الهدف الملحّ، وهو إغلاق بورصة القتل في سوريا، بل لمجرد التوصل الى خطة على الورق. ولا فقط لأنه تعلم درساً من فشل سلفه كوفي أنان، ويريد أن يضمن موافقة كل الأطراف الداخلية والاقليمية والدولية على الخطة قبل تقديمها، بل أيضا لأن مجلس الأمن الذي أرسله مشلول. فضلا عن أن حركته محكومة، مثل حركات اللاعبين، بالتوقيت الأميركي للانتخابات الرئاسية، من دون أن يضمن أحد وضع أوراق اللعبة على الطاولة جدّياً بعد الانتخابات.

ذلك ان ما سمعه الابراهيمي في نيويورك هو برج بابل من الاقتراحات والمواقف النظرية التي ليس لأي منها قدمان على الأرض. وما سيسمعه في العواصم المتعدّدة التي ينوي زيارتها هو، بالمفرّق، ما سمعه، بالجملة، في دورة الجمعية العمومية واجتماع مجلس الأمن ووزراء الخارجية العرب. ومن الصعب، مهما تكن خبرة الرجل، إخراج تصوّر كامل الأوصاف من غربلة الاقتراحات والأفكار المتعدّدة.

مفهوم ان القاسم المشترك بين الاقتراحات والأفكار هو وقف شلاّل الدم ورسم خارطة طريق ل مرحلة انتقالية. لكن الطريق الى وقف الحرب مغلق بالرهانات المتناقضة عليها، والطريق الى المرحلة الانتقالية مغلق بالنار على الأرض. فلا حرب سوريا هي فقط في سوريا، وان كانت المسرح العنيف لها، بل هي أيضا في كواليس لعبة الأمم. ولا هي فقط عن سوريا وحدها، بل أيضا عن الصراع مع المشروع الايراني في المنطقة، وعن الصراع بين الكبار على المشاركة والأدوار في نظام عالمي جديد متعدّد الأقطاب بعد عقدين من نظام الآحادية الأميركية.

ومن المفارقات، أن يتدخّل اللاعبون جميعاً في سوريا، وهم يعلنون رفض التدخّل. فليس في سوريا سوى كل أنواع التدخّل الخارجي، باستثناء التدخّل العسكري المباشر الذي كان ولا يزال خارج أجندة أميركا والحلف الأطلسي والذي يراه كثيرون كارثة حسب الابراهيمي.

ومن الظلم وضع كل هذه الأحمال الثقيلة على كتفي رجل وحيد في السابعة والثمانين. فلا التوافق على مهمة الابراهيمي هو توافق على الحل أو استعداد لوضع أوراق اللعبة في يده. ولا خبرته اللبنانية قابلة للاستنساخ في وضع سوري مختلف. وحتى اشعار آخر يراهن البعض فيه على متغيرات في المواقف الاقليمية والدولية تبعاً للمتغيرات على الأرض ولحسابات ومصالح استراتيجية معقّدة، فان الابراهيمي سيقضي الوقت في الاستماع والتشاور في حين تستمر الحرب.
وليس أمامنا سوى الرهان على نافذة الأمل التي تركها الابراهيمي مفتوحة، وسط الخوف من أن يصبح مجرد سائح ديبلوماسي آخر في حقل ألغام.  

السابق
22 غطاساً يوثـّقون بحر صور بالصورة
التالي
قلق دولي