عقدة الحل: الانطلاق قبل الوصول


الرئيس باراك اوباما يفتتح موسم الخطابة في نيويورك بتكرار الموقف الأميركي المعلن منذ شهور: نظام الرئيس بشار الاسد يجب ان ينتهي، ومعاناة الشعب السوري يجب ان تنتهي. لكن النظام يتصرف، بالخطاب السياسي والفعل العسكري، على اساس ان ما يجب ان ينتهي هو المؤامرة الكونية على سوريا، وان ما يحتاجه لذلك هو بعض الوقت. لا بل يوحي انه الثابت، ويتوقع ان يكون المتغير هو السياسات الفاشلة في إسقاطه. ولا شيء يتقدم على حسابات اللعبة الاستراتيجية التي تدار بها حرب سوريا. لا المأساة الانسانية الرهيبة التي لا نهاية فيها لمعاناة الشعب السوري. ولا تحذيرات الممثل الخاص المشترك الأخضر الابراهيمي من خطر الوضع السيئ الذي يزداد سوءاً على المنطقة والأمل والسلام في العالم.
ذلك أن قوة الاندفاع في الخيار العسكري مرتبطة بعقدة الحل السياسي التي كان محورها ولا يزال مسألة واحدة: تنحي أو عدم تنحي الرئيس بشار الأسد. فلا بداية للمرحلة الانتقالية الى نظام ديمقراطي تعددي من دون التنحي، كما يشترط المعارضون وحلفاؤهم. ولا مرحلة انتقالية الا بالحوار بين النظام والمعارضين وكل فئات الشعب على الاصلاحات السياسية، كما يقول النظام وحلفاؤه. والوقت فات على الحوار. ولم يعد الاصلاح يكفي وسط الحاجة الى التغيير كما يقول الابراهيمي.

والمشكلة ان الطريق مسدود من نقطة الانطلاق قبل الحديث عن نقطة الوصول. فالممثل الخاص اعتبر ان الأزمة صارت من اختصاص مجلس الأمن. والمجلس منقسم على نفسه، بحيث يعترف الابراهيمي بأنه لا شيء من دون ان يدعمه مجلس يتحدث بصوت واحد.
والانتقال من نظام شمولي الى نظام تعددي ديمقراطي له شرطان، كما تنقل مجلة نورين بوليسي عن خبيرة سياسية رافقت التحولات في موسكو والمعسكر الاشتراكي. أولهما وجود نخبة مستعدّة لتسليم السلطة. وثانيهما وجود نخبة بديلة منظمة لتسلم السلطة. والشرطان غير متوافرين في سوريا. فلا نخبة النظام مستعدّة لتسليم السلطة. ولا في المعارضة المنقسمة نخبة بديلة منظمة تستطيع تسلم السلطة.
والسؤال هو: ما الذي يستطيع فعله الأخضر الابراهيمي الذي جاء الى المنطقة بمهمة شبه مستحيلة وعاد منها محبطاً؟ صحيح انه ترك نافذة صغيرة للأمل بعدما رسم صورة مخيفة للوضع. لكن الصحيح أيضا انه وجد نفسه بين نظام يريد مهمة مستحيلة هي استعادة سوريا القديمة ومعارضين يريدون بناء سوريا الجديدة من دون أن يضمنوا الطريق اليها. وبين المتصارعين على سوريا القديمة وسوريا الجديدة، فان سوريا التي عرفناها تكاد تنتهي.  

السابق
14 آذار المستفيد الوحيد من اغتيال عون
التالي
عون بين الاغتيالات ومحاولات الاغتيال