الأخبار: اللجان المشتركة: 4 ساعات لتأكيد الانقسام

أضاع "نواب الأمة" أمس 240 دقيقة من عمرهم ومن عمر اللبنانيين، من دون أي فائدة. كانوا يتصرفون في اجتماع اللجان المشتركة مثل الأطفال المشاغبين الذين يأتون مكرهين الى المدرسة في اليوم الأول من العام الدراسي. وصل صراخهم الى خارج قاعة المجلس، فـ"الأستاذ" نبيه بري غير حاضر لضبطهم

اخترق صوت النائب مروان حمادة جدران القاعة. لا يريد الرجل البحث في أي قانون انتخابي، في ظل وجود السلاح. أعاد حمادة العزف على السيمفونية نفسها، ولعب على الوتر نفسه "لا نسبية في ظل السلاح". تصرف الرجل كأنه استيقظ فجأة ليكتشف وجود "السلاح" في لبنان. ربما نسي النائب الشوفي أن سلاح المقاومة لطالما كان حاضراً وموجوداً، وأنه هو نفسه تحالف في ما مضى مع حملة السلاح أنفسهم. النائب علي عمار لم يرض بتلطيشات زميله، فذكّره بأن "السلاح كان موجوداً منذ 1992 و1996 و2000 وأنتم استفدتم في عام 2005 منه للدخول في تحالف رباعي معنا". وطلب عمار "الكف عن المتاجرة بالمسيحيين"، مؤكداً أنه "يجب إقرار قانون انتخابي يعطيهم حقوقهم"، كما نقل عنه أحد النواب المشاركين.

قبل هذا السجال وبعده، كانت جلسة اللجان المشتركة حفلة لـ"تمسيح الجوخ" بين الأطراف السياسية كافة. لم يتطرق النواب الى مشروع القانون الانتخابي الذي بسببه هم هنا، وهو النسبية مع 13 دائرة انتخابية. فتمحور كل حديثهم حول العموميات، وأمضوا أربع ساعات للتأكيد فقط على ضرورة إقرار قانون انتخابي جديد، غير قانون الستين. مكررين في ذلك ما كانوا يرددونه في الأسابيع الماضية على مسامع اللبنانيين.
داخل قاعة مجلس النواب، لم يتطرق البحث الى تفاصيل القانون المرسل من مجلس الوزراء، برغم من طلب نائب رئيس المجلس فريد مكاري دراسة قانون الانتخابات الذي أمامهم مادة مادة. لكن أصحاب السعادة ظلوا "عم يدوروا ويلفوا حوله" يعلق أحد النواب المشاركين. ويقول النائب المستقبلي ساخراً من الجلسة: "إذا احتاج التأكيد على ضرورة إقرار قانون انتخابي جديد الى أربع ساعات، فإن دراسة أي قانون وإقراره سيحتاجان ربما الى سنوات إذا بقينا على هذا الإيقاع". لذلك، ومنعاً لهدر الوقت، اقترح النائب سامي الجميل وضع مدة زمنية لإنهاء دراسة القوانين الانتخابية، على أن يتم تحويلها الى الهيئة العامة للمجلس، خلال مدة لا تتجاوز الشهرين. لاقى اقتراح الجميل موافقة النواب ومباركة وزير الداخلية مروان شربل الذي أكد ضرورة التصويت عليه قبل اليوم الأول من العام 2013، لكي تستطيع وزارة الداخلية التحضير لوجستياً للانتخابات. وكان النائب الجميل قد أعلن تخوفه من الوصول الى مرحلة إذا "طال النقاش حول قوانين الانتخابات أن يقول وزير الداخلية إنه مضطر إلى إجراء الانتخابات بالقانون الحالي". يضيف: "لذلك اقترحنا أن يتم تحديد مهلة زمنية لإحالة القوانين على التصويت كما هي".

وكان كل من النواب الجميل وجورج عدوان وبطرس حرب قد قدموا اقتراح قانون انتخابات على أساس الدوائر الصغرى التي تؤمن كما قال الجميل "56 نائباً بأصوات المسيحيين". ورأى ممثلو فريق 14 آذار أن هذا القانون هو ما تم التوافق عليه في بكركي في حال "ما مشي قانون اللقاء الأرثوذكسي"، كما صرح النائب هادي حبيش. وقال حبيش إنه "خلال غدائنا في بكركي، قال البطريرك إن الأولوية هي للقاء الأرثوذكسي، وفي حال عدم التوافق عليه تكون الأولوية للدوائر الصغرى، وفي حال عدم التوافق على الاثنين، تكون الأولوية للنسبية مع 15 دائرة". لكن زميله آلان عون ممثل التيار الوطني الحر في لجنة بكركي نفى "وجود مثل هذا الاتفاق". مؤكداً أن "ما تم الاتفاق عليه في بكركي هو قانون اللقاء الأرثوذكسي أو النسبية مع الدوائر المتوسطة".

هكذا، بين هذا وذاك، تحول السجال داخل قاعة المجلس وخارجها على أي قانون انتخابي هو المناسب أكثر للمسيحيين. ويقول أحد النواب العونيين إن الأفضل هو "قانون اللقاء الأرثوذكسي الذي سيؤمن 64 نائباً مسيحياً، أما النسبية مع الدوائر المتوسطة فستؤمن ما بين 59 و61، فيما تؤمن الدوائر الصغرى ما بين 51 و56 نائباً". لكن، وبما أن النائب الشاب واقعي ويعرف أنه لا يمكن "إقرار اللقاء الأرثوذكسي، فلذلك من الأفضل مناقشة قانون النسبية مع الدوائر المتوسطة، على أن نناقش لاحقاً عدد الدوائر". هذا الطرح كان قد أكده النائب علي فياض داخل الجلسة مع ضرورة "اعتماد النسبية". وقال فياض إن "حزب الله سيسير في أي قانون انتخابي يوافق عليه حلفاؤنا، حتى لو خسرنا بعض المقاعد". واعتبر أن "النقاشات في اللجان المشتركة في جزء كبير منها غير موضوعية ولا تستند الى فكر علمي برفض النسبية".
من جهته، قال النائب إبراهيم كنعان "إننا نلتزم بالدوائر الـ 15 كما صدرت عن بكركي، ونحن مستعدون لتعديلها في مجلس النواب، ونتمنى كأولوية لنا أن نسير في قانون اللقاء الأرثوذكسي". بينما اعتبر عدوان أن "قانون الدوائر الصغرى يؤمن التمثيل الصحيح لكل الفئات اللبنانية". ورأى أحد نواب كتلة التغيير والإصلاح أن ما يجري الآن "هو مناورة لتغطية عملية الخروج من الاتفاق الذي تم في بكركي". وأضاف إن "تيار المستقبل يستخدم المسيحيين الآن لتغذية الانقسام المسيحي"، معتبراً أن تيار الحريري لا يزال يملك ورقة بيده وهي "النائب وليد جنبلاط الذي يرفض النسبية والدوائر المصغرة".
ورفع النائب مكاري الجلسة الى نهار الثلاثاء المقبل، على أن يتم عقد اجتماعين للجان المشتركة في الأسبوع "للخروج بأفضل قانون للانتخابات" كما قال.   

السابق
الشرق الأوسط: المعارضة السورية تعلن معركة الحسم في حلب والنظام يقصفها جوا وغلاق ساحة العباسيين في دمشق
التالي
اللواء: هايدبارك نيابي… والنتيجة كلام بكلام وسليمان يتمسّك باقتراع المغتربين