احمد قبلان: نريد دولة ومؤسسات تطبق القوانين على الكبار قبل الصغار

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة وأبرز ما جاء فيها:" يقال لا بل من المؤكد أن القائد الذي يخسر الأرض ولا يخسر الشعب يستطيع أن ينهض، في حين أن القائد الذي يخسر الشعب لا يمكن له أن ينتصر أبدا. من هنا ينبغي أن تبدأ انطلاقة أي قائد وأي قيادة تسعى أو تطمح لأن تنهض بشعبها وتنتصر لقضاياه، لأن تكامل القيادة والناس أمر ضروري وأساسي في عمليات الاستنهاض التنموية والتربوية والتثقيفية والاقتصادية أيضا، بعيدا عن الخطابات الطنانة والوعود الفارغة والمخادعة، وما نعانيه نحن بصورة خاصة وفي عالمنا العربي والإسلامي بصورة عامة هو هذا الجفاء بين القائد والناس أو بصورة أوضح هذا التباعد الذي يبلغ في بعض الحالات حد العداء بحيث نجد القائد في مكان والناس المفترض أن يكونوا سندا ودعما له في مكان آخر، لذا نرى هذه الفوضى في دولنا وعدم الاستقرار، نجد التخلف والفقر والبطالة، لأن القيادة المسؤولة غائبة عن هموم الناس ولا يهمها إن هم جاعوا أو شبعوا، كما لا يعنيها لا الأمن الاجتماعي ولا الاستقرار السياسي، وقد تكون الفوضى وعدم انتظام الأمور على النحو المعقول والمقبول من العوامل التي تخدم أهدافها وغاياتها، حيث نجدها في كثير من الحالات تبحث في كيفية الاحتفاظ بالسلطة والاستمرار فيها، هذه النمطية من القيادات العربية والإسلامية هي التي أفرزت هذا الواقع الاستبدادي والتسلطي الذي نعيشه وتعيشه دولنا، لأن فكرة تداول السلطة لا تزال غير مقبولة في عالمنا العربي والإسلامي، بل تواجه وتحارب بكل الوسائل، هذا لأننا نعيش تصحرا في الفكر ونضوبا في الثقافة".

اضاف:"نعم هناك منظرون ومحاضرون في علم السياسة لا يعدون ولا يحصون، ولكن في الحقيقة نجدهم جميعا يهرولون من أجل السلطة، وعندما يتحقق لهم ذلك ينسون كل ما قالوه ووعدوا به وساروا ضده، متنكرين لكل ما كانوا يعارضونه لدرجة أنهم يذهبون في الممارسة إلى كل ما كانوا يشكون منه وينتقدونه. كانوا ينتقدون الفساد فإذا بهم يفسدون، ينتقدون الاستنسابية والسعي إلى تحقيق المصالح والغايات الخاصة فإذا بهم يمارسونها على نحو أوسع ونطاق أكبر".

وتابع قبلان:"يروى أن أحد أمراء ألمانيا رأى في منامه ثلاثة فئران أحدهم بدين والثاني هزيل والثالث أعمى فاستدعى هذا الأمير عرافة بارعة لتفسر له هذا الحلم، وبعد أن أمعنت العرافة وفكرت مليا قالت للأمير: الفأر السمين هو رئيس وزرائك، والفأر الهزيل هو شعبك، والفأر الأعمى هو أنت. نعم نحن نعيش هذه الحالة، فالقيادة عمياء، والسلطة مستأثرة فيما الشعب يشكو الفقر والهزال، لذا ندعو إلى قيادة متبصرة ترى وتعمل وتحاسب، لأننا نريد دولة ومؤسسات وإدارات تطبق القوانين على الكبار قبل الصغار، نريد قيادات تكون في خدمة الناس لا تخادع ولا تراوغ ولا تستغل ولا تستبد ولا تستأثر ولا تفصل القوانين على مقياس مصالحها ووفق الأطر التي تسمح لها بأن تبقى متسلطنة ومتسلطة ومستحكمة برقاب العباد، نريد قيادة لينة الجانب تحفظ الجناح وتبسط الوجه وتواسي بين الناس في اللحظة والنظرة، نريد عدالة اجتماعية ونهضة تنموية وتربوية تخرجنا من هذا الكابوس المزعج والمخيف الذي يلف البلاد من أقصاها إلى أقصاها".

ودعا قبلان "المسؤولين إلى وقفة تأمل ويقظة ضمير تدفعهم إلى استصلاح الأمور والتطلع إليها بعين المصلحة العامة وليس بما يخدم هذا الفريق ويضمن هيمنة ذاك الفريق، نحن لا نريد أفرقاء في لبنان نحن نريد جماعة موحدة ومتوحدة ومتلاقية في شتى الأمور والقضايا الخلافية، لاسيما في هذه الظروف الصعبة والمصيرية لأنه لا يجوز أن نستمر في خلافاتنا ونزاعاتنا، في حين أن الأمن معدوم والاقتصاد مهدد والبطالة على أشدها والوضع المعيشي متأزم والفساد يضرب في البلاد والمؤسسات طولا وعرضا، وأغلب الناس عاجزون عن إدخال أولادهم إلى المدارس في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأقساط وغياب المسؤولين عن المحاسبة والمراقبة وتقاعسهم عن وضع المعالجات وإيجاد الحلول لمثل هذه المعضلات الاجتماعية وخاصة التي نعيشها مع بداية كل عام دراسي. على الحكومة العمل الجاد على إيجاد النظام التعليمي المجاني بكل مستلزماته لكل مواطن لبناني وإيجاد الحلول الناجعة لاستشفاء المريض من دون الوقوف على أبواب المستشفيات الخاصة والعامة وقفة ذليلة مهانة نهايتها موت المريض بثمن بخس".

وختم قبلان بالقول:"لقد آن الأوان لأن نخرج من هذه الجدليات العقيمة، ونبدأ التفكير الجدي والسليم في كيفية إنقاذ شعبنا، والمحافظة على بلدنا من خلال تعزيز الثوابت الوطنية، وترسيخ ميثاقية العيش المشترك، وتكريس المشاركة الوطنية عبر الحوار البناء والمجدي الذي يوصلنا إلى تفاهمات وتوافقات تبعد عن هذا البلد تداعيات وانعكاسات ما يجري في المنطقة".   

السابق
المطارنة الموارنة: الزامية ان يتضمن القانون الاتنتخابي الاصلاحات الكفيلة بتأمين حرية الناخب وتحديد سقف الانفاق الانتخابي بكل أشكاله
التالي
زين الدين: نقف خلف الجيش في انطلاقته الى البقاع لمحاربة الواقع الشاذ