يا أهل السنة … أهل القطيف (الشيعة) يموتون !!

إذا كان من مصلحة النظام السعودي المتآمر على المصالح العربية أن يضفى على الحراك الشعبي السلمي في القطيف و في عديد المدن السعودية المطالب بالحريات و الديمقراطية و التداول السلمي للسلطة و التوزيع العادل للثروات و محاسبة رموز النظام السعودى على حالات الفساد الأخلاقي والمالي التي زكت الأنوف في العالم أجمع و الخروج من نظام شمولي استبدادي صرف إلى نظام تعددي حزبي تكون فيه مساءلة و محاسبة… قلت من مصلحته الواضحة أن يضفى على هذا الحراك طابع الطائفية و الخروج عن الحاكم و الزندقة الفكرية فان ذالك لم يحجب للعالم الوجه الحقيقي لهذا النظام الفرعوني الموغل في الاستبداد و التطرف و الإرهاب.

يدرك نظام غسيل الأموال السعودي الذي يتشدق في المنابر العالمية و أخيرا في الجمعية العامة للأمم المتحدة بكونه “واحة” للحريات و الديمقراطية أن هذا الخطاب لا يقنع أحدا ويدرك أن النار التي لامست ثيابه من كل الأطراف آتية لا محالة و أن بداية العد العكسي لسقوط واحد من أكثر النظم العالمية شمولية و استبدادا و سقوطا أخلاقيا قد بدأ و لا مفر من الاعتراف اليوم أن مثل هذه الأنظمة لا مكان لها في عالم اليوم.
مع أن منطقة القطيف و الإحساء تضم أكثر و أكبر حقول النفط و مصافي التكرير فقد تعمد النظام تهميش جزء هام من شعبه تحت ذريعة عنصرية لا علاقة لها بالدين و لا بالشريعة و لا بالأخلاق الإسلامية و هي اختياره العلني للمذهب الشيعي في بلد أغلبيته سنية يعتبر هذا الاتجاه من قبيل الكفر و الخروج عن الطاعة و الموالاة و لعل هذا الفكر القروسطى يشبه إلى حد بعيد نظام الميز العنصري الذي ذهب مع ذهاب نظام فيليب دو كلارك في جنوب أفريقيا.

هل أن التشيع جريمة ؟ … بالنسبة للنظام السعودي التشيع أكبر من جريمة و يرقى إلى الخيانة العظمى و لذلك أطلق النظام المتآكل كل أبواقه الإعلامية ذات الاتجاه الواحد و سخر في الخارج عديد ” الأقلام” التي تسبح بحمده ليلا نهارا و سخر منظومة مافيا الإفتاء التي لا تكل و لا تمل لتنــزع عن المطالب الشعبية لأهل القطيف و غيرها من المدن السعودية المتعاطفة معها و المتبنية لمطالبها خاصة و أن المجتمع السعودي ككل يعانى من نفس المشاكل و يريد تحقيق نفس المطالب.
يعتبر بعض “علماء” الوهابيين أن الحراك في القطيف لا يستحق التعامل معه إلا بالقوة و التنديد و التكفير بل أن جمال الخا شقجى أحد كتاب ” التكفير” يعتبر التعامل مع هذا الجزء من الوطن و الحوار معه بمثابة التعامل و الحوار مع…القاعدة مع أن الكل يعلم أن القاعدة نفسها هي صنيعة سعودية بامتياز فكرا و تسليحا و تمويلا و “ثقافة” و الكل يعلم أن القيادة السعودية تنــظر بعيــن الرضا الكامل إلى جرائمها الإرهابية في العراق و سوريا و لبنان و كل البلدان العربية دون استثناء و الأمير بندر هو من يشرف بنفسه على “تواجدها” في كل الأقطار العربية خدمة للمشروع الصهيوني و خلقا لحالات من عدم الأمن يستفيد منها النظام إعلاميا و فكريا لطرح نفسه كمثال للأمن و الاستقرار.

مع أن المشكلة في السعودية تتعلق بمطالب اجتماعية إصلاحية شعبية تنسحب على كل الأعمار و الفئات و التوجهات الفكرية و العقائدية فان النظام يعمل بطريقة فرق تسد و لا يرى حرجا في وصف مطالب شعبه مهما كانت صادرة عن أقلية أو أكثرية بالتمرد و الخروج عن الحاكم و التكفير و العمالة للخارج و عدم الوطنية و لذلك خرج ما يسمى برئيس هيئة كبار العلماء و إدارات البحوث العلمية و الإفتاء عبد العزيز بن عبد الله آل شيخ ناعتا شعبه المتظاهر سلميا بالشرذمة و الخوارج التي لها أهداف مشبوهة تمليها أسيادهم و أنهم مجرد فئة ضالة خبيثة و أن هؤلاء المواطنين ليسوا من الشعب السعودي و لا علاقة لهم بالسعودية…أي نعم.

و مع أن الجميع يدرك أن صاحب العمامة لا علاقة له بالواقع و لا ينطق باسم المطالب الشعبية المحقة التي كان من المفترض أنه أول من يتبناها و ينصح بها و لا يكتفي بمجاراة نظام أثبت أنه يسعى للبقاء في الحكم مهما كلف الأمر مـــن قتلى و جرحى و أضرار و حالات من الغضب و الاحتقان و الإحباط و مهما توسعت حالة الشرخ بين الحاكم و المحكوم فان كثيرا من الملاحظين يعرفون أن المؤسسة الإفتائية الدينية لا تجيد الانتباه إلى المشاكل و المصاعب التي يعانيها الشعب السعودي و تكتفي بدورها المحدد لها سلفا و هو خدمة النظام و تطويع الآيات القرءانية و الأحاديث النبوية إلى غاية السلطة في تركبع الشعب و ترويعه
إن النظام السعودي القائم على الابتزاز و الفساد و الاستبداد كغيره من الأنظمة الشمولية لا يدرك أن هـذا الحراك الشعبي السلمي العفوى الـــذي جوبــه بالرصاص و القتل و السجن و الترويع و انتهاك الأعراض و حرمات البيوت الآمنة سيخلق حالة من التفاعل الذهني المطلبى اليومي و أن هذه الحالة الفكرية الرافضة لهذا النظام الاستبدادي هي التي ستوقظ العزائم و ترفع من نسق مطالب التغيير الشامل خاصة في هرم النظام الذي لم يعد مسموحا بوجوده في محيط يتحرك و يتغير… إن هذا النظام لا يدرك أن الشعوب قد خرجت من حالة الخوف و امتلكت ثقتها بنفسها و أن النار و الحديد لا يمكنها أن تغلب إرادة الحياة و صنع المستقبل تأييدا لقول شاعر تونس الأول أبو القاسم الشابى “إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد للقيد أن ينكسر”.

لقد بات مطلب التغيير في السعودية مطلبا شعبيا عاما ملحا و بات ظاهرا أن النظام يتعامل مع هذا الحراك المتنامي كظاهرة معزولة عن محيطها و أسبابها بل يجمع المراقبون في كل وسائل الإعلام و الفكر أن النظام قد تحول إلى مجرد عصابة و طبقة حاكمة منعزلة عن واقع شعبها و منعزلة بإرادتها عن حالات التغيير التي تحصل في العالم و لا شك أن لصحافة الرأي الواحد و منظومة الإفتاء المضللة دور سلبي في فهم النظام لحقيقة ما يحدث بل أن سبب سقوط النظام سيكون لاعتماده المطلق على دور هاتين المنظومتين مع منظومة العصا الأمنية.

لقد سقطت “اللغة” التي اعتمدها رموز النظام و رموز الإعلام و رموز دار الإفتاء بأن ما يحدث في القطيف و غيرها من المدن السعودية هي حالات معزولة و موتورة بل كان لافتا تماهى عديد الرموز الحرة المنتصرة للحق من الوجوه السنية البارزة في المجتمع السعودي لتأييد المطالب الشعبية مهما كان مطلقها و المنتسب إليها وقد تعالت عديد الأصوات ذات الوزن الثقيل مثل الدكتورة مضاوى الرشيد و الدكتور كساب العنيبى و الدكتور سعد الفقيه و بالتوازي فقد حفل الفضاء الافتراضي بعديد مقالات الرأي التي تصف الوضع السعودي بالسىء و القابل للانفجار بل المقبل على أيام عصيبة ستعيد للأذهان حالات المد الشعبي في تونس و مصر و ما شبه الهدوء النسبي الذي نراه إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة .

إن الأقلام و الضمائر الحرة لها دور في مساندة الحراك السلمي الشعبي في السعودية و هي مدعوة ألان إلى التفاعل و إبراز حقيقة ما يجرى في السعودية من استبداد و فساد و قتل و لا يمكن تصور أن عديد الأحرار و الجمعيات المدنية ذات الصلة و عديد وسائل الإعلام و كبار المفكرين في العالم يتفهمون ما يحدث و ينادون لمساندة الحراك السعودي و يخرجون في مظاهرات يومية و بقية النخب العربية صامتة إزاء حالات التعذيب و القتل و الفساد التي يتعرض لها الشعب السعودي الشقيق بكل أطيافه سنة و شيعة لأنه بخلاف النظام السعودي فان أهل السنة لا يؤمنون بان ما يحدث في السعودية هو مطلب شيعي بل هو مطلب شعبي عام.
القلم مسؤولية و التاريخ مسؤولية و نصرة المظلوم مسؤولية.  

السابق
مشاركون نصرة للأسير أم للرسول؟
التالي
دعت معجبيها لعرض صورهم العارية