هكذا قتلنا الطفولة مرة أخرى … في بنت جبيل

لأنني أرفض أن أكون مشاركاً في الجريمة، ولأن ضميري الإنساني يرفض التخلي عن هذه القضية، قررت أن أتكلم من جديد في هذا المقال عن الجريمة التي تماشى معها الواقع الإنساني حتى تناساها فباتت من الماضي رغم أن هذه القصة لم يمض عليها أكثر من أربع شهور منذ إكتشافها، و9 شهور حين إرتفعت روح الطفلة البريئة الى السماء.
لأنها لو كانت إبنتي ما سكت عن حقها أبداً، ولأنني لم أجد من يأتي بحقها حتى تنام قريرة العين في بيتها الصغير (قبرها)، قررت إعادة هذه القضية الإنسانية الى الواجهة، لإحياء أمل إسترجاع حقها ولتكريس مفهوم المحاسبة الرادع الوحيد لإرتكاب مثل هذه الأخطاء مرة أخرى.

هي الطفلة نورا التي سبق وكتبنا عنها، هي الطفلة التي لم يرحمها لا أب ولا زوجة أب ولا طبيب.
ماذا حصل؟ والى أين وصلت هذه القضية؟ ومن عمل على المساعدة على حلها ومن لعب دور وضع العصي بالدواليب ؟

أسئلة مشروعة يطرحها المهتمين بمتابعة القضية الى اليوم، وللأمانة سأقول أن ما من أحد عانى بعد كشف هذه القضية أكثر من الشاهدة صاحبة الضمير الإنساني، والتي تعرضت للعزلة من قبل إدارتها في مركز الشؤون وتعرضت للتحقيق معها من قبل إدارتها الأعلى في المنطقة حيث لم يتطرق التحقيق الى الطفلة أبداً بل كان همهم عن تسريب الموظفة معلومات من مركز تابع للدولة. عفوا أعزائي الإدارة الحاكمة بفعل القوة والهيمنة الحركية!! هل أهانت هذه الجريمة مقامكم؟ هل جرحت مشاعركم؟ أم فقط منعا لإحراجكم تضيقون على صاحبة الحق في الحديث؟ هل يُحقق مع الشاهد وكأنه متهم ويُترك المتهم حر طليق؟

  
وللحق أقول لم ينتظر معالي وزير الشؤون الإجتماعية أن تصل اليه تقارير من مركز بنت جبيل، بل ذهب هو الى هناك ليتحقق مما جرى، وقد شاهدناه على شاشات التلفزة كلها، ولم يكتف معاليه بالزيارة بل بادر بعدة إجراءات داخل إدارته، فأمر بإعطاء تنويه بحق الموظفة الشاهدة لضميرها الحيّ وأمر بفصل الطبيب المناوب وبتوجيه انذار الى مديرة المركز في بنت جبيل لتقاعسهما وتجاهلهما لقضية إنسانية أودت بحياة طفلة بريئة، لكن معاليه لم يعلم أن التنويه لم تحصل عليه الشاهدة الا بعد فترة من الزمن حين علمت مديرة المركز أن عدم تنفيذ قرارات الوزير سيجلب لها مشاكل جديدة، ولم يعلم أيضاً ان الطبيب المتعاقد لم يُفصل مباشرة بل بقي لأكثر من شهر في مكانه يداوم ويعمل وكأن شيئا لم يكن.

لكن كما سبق وذكرنا حين شعرت مديرة مركز بنت جبيل بأن عصيانها لقرارات الوزير قد تصل للوزير، سارعت الى تنفيذها. ثم تدخّل في وقت لاحق السياسي الجنوبي رياض الأسعد حين علم بأن الشاهدة تتعرض لضغوط كثيرة في هذه القضية من عدة أطراف في المنطقة، مديرة المركز(وزوجها الطبيب المتعاقد في نفس المركز)، ورئيس لجنة المركز في تبنين (ع. ح) الذي طلب كل من الشاهدتين بالحضور للتحقيق معهن في أمور أبعد ما تكون عن أحداث الجريمة بحدّ ذاتها والإستفادة من شهادتهن في القضية، الى الإستجواب من قبل رئيس دائرة النبطية (دكتور ز.إ) الذي غاص في تحقيق بعيد كل البعد عن الطفلة، وبات التحقيق عن كيفية تسريب المعلومات بدل أن يكون كيف تم تجاهل هذه الطفلة حين اتت الى المركز، متناسين جميعاً أن لديهم أطفال ممكن ان يكونوا يوما في مثل موقف نورا, هجرة الرحمة قلوبهم دون رجعة، ومن باب الصدفة أن كلهم من خط سياسي واحد، وكأن هذا الحزب أصبحت مصلحة بقاء أفراده فوق مصلحة المجتمع، يتغاضون عما يريدون ويفتحوا أبواب جهنم عمّا يريدون غير آبهين الا لمصالحهم الشخصية الضيقة بالمقام الأول والى مصلحة حركتهم في المقام الثاني.

ثم الأهم أين القضاء من هذه الجريمة، فلم يتم إستدعاء أحد لا من قبل أهل الطفلة ولا من المركز المذكور، ولم يستدع الشهود لأخذ أقوالهم في القضية !! ماذا تنتظر وزارة العدل حتى تباشر بالتحقيق بقضية واضحة المعالم؟ أم ان هناك من يضع العوائق أيضاً من قبل أصحاب النفوذ في المنطقة؟

ويُقال أن الطفلة نورا كانت تقطن مع ذويها في بيت صغير داخل حرم فيلا تابع لسفير لبناني لدى احدى الدول الإفريقيا، ومنعا لإثارة ضجة للسفير تم التعتيم على قضية الطفلة ومقتلها، وقد وصلت تهديدات غير مباشرة من قبل نافذين بان يجب التوقف عن تتبع القضية وإثارتها، لكن والحمد لله كان عكس ما ظنوا لكن مازلوا الأقوى للآسف في ساحة مثل الساحة اللبنانية مفتوحة على الفساد وتخطي رقاب البشر على مزاجيتهم، والكيل بمكيالين.
أتمنى أن يأخذ المعنيين وأصحاب الضمائر الصاحية موقفاً حازماً بالقضية ومتابعتها حتى نهايتها، متخطين أقزام هذا البلد الذي لا ينفكوا يقفون حجر عثرة في طريق أحقاق العدالة.

لتذكر قصة نورا :

http://www.janoubia.com/modules.php?name=News&file=article&sid=31204





السابق
ماذا يحصل داخل هيكلية حزب الله؟
التالي
اقتراحٌ غير مُبكر على رئيس الجمهورية