مهمة انقاذ سوريا في مأزق مزدوج

لا أولوية تتقدم على انقاذ سوريا. وهو عنوان المؤتمر الوطني الذي جرى عقده في دمشق. مؤتمر بمبادرة من هيئة التنسيق للقوى الوطنية وحضور ممثلي عشرين حزباً من معارضة الداخل، بدعم روسي وصيني وايراني وحراسة امنية سورية. ولم يكن خارج المألوف ان يقاطعه بعض المعارضين في الداخل، ويهاجمه معارضو الخارج، وتنتقد صحف النظام بيانه الختامي. ولا ان يكون السفير الروسي احد الخطباء الاساسيين. لكن السؤال ليس كيف يمكن انقاذ سوريا، وهو الهم الكبير للسوريين، بل أين يقف اللاعبون وما الذي يريدون انقاذه؟ سوريا كدولة وشعب ودور أم النظام؟ مصالح الشعب السوري أم مصالحهم؟
سقف الحل الذي طرحه المؤتمرون عال جدا: اسقاط النظام بكافة مرتكزاته ورموزه. والأرض التي يقضون عليها متحركة وسط بركان من العنف والخيارات العسكرية المتصادمة. هم ضد التدخل الخارجي وعسكرة المعارضة وتسليح المدنيين، وان قبلوا ما هو نصف عسكرة عبر التسليم بدور الجيش السوري الحر الذي فرض قيامه لجوء النظام الى الخيار الأمني – العسكري، وصار جزءا من الثورة. وخيارهم هو النضال السلمي.

لكن المعادلة التي تحكمهم هي الوجه الآخر للمعادلة التي تتحكم بالمعارضين في الخارج. معارضو الداخل يريدون ان يأخذوا بالحل السياسي ما لا يستطيعون الوصول اليه ويرفضه النظام. ومعارضو الخارج يريدون ان يأخذوا بالقتال ما لا يستطيعون التوصل اليه في مواجهة النواة المتماسكة للنظام عسكريا وامنيا. فلا معارضة الداخل للتدخل العسكري الخارجي هي التي تمنعه اذا دقت ساعته على التوقيت الأميركي. ولا مطالبة معارضي الخارج بالتدخل العسكري وقرار ملزم في مجلس الأمن تبدل في مواقف الكبار المنقسمين.
فضلاً عن ان الممثل الخاص المشترك الأخضر الابراهيمي أخذ الدور ولا يزال يبحث عن خطة للحل السياسي. فلا في يده عقد مؤتمر دولي للحل تطالبه به معارضة الداخل، بصرف النظر عن كون مؤتمر كهذا اعلى مراحل التدخل الخارجي، ولا حكم معارضي الخارج على مهمته بالفشل يجعل الحل العسكري البديل ناجحاً.
ذلك ان المأزق مزدوج في سوريا. الحل العسكري في مأزق، سواء بالنسبة الى النظام أو المعارضين. والحل السياسي في مأزق محلي واقليمي ودولي. ولا شيء يوحي ان المخرج قريب، سواء بسبب عدم القدرة لدى اللاعبين على المسرح أو عدم الرغبة لدى اللاعبين في الكواليس.
واذا صدقنا ما يقال في العواصم عن مخاطر الوضع على سوريا وجيرانها والعالم، فان انقاذ سوريا هو مفتاح رد المخاطر ويجب ان تكون له الاولوية القصوى.   

السابق
iPhone 5.. قد يظهركم عراة
التالي
هل يتخطى الإبراهيمي الوقت الضائع؟