رئاسة الجمهورية والملفات التي تسبقها

يُعرَف عن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه ثاقب النظرة ولا سيما في الأمور السياسية، ومُبادِر شجاع حين يتوانى الآخرون على الإقدام. يتعاطى السياسة تكتيكياً واستراتيجياً، ويمارسها على طريقة لاعب الشطرنج، يتناول طعام الغداء مع الرئيس فؤاد السنيورة، بعدما تناول الغداء مع الرئيس نجيب ميقاتي الأسبوع الماضي، يُطلِق مواقفه السياسية من خارج السياق الذي يكون مطروحاً فيُفاجىء المتلقِّين لأنه يكون موقفاً غير مرتبط بحدث معيَّن.

حين طرح مبادرة طاولة الحوار في آذار من العام 2006، أي منذ قرابة الستة أعوام، خرج مَن يقول إن رئيس مجلس النواب يناور وأن هذه الطاولة لن تصمد أكثر من جلسة أو جلستين، ها نحن اليوم نقترب من طي سنتها السادسة وكأن هذه الطاولة في يومها الأول.
بالأمس، وفيما كل مسؤول منهمكٌ بملفه، وفيما كل مواطن منشغل بهمومه، فاجأ الرئيس بري الجميع من دون استثناء، مسؤولين وسياسيين ومواطنين بالإعلان أن معركة الإنتخابات الرئاسية قد فُتِحت:
للتذكير فإن الاستحقاق الرئاسي هو في أيار 2014 أي بعد سنتين إلا أربعة أشهر فلماذا استعجل الرئيس بري فتح المعركة الرئاسية؟
تعددت القراءات لهذه المفاجأة التي فجَّرها الرئيس نبيه بري:

فمنهم مَن يرى أنه تسرَّع في فتح المعركة، فقبلها هناك معارك الانتخابات النيابية، ومنهم مَن يرى أن نتائج هذه الانتخابات النيابية تُحدِّد مسار الانتخابات الرئاسية.
ومن القراءات أيضاً أن هناك مَن يعتقد بأن العماد ميشال عون ما زال مرشحاً قوياً لرئاسة الجمهورية وبالتالي فإن محاولة اغتياله تؤشر إلى محاولة إزاحته من الطريق الى بعبدا، وربما لهذا السبب قال الرئيس نبيه بري إن معركة الرئاسة فُتِحَت من الآن.
منهم مَن يقرأ في ما قاله إنه تجاوزٌ لكل الملفات المطروحة والتركيز فقط على الرئاسة.

أياً تكن القراءات فإن ذلك لا يعني أن أوان فتح ملف انتخابات الرئاسة قد فُتِح، هناك سنتان تفصلان عن هذا الاستحقاق، وحتى ذلك الحين وذلك التاريخ يخلق الله ما لا تعلمون، فقبل هذا الاستحقاق الذي يتخذ صفة المؤجَّل هناك إستحقاقات تتخذ صفة المعجَّل ومنها:
ملف الرتب والرواتب والزيادات الذي يبدو أنه سيكون ملفاً متفجِّراً من الآن وصاعداً في ظل غياب الرؤية والرؤيا له.
ملف الوضع الأمني في ظل تمادي عمليات الخطف على الفدية حيث يبدو أن هذه العمليات مستمرة على رغم كل الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية للحد من أثر تفشي هذه الظاهرة.
ويبقى الملف الأكبر وهو مدى تأثر لبنان بما يجري من حوله، ومدى تسلحه بالمناعة الكافية لعدم التأثر بهذه الأحداث المتصاعدة.

بعد هذه الملفات قد يجد اللبناني بعضاً من الوقت للتفكير في… الرئاسة.
  

السابق
مقتل طفل يشعل احتجاجات نادرة ضد حماس في غزة
التالي
لماذا استقال فريدريك هوف في هذه اللحظة الحساسة ؟